حكايات

ج(14) ناموا ليلتهم في ضيافة شيخ القبيلة، وما إن أدركهم الفجر حتّى غادروا نحو ضالتهم، ساروا باحثين عن "نجم الدّين" وإخوته، يتبعون الطريق التي دلّهم عليها الشيخ علي بن حنّاش، ويذلّلون صعاب المسالك بالسؤال وخطر المهالك بالحذر... قضوا قرابة أسبوع وهم على تلك الحال يودّعون بلادا ليدخلوا غيرها،...
كان يقف عند نافذة حجرته يراقب تساقط الثلوج المستمرة ،ندف قطن تتطاير بغزارة من سديم أبيض ، إنّه يعدّ الساعات المتعاقبة علّها تتسارع كي يحلّ المساء ،لتحضر عنق حمام إلى مجلسه فتدفىء أرجاءه و روحه التي يدبّ إليها البرد غير متوانٍ ... علا صوت صهيل الخيل في الإصطبل، فتطايَر إلى حجرته الصامتة...
ج(10) عاودت العاصفة الثّلجية وكانت أعنف من سابقتها ... لقد كانت إشراقة شمس تلك الأيّام القلائل السابقة مختلسة من ربيع زائر في غير موعده كان صحو الأيام فيها فرصة لخروج السكان للتبضّع و التسوّق و تبادل مختلف المصالح والأغراض . أبكرت عنق حمام إلى خمّ الدّجاج ،واختارت ديكا وديكا،قام باز...
ج(9) دخل "باز" لاهثا بعد طلب إذن الدخول، وقال وهو يسترجع هدوء أنفاسه التي تسارعت بسبب الركض: ـــ سيّدي خليفة... رسول من سيّدتي "سعدى" يرغب في لقائكم. ـــ ليس من عادة ابنتي سعدى إرسال رسول في أيّام الشتاء المثلجة! أدخله حتّى أرى ما خطبه؟ أبلغه رسول سعدى بأنّها تستعجل قدومه حتّى...
ج(8) تشكّلت برك مائية أمام عتبات المنازل، فقد انقشع الضباب الذي غشي صباحهم، وأشرقت شمس شتائهم البارد المثلج، تداعت الثلوج لحرارة الشمس فانصهرت وجرت في شكل سيول تخترق الأرض وشقوق الصخور. صادفها "باز" ـــ سائس زريبة الغنم ـــ وقد أثارته خطواتها المتسارعة وهي تتجّه نحو ديار وافدين من بني...
ج(7) أغلق شاهين باب المربط، وغادر *شبه* متسلّل تاركا وراءه بقية الغلمان نياما، سار بخفّة نحو دار سيّده المرحوم أحمد، فقد كان يحبّه ويراه بمثابة والده الذي لم يعرفه يوما، ويجد في حنو السيّدة زينب عوضا عن أمّه التي بالكاد يتذكّر ملامحها. وجدها بانتظاره فحيّاها تحية اِبن لأمّه، أشفق لتدهور...
ج(6) كان صباحا أبيض الملمح، أبكر الشيخ خليفة بالاستيقاظ، وأزاح الثلوج التي تراكمت حول باب مدخل داره، تفقّد الزريبة ومربط الخيل، وأوصى غلمانه بعلف المواشي، فلا مجال ليسرحوا بها والثلوج تعاند وتتساقط بكثافة فتشكّل هضابا بيضاء لمّاعة ترصّعها طبقة الصقيع التي ترافق صباحاتهم الباردة. رأى خليفة...
ج (5) حلّ اللّيل الدّامس، وقطعت الثلوج المتساقطة الممرّ المؤدّي إلى بيت الحكّاءة "عنق حمام" ولم يعد بإمكان الشيخ خليفة التنقّل، إلاّ لتفقّد المواشي في الزريبة والخيل التي يبيت غلمانه قريبا منها لتفقّدها، وتلبية طلباته. ألحّت عليه لهفته لاستكمال الحكاية، فأرسل غلامه في طلبها... حمل الغلام مشعلا...
(4) دقّت "عنق حمام" باب غرفته، ودخلت وبيدها طبق سعف به تمر "القرباعي"، تبسّم الشيخ خليفة لمّا رآها مقبلة، مدّ يده لطبق التمر، وأخذ يأكل منه ثم قال بنبرة ملهوفة: ـــ وماذا عن الشيخ أحمد وأولاده؟ اعتدلت في جلستها أمام كانون الجمر، ثمّ قالت: تزوّد الشيخ أحمد، وشدّ الرحال ـــ حيث لا...
استقدم الشيخ أحمد جميع غلمانه، وسألهم عن موضوع هجرة أبنائه لكنّهم أنكروا علمهم للموضوع، ولمّا رأته الخادمة شامة محتارا مشوّشا تقدّمت منه وقالت بنبرة وجلة: ــــ سيّدي أحمد لدي ما أقوله حول هجرة الأولاد. انفرجت عيناه، وتجهّم وجهه وقال بصوت هو أقرب للصراخ والتأنيب: ــــ ويحك. ألك...
ج2 انقضت أشهر الحمل وجاءها المخاض، اجتمعت النسوة ـــ من المقربات في القرية ـــ في سقيفة الدار يترقّبن وكنّ قد سمعن خبر هجرة أولادها إذا ما كان المولود ذكرا. كانت إلى جوارها في مخدعها خادمتها الخالة "شامة" والقابلة العجوز " كنانة"،توجّعت السيّدة "زينب" واستطاعت بفضل قوّة جسدها أن تتجاوز...
1- حبحب رمّان ج1 نوبة شتاء قاسية، حلّ اللّيل وعاند الثلج المندوف واستمرّ يتساقط، وما فتىء إلاّ أن عاند الربيع بدوره وأرسل بطيف من أطيافه، فتسلّل وبان في حزّة البرد فكان ثلجا وبقايا ربيع تجلّى في الحكّاءة الهلايلية "عنق حمام"...
حكاية كتاب كنت أثق تمام الثقة، أن هذا العمل مدهش.... شيء عجيب أن تؤمن بعمل لك وتقتنع به كل هذا الاقتناع! مع كل جملة من جمله كنت أشعر وكأن روح خفية هي التي تكتب وتصوغ وترسم الأحداث، وكأنني مجرد أداة لطرح أفكارها .. حتى طريقة بناء العمل، والمناخ الذي تدور فيه الأحداث، وعلاقات الشخصيات المركبة...
أعلى