سرد

دعوت خادمي لمقابلتي، حتى إذا وقف أمامي وهبته مائة دينار. اشتعل وجهه سروراً، حتى بانت نواجذه، وظهر معها سني الذهب. لكن سعادته سرعان ما تبدلت إلى تساؤل. قلت له: - إنها خارج راتبك فاشتعل سروراً من جديد. - لكنها ليست لك فبان الكدر عليه. - إنها لعلاج ابنتك اكتسى وجهه بالوجوم. رفعت إصبعي...
دق الجرس مؤذناً بانتهاء اليوم الدراسي، وتدافع الأطفال من على مقاعدهم زرافات إلى الخارج، حتى مدرّس الفصل سارع إلى الخروج دون أن يلتفت إليه وهو التلميذ الجالس على مقعده، وقد أمسك بملابسه في خوف. كانت عيناه قد ادخرتا من الألم، ما زاد على حاجة طفل صغير، فهما تشبهان نجمين بعيدين في ليل دامس، وكساهما...
دقائق معدودة تفضّل بها رغم مشاغله، لم أتوقع أن أحظى بها... - في بيته فقط تبدو الأشياء على حقيقتها ذلك ما أخبرني به الحاج صالح الفرّاش... - وماذا أيضا؟ ابتسم.. - عليك أن تكتشف الأمر بنفسك. ساعتان من المشي السريع، في أزقّة موحشة وطرق غير معبّده، والطقس شديد الحرارة كثيف الرطوبة، ورغم ذلك كنت...
وحده يسير, وتراب الجسر يشعل النار في قدميه الحافيتين, وجمرة تحط علي رأسه من أثر حزمة القصب التي يحملها منذ ساعتين, متباطئا تحتها, والنسائم تعبر ثقيلة من تحت إبطيه المفتوحين علي غبار الطريق. حين وصل إلي شجرة السنط السامقة التي تعلو حقلنا, أناخ جسده, وحط عن رأسه حزمه القصب, ورفع هامته, تاركا...
إهداء مبدئي: إلي الأحِبّاء الصغار الذين شاركوا في الحكي بأعين مفتوحة. سبع وردات لكم ولدوركم في حكاية المسعورة. وإلي آبائكم المحترمين، وأهالي بلدتنا المتحمسين. روحي فيكم أيها الأفذاذ الصغار. ما كنت لأذيع شيئا مما حكيتموه لي، أو مما حدث في بلدتنا الصغيرة، لولا ضيق ذات العقل عن كل خيال. ها أنتم...
قبل صلاة الجمعة بساعة أو أكثر‏,‏ هل من آخر الممر ضباط ثلاثة بمعاطفهم السوداء وأجهزة الاستقبال والإرسال‏,‏ الصبي المكلف بحمل المشروبات إلي الزبائن أسرع عائدا منصف المسافة بالصنية الممتلئة بأكواب المشروبات وكنكات القهوة‏.‏ ثم همس لمسئول المقهي الجالس خلف مكتبه الخشبي, نهض المسئول بسرعة وهرول في...
المقهى الجديد فى الحى القديم لفت انتباهه بنظافته غير العادية، فقرر أن يكون جلوسه فيه، وحده أو مع أصحابه أو من يشاء لقياه. الحوائط لامعة لأنها مغطاة بالسيراميك الوردى الجديد، والأعمدة أكثر لمعانا رغم أن لون السيراميك حولها يميل إلى البنى، أما الأرض فهى أكثر لمعانا من الحوائط والأعمدة رغم اللون...
ببطنها المنتفخ، نزلت تشتري ملحاً للطعام. عندما رآها وفيق الحلواني اندفع نحوها عارضاً عليها أنْ يحضر لها ما تريد. شكرته. نَهَر الحلواني العيال الثلاثة وهم يتقاذفون أمامها بالكرة الشَّراب المنبعجة. ابتسمت من رعبهم الطفولي... من وراء الشيش كانت تنظر إليهم وتتحسس بطنها. تمسح بعينيها الشَّارع الملعب...
مجرد رؤية صينية لامعة عليها كوبان من القهوة; شيء محفز جدا لخلايا كثيرة في المخ والبطن. لكن أن يدخل العامل محاذرا, ثم يضع صينيته ويستدير بلا همسة; فذلك غير محفز إطلاقا. كما أن المدير نفسه انسحب بخفة وأغلق باب مكتبه علي الأربعة: رئيس القطاع يتصدر المكتب الكبير, والمدرسون الثلاثة يجلسون أمامه في...
حينما رأيتُ روثيكا أول مرة، وهو مغنٍ لم يعرفه أحد غيري لأنه يزورني بحلمي الخاص؛ بعد أن استدعيت الرب في مناجاة فحضر؛ بتُّ مشدوهًا. وحينما استقيظتُ، هرولت أخبر أبي أني رأيتُ المسيح.كان أبي نحاتًا، تجلله العظمة حينما ينفخ الحياة في الصخور، مستخدمًا في ذلك معولًا ومطرقة، رنينهما المتسارع الخافت، هو...
كعادتهم يقوم سكان القرى والبوادي بجز صوف ماشيتهم كلما حلّ فصل الحرّ حتى يتسنى للماشية أن تسرح وتمرح وترتع بلا حرج وأن يزاح ثقل صوفها الذي يسبب لها الكثير من المتاعب في فصل الصيف وقيضه لتجدد صوفا أو شعرا جديدا وحتى يتمكن ربّ الماشية وراعيها من الإستفادة من هذه المادة الثمينة لصناعة الإغطية...
بدا الماء باردًا، جفت خلايا يدها، وازدادت خشونة، وهي تجفف يديهابمنشفة المطبخ قررت أنها سوف تستخدم أحد الكريمات المرطبة بعد أن تنتهي من أعمالالمنزل. وصلتها رسالة، سيتأخر اليوم، يمكنها والأطفال تناول الغداء دون انتظاره،وجدت في ذلك مشقة جديدة، هو لا يُحب تسخين الأطعمة، يرغبها طازجة، قامت...
الموضوع بمنتهى البساطة كلب!! نعم كلب قوي البنية ، ضخم صوته ، إذا نبح يرج العمارة رجا ، ويجعل من يحاول الاقتراب منها يفكر ألف مرة ، ولن يكلفنا ذلك شيئا سوى طوق من الجلد وسلسلة . يمكنني أن أجعله يشارك سالم غرفته ، تلك الغرفة التي أعددتها له قبل زواجه من سعدية التي جاء بها من أقصى الصعيد ، قطة...
إلي الذين يموتون دون أن يدركوا وينقذهم الموت أنا متأكّد أنّه هنا من أجلي. يراقب منذ الصباح كلّ خطوة من خطواتي، كلّ نظرة، كلّ تردّد من تردّداتي، يحلّلها، يزِنها، محاولا أن يكتشف من خلالها الخوف الذي يعرف أنّه بداخلي. لقد قرّروا إذن أنني سأموت مرتجفا، ومرتديا ثوب الرعب القديم. ولم أعد أشكّ في...
بالأمس بلغتُ سبعين خريفًا من العمر، مهزومٌ بالشيب ونقص المناعة وفقد البصر. أعدّدُ أثاث منزلي.. لي أريكةٌ وكرسيٌ وشماعةُ ملابسٍ منتصبة إلى جوار الباب ولا شيء أكثر. تعرَّت لي الحياة فما اخترت منها إلّا مسبحةً. حباتٌ تراصت في شعرةٍ من رأسي دون عددٍ إلى جوار بعضها البعض. جمّعت من كل أرضٍ دخلتها حبة،...
أعلى