سرد

ظللنا نسير ونحن نحاول ألا نكف عن الكلام، أو بمعنى أصح يندفع محمود متكلما عن أي شيء كلما أوشك صمت أن يخيم علينا، وكنت أساعده بقول تعليقات سريعة تدفع عني شبهة اضطراري للسير معه. مع مرور الوقت تأكدت أن الموضوع كله مختلق، فلم يحدث شئ لملابسه التى أكد محمود أنها ستبدأ فى التآكل بمجرد خروجنا إلى...
في المحطة الأولى-عفوا- سأسميها الليل.. لا أعرف أحدا ممن يجلسون قربي ولا حتى تلك الأحياء الدقيقة التي تقوم بطلاء المقعد الذي أجلس على أطرافه, بالموت...لتنقل لي عبر هذا السحاب الكثيف الرمادي الغائم أمراض.. لم أعد أجرؤ على عدها.. لشدة التلوث.. لا أعرف أحدا ممن يجلس بعيدا عني.. أتأمل يدي الرجولية...
فى ضحى ذلك اليوم كان المعلم القمىء المتغضن الوجه يحس بإحساسات مجيدة، حينما وقف على سلم المدرسة الوسخ المتآكل وإلى جانبيه مساعداه. فى الباحة الصغيرة قدام المدرسة تحت ناظريه امتد صفان من العيال، رثين مهلهلين تقف وراءهما أكوام السباخ. على البعد وقف الآباء ينظرون. فى الفضاء صمت معلق متدل مثل حبل...
في الطريق إلى بائع اليانصيب حلمت أني ربحت الملايين من القبلات ووزعتها على كل أصدقائي وعلى سبيل الخيانة أرسلتها لجارتي التركية... اما الباقي ، احتفظت بها في حسابي ( البنكي الاوربي ) أسترده عند الحاجة.. سعيد كان مثلي ينتظر الباص أن يأتي بموعده ولكنه كان يتأخر في دوامه الرسمي وأغلب الوقت كان...
أحد المساءات الربيعية .. في تلك اللحظة التي يكون فيها قرص الشمس في متناول كفَّيك ..! اللحظة التي تتوهَّج فيها التنانير .. وتنعقد حُزَم الدخان فوق الوادي .. كانت القِطَّة تتمدَّد في تجويفٍ تحت الصخرة .. غائبة عن الوعي .. بلغ الألم مُنتهاه .. حتى تلاشى الإحساس بالألم ..! أفاقت .. استدارت .. غمرها...
أتشممكِ، أتسلقُ ضفائرك الخيلية، أتكئ على حرف جفنيك، ألملم شعاثي ولهاثي أذرف دمعة جافة وأتضرع: - خذيني حيث يكون البحر رائقاً. ماجت رغباتي وكان الوقت كسيراً.. قالت: - هيا نستطلع أحوال البحر. القطار لا يتوقف.. نجلس صامتين بجوار النافذة.. محطتنا الأخيرة قلعة قايتباي في رأس مدينة البحر.. ملهوف متلهف...
ما الذي يمكنني فعله بينما تقع انفجارات فى الخارج! يمكنني قضم تفاحة وأنا أمر في صالة منزلنا أمام شاشة التلفزيون والتباطؤ فى مضغها قليلاً مراعاة لحُرمة الدم وفي عيني كثير من التأثر، يمكنني الهروب من مشاهد القتل إلى شاشة «اللاب توب» للبحث عن صديق أتحدث معه غير مشغول بالمعارك الدائرة حول المتسبب في...
لم تكن ميساء الحمصية جميلة الجمال المعروف الشائع، فهي تمتلك عينين كبيرتين رماديتين ما إن تنظرا إلى الرجال حتى يشعر الرجال أنهم أحياء وجياد تصهل متأهبة للفوز في أي سباق، فلا تبالي بهم إذ كانت تهتم بعملها أكثر من اهتمامها بالرجال، فهي معلمة في مدرسة ابتدائية، مخلصة لمهنتها، ومحبة لتلميذاتها...
بين مهن كثيرة زاولتها في حياتي، عملت، مرّةً، حامل مظلة، أقف في كشك زجاجي مكيّف، أصغر من أكشاك شرطة المرور وأكثر نظافة، إلى جانب بوابة احد الفنادق الكبيرة، ما أن تُقبل سيارة حتى أهرع فاتحاً مظلتي قبل أن يضع القادم، أياً كان، قدميه على الرصيف وأصحبه حتى مدخل الفندق. المسافة القصيرة بين الرصيف...
أتوقع ألا تخرج فقرات المينى باص عن السيناريو المعهود , أن تبدأ مراسيم السباق بين سائقه وبين العاملين معه على نفس الخط , يكسر الطريق على البعض , ويعوِّد الآذان على مزيد من أصوات الكلاكسات , وتضارب موسيقى الأغانى الزائطة لكن الكفة الراجحة قد تكون من نصيب أغنيتين شهيرتين , الأولى " مفيش صاحب...
الحبوبي بعبائته الكاكية يرتسم على ملامحهِ حزن أسمر يشغل حيّز الصمت وسط الناصَّرية والناصَّرية فتاة التناقضات ، زليخة التي التهمتْ تفاحة الخطيئة الأولى فتكومتْ بين خطّي عرض ثلاثين واثنين وثلاثين . برزخان وهميان كنابين عاجيين للذئب الذي أكل يوسف . أهٍ. يا يوسف ! زليخة مدينةٌ وحيدةٌ محاصرةٌ رسمتها...
حدثنا الأديب النجيب المحب بن حبيب قال: أخنى علي الدهر مرة بصروفه ولفني البؤس في كثيف سجوفه حتى ألجأني الإفلاس إلى التماس الناس.. فعولت على ركوب الطريق القصير تخلصا من مضايقات الضمير واستشرت بذلك الناصح الصدوق فقال لي: عليك بمعهد الحقوق فدخلت فيه قاعة واسعة الأرجاء فسيحة الأنحاء ما فيها من...
للوصول إلى (سرف حسين)عليك الخروج من الديم الكبير من أتجاه الشمال تماما، وما أن تسير مسافة ساعة حتى ترى أمامك الجبل الأسود الضخم ، يغيب مرات خلف الغمام ويظهر مرات . تتقدم قليلا فيظهر لك المنحدر الطيني ، تحت أقدام الجبل الرابض. يظهر المنحدر مخضراً اخضراراً شديداً ، ينصفه جدول عميق ينتهي عند قاعدة...
يقول نيلسون مانديلا « لا يسلب السجن حرية الإنسان وحسب، بل يحاول أن ينتزع إنسانيته، فكل واحد من السجناء يرتدي ملابس من الطابع نفسه، ويأكل الطعام نفسه، ويتبع الجدول اليومي نفسه من العمل والروتين، إضافة إلى كبت الحرية، فالسجن نظام استبدادي قهري لا يقبل الاستقلال أو تميز الشخصية، وعلى المناضل بحكم...
لبيتنا بوابة حديدية كبيرة سوداء ، معلق بها من أعلى جنزير صدئ غليظ ، في طرفه قفل نحاسي ضخم جداً . أبي يقول أنه يكره هذا القفل لأنه لا يمكن كسره . " هل يريد ابى ذلك حقا ؟ ". لو وضع جدي يده على كتفك بحنان ، مكلما إياك بصوت ودود لضربتك الزلازل من داخلك . كلنا نخافه فربما يزعق في مرة فينهار البيت...
أعلى