نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
مساء الجمعة 16 أبريل 1972، كان الروائي الياباني ياسوناري كاواباتا يركب طاكسي، عائدا إلى البيت الذي يكتريه، بإحدى ضواحي مدينة سوتشي.
كان حزينا جدا. والحق أن الحزن لم يكن يفارقه منذ عامين. أي منذ انتحار صديقه الكاتب يوكيو ميشيما. كان يقول لنفسه " لقد عشت بعده عامين وهذا كثير. هذا كثير جدا." بَيْدَ...
قبل هاتيك الحرب …
سمعت باسم أم نخول وأنا ابن خمس ، فكنت اكبر ويكبر معي . إذا دّبرت امرأة تدبيراً فيه صلاح لعيلتها نوَّهوا باسمها قائلين : عاشت ام نخول . وإن عزّ شيْ في الضيعة ووجدوه عند واحدة قالوا : هذي ام نخول ثانية . وإن مرَّت على الطريق امرأة مترجلة لا تبالي بمن يتشمسون قدَّام الأبواب ،...
منذ ألف وتسعمائة وأربع وأربعين سنة وقعت حوادث قصة الليلة. أما مكانها فبيتُ لحم وضواحيها. كان رعيانٌ يحرسون مواشيهم. ويتحدثون عن شؤون وطنهم المقهور. مسّهمْ القـُرّ فخصرت أيديهم وأرجلهم ، فأوقدوا ناراً قدَّام خيمتهم المنصوبة بين بيت جالا وبيت لحم. ثم عادوا الى حديث ملكهم المندثر لما استدفأوا...
خرج الخوري يوحنا عبود من الاحتفال بدفن المسيح يوم الجمعة ، وصدره يكاد ينشقّ من الحزن ، وفي غضون وجهه بقية دمع لم تجف َّ بعد . مشى يتعكَّـز على عصا سنديانية معقوفة المقبض ، يجرّ أذيال جبـَّتـه الزرقاء ، وعلى رأسه قاووق الخوري الماروني العتيق الذي لم يرضَ به بديلاً طول العمر .
كاهن شيخ خدم المذبح...
لم يوقظ الكاتب لوي مالرو زوجه في الصباح الباكر كما اتفقا، كان يريد العودة إلى صنعاء القديمة وحده، ليعيش في أجواء روايته الجديدة، ليعيش تلك الأجواء. رفع الستارة، ونظر من النافذة العالية لفندق ملكة سبأ. كانت صنعاء لم تزل تنام مشوبة بالضباب، صامتة، غامضة، غارقة في الزمن، وكان مالرو كمن يعود ألف عام...
ألف باء ممارسة الطب هو المحافظة على سلامة المريض، لأن الدواء، كما هو معروف، سلاح ذو حدين، وهو ما نحا بالأطباء عبر التاريخ إلى اتخاذ قياسات عامة للسلامة تحددت بها الممارسات العلاجية والجراحية، كانت بدائية ثم تطورت مع الوقت لتصل إلى مستوي بالغ الدقة من الحرص على هذه السلامة، رغم تفاوت هذه...
هذا اليوم لا أدري كيف نهضت باكرا، ودخّنت سيجارتي الأولى طبعا، وحلقت ذقني على غير العادة، ثم قرأت على عجل ما كتبته البارحة من أشياء، فلم اعثر فيها على المتعة التي شعرت بها وأنا أكتبها. قلت ربما في المساء سأجد فيها ما أمتعني أمس. خرجت مسرعا الى الشارع في حي فيكتور هوغو. ربما تغيّر اسمه بعد...
[26]
كانت عيناي تودعان الشمس، كما في غسق كل يوم، وهي تغطس منطفئة في ضفة البحر البعيدة، عندما تقدمت مني بخطى مترددة لتقف على طرف زاوية نظري ولتقول بهمس متلعثم ((أنا في غاية الامتنان لقبولك صداقتي على صفحتك في الفيس بوك... يا أستاذ)).. لم أجبها بشيء لأني كنت مستغرقا في تشييع آخر خيوط الشمس...
كان ذلك الفجر العازف أكثر إدهاشاً من الدهشة ذاتها، فاللحظات التي حفّته جعلت منه كرنفالاً تخجل من نضارته الألوان، وتستحي من بهجته الفصول. اقتحم كياني، وأنبت في سهول وجداني قمح المسرّات، وضخّ لساني بقدرة جبّارة على تحويل الأفعال إلى عصافير، والأسماء إلى شقائق النعمان، والحروف إلى مسلاّت للنور...
سندريلا .. خيبك الله .. هل نسيت زمن الحواديت حتى تخرجين بدون حذاء ، تذهبين لقصر الأمير بدون فستانك الذهبى ، تلمحين الساعة تعبر عقاربها الثانية عشر ولا تسرعين هاربة .. ماذا ستفعل الساحرة العجوز الجالسة على فرع الشجرة الذابلة فى انتظار الهروب الكبير ، الفستان الذهبى والحذاء "المسحور" المفقود ؟...
طالما حلمتْ بالسّفر إلى اليابان. إلى طوكيو تحديدا. لتكتشفَ أمرا واحدا وتعيشَ حالاته المتعاقبة بهوس ولذّة. قرأتْ خبر مسابقة عالمية في الفوتوغرافيا، سيكون موضوعها هو تصوير غربان طوكيو. فجرّبتْ حظّها بإرسال طلبِ الترشّح لذلك الأمر المريب. ستكون ذريعةً سحريّة لو فازتْ و تمكّنتْ من السّفر حتى تحقّق...
ما من أحد صدق في مبتدأ الملام.
فلم يعد ثمة من شيء مستغرب في هذا البلد..
من سنين وهم يقفون في طوابير الخديعة، مسندين هاماتهم على مشانق أحلام لا تقاوم ولا تلين. يوشوشون بكلمات قليلة وخافتة تكفي بالكاد لتدفئة أمانيهم. ويبسمون حين تغزوهم سهوا مسراتهم العتيقة.
وعلى مبعدة صيحة يقف جنود مزنرين...
فجأة إنخرطت الفتاة الصغيرة في البكاء. كان أهلها قد احتفلوا بعيد ميلادها العاشر قبل أيّام قليلة. وكان لها شعر فاحم قصير، وعينان سوداوان تلمعان بفرح دائم ،وخدّان ورديّان يكاد الدّم ينفجر منهما ،وشامة على الرقبة كأنها حبّة زيتون في عزّ نضجها، ولها بهجة الطيور في أوّل الربيع. وهي دائمة الهدوء...
وحيدا مثل جرحٍ يضع قدما في الأرض وأخرى في الغياب الواسع، وحيدا مثل أغنيةٍ تسافر في فضاء الروح بسرعة الضوءِ أو أكثر ولا تعود، وحيدا مثل نبضي المترهّل حين يسقط في ثقبٍ أسودَ ملتحفٍ بالرهبة والموت البارد.. هكذا أبدأ ترنيمتي الأخيرة قبل أنْ تنتبهَ النهاية إلى وجودي فتقضمني على حين غرّة، فالنهاية لا...