قصة قصيرة

تمر برأسه ذكرى وفاة أمه، ولحظات الاحتضار المرة، يغمض عينيه، تصطك أسنانه، يغطي وجهه بيديه، يسند رأسه على الحائط، في البدء كانا حبيبين، وفي أول منعطف حرج في طريق الحياة، ألقت معطفها على رجليه، ومضت دون أن تتحدث، وفي المساء نظر إلى المرآة، وحدها تطفو على سطح المرآة، تخرج إليه، ارتعد، حاول الفرار من...
كدأبه منذ بدء الخليقة ، لملم الليل أطرافه المبعثرة بخطىً حثيثة وانصرف . طاردته طلائع النهار بشغفها المعهود حتى غيّبه الأفق . كعادته ، إستفاق " محمدو" على طنين ذبابة لئيمة وهي تغزو حدقات عينيه بعنادٍ حميس . أزاحها عن وجهه بكف يده اليمني ، فبقيت تحوم في حماه .. تتربصه كما يتربص الصياد احدى فرائسه...
لم يظن أن تثار كل تلك الغوغاء في رأسه الصغير المحايد. ولا هذا الوجيب الطاريء، الذي غزى قلبه واهتز له صدره ..فمنذ أيام كان يستلقي على فراشه مطمئنا ،يحرك جسده برخاوة تامة ، يخرج إلى حديقته الصغيرة ، يرش الماء على شجيراته.،ثم يغسل قدميه، ويعود ليلقي جسده في اي مكان..ليس هناك ثمة شيء يسترعي انتباهه...
في كل مرّة أزورها، أجد ملامح الخيانة بادية على وجهها، أُهمِلها، أبتعد عنها، لكن كيف أعود، في أي ظرف أعود، لماذا أعود….حتّى الآن، لم أستطع سبر هذه العلاقة المزعجة بيني وبينها ولا كُنْه الاشتياق إليها. لزيارتي طقوس لا أستغني عنها، لها صلة في توطيد أواصر الودّ أو عكسه: أصفّف شعري، أضيف بعض المساحيق...
تجاوزت الأمن والسكرتارية في هدوء وإصرار، قوة جسدها النحيل أزالت كل العقبات أمامها، ظهرت على باب مكتبه كطيف يُغشي الضوءُ ملامحه. تجمد في كرسيه كأنه يحاول تذكرها، لم ينسها، لكن حضورها إليه لم يخطر بباله ولو كحلم، اعتقد لثوانٍ أنها ليست حقيقية. اعتلت وجهه ابتسامة متلونة، فرحة، انتصار، شوق ولهفة،...
كانت الشمس تنحدر على جدار الأفق الغربي بسرعة لتعلن انتهاء يوماً شتوي قصير النهار.. في نفس اللحظة مال فيها قطار الدلتا بشدة وكأنه على وشك الانقلاب بسبب منحنى شديد.. تهاوى الرجل الخمسيني النحيف فارع الطول وتبعثر ماتحمله سلته من قراطيس اللب والفول وأصابع العسلية.. هرع إليه الركاب وعلى وجوههم حالة...
للعصافير الآتية مع ندى الفجر، كان ينثر حبَّات الأرز بقبضة يده الكهلة أمام الدكَّان، ينثرها في المساء، فكنت أشم لها رائحة اليوم الساري في طين الليل المتراكم في الزقاق، المؤدي إلى البيوت الجاثمة على ضيق نهايته، تحولُ دون تمدده، وتجبره على الانكماش، وما بين مقعد الإسكافي ودكان الترزي البلدي، كان...
كان المركب يقطع النيل من جزيرة الدهب إلى المعادى فى طريق عودتنا بعد حضور احتفال بزواج إحدى الصديقات، جلست بجوارى سيدة فى عقدها الخامس، تحدثت متمنية للعروسين أن ينعما بحياة هانئة، وأن يحظى زواجهما بفرص النجاح والاستمرار.. ومباشرة، كأنها تبرر ما قالت، انطلقت تحكى عن تجربة انفصال ابنها وزوجته التى...
قبل الحديث عن هذه الحارة السيئة، لا بد من القول أنها قبل قصة عطية بن علي وجهدا بنت نويّش، كانت تستحق سيلاً هداراً من البنزين ينهال عليها من السماء حتى يغرق منازلها ويتسلل إلى حجراتها ثم توقد النار بما فيها ومن فيها. والقصة التي نريد أن نحكيها هذه المرة، هي عن عطية بن علي الجنوبي الذي يسكن في...
أين منصور يا خالة ؟؟ : لا أدري ، هو لم يظهر منذ الصباح ؟؟ وأردفت واصفة إياه بالمستهتر ، ثم كالت عدداً لا حصر له من الشتائم. خرجت مسرعاً كي لا تلحظ ابتسامتي متعجباً من طريقتها في التعبير عن حبها لمنصور وحيدها ذي العين الواحدة. الخالة سعدى هي داية القرية ، منصور كان وحيدها الذي رُزقت به بعد...
هذه المدينة المتعجرفة، تمضي في تسارع لا يهدأ، ما زالت تتسع وتكبر فتشيخ، وتتكدس في أمعائها أكداس من البشر والحديد والحجارة وأكوام ضخمة من الأشياء المستهلكة. في المساء تدب في أحشائها حيوات مختلفة ومتنوعة، تتوهج في جسدها المنهك، ألف ليلة وليلة، تتنازع الحدث في نفس اللحظة، وعلى هوامشها تشتعل ألف...
"سأطفو فوق بحر اليأس.. رغم تكسر المجاديف.. وضياع ذاك الشيء الذي يشبه البالون والذي كنت أتشبث به خوف الغرق.. أنظر إلى مفاصل أصابعي لا زالت تمتلئ روحاً وحركة لتملئ الكون كلمات بألوان قزح.. عضلات الأرجل لم يصيبها العطب بعد.. ستتحرك في بلاد الله الواسعة.. ستعبر المحيطات والقارات بحثاً عن الجديد...
كان يذرع الممر جيئة وذهاباً كالمجنون، وقد أرجع شماغه للخلف قليلا ، وعينه ترقب الباب الموجود في نهاية الممر. لطالما حلم بلحظة كهذه. إنه ينتظرها منذ عشر سنوات، حتى خيل إليه أنها لن تأتي أبدا. تعب من المشي والوقوف، فقرر الجلوس ليلتقط أنفاسه ويرتاح. أخرج قنينة ماء بارد من الكيس الموضوع بجانبه،...
حجارة ألقيتها بالتتابع .. ثم ألقيت بعدها حجر يتيم .. استقرت جميعها بأعمق درك من هذه البركة . البركة التي يلهو على سطحها البط البري بوسط الحديقة العامة هنا في "ايبسويتش" . أبي أوصاني بأن أفعل ذلك حين أبلغ العاشرة . ألححت عليه بالأسئلة حين كنت في الخامسة : متي أصبح رجلاً بشارب و لحية مثلك ؟ قالها...
عندما فرغت من قراءة معظم التراث القصصى الشعبى منذ بدايته وحتى الآن ، ربما أكون قد تركت نصا مفتوحا هنا أو هناك لم أكمل قراءته ، ليس هذا تقصيرا منى ، ولكنه ربما لم يكن فى متناول يدى ، أنهيت حياتى ودفنتها عنوة بين الأوراق البيضاء والصفراء ، وحشرات الكتب ، ولكننى لم أندم يوما على ترك ساقى للريح كلما...
أعلى