قصة قصيرة

تمّ نقلي فجأة إلى بلدة نائية، وشعرت أنني طفلٌ انتُزع من حضن أمّه، وكانت تلك حقيقة لا مجازاً، فقد كنت شديد التعلّق بأمي التي تقيم معي، كأعزب يرتّب خطواته للزواج القادم، كانت أمّي مؤنستي وناصحتي، وفيما عدا ذلك كانت مديرة شؤون حياتي، وشجرتي الظليلة، التي آوي إليها من هجير العالم ، أما ذروة المأساة...
يرمي بنفسه ــ كالعادة ــ في الشارع كل صباح .. بعدما يكون قد فرغ من ممارسة طقوسه المعتادة .. ولا يمكن بحال أن ينفك عنها .. ليبدأ رحلة العذاب .. نفس الطقس اليومي السيء .. زحام في كل مكان .. مجاري طافحة.. ضجيج العربات , يختلط بأصوات الناس .. وعادم العربات يتطاير في الجو.. أكوام من الزبالة ملقاة...
ـ 1 ـ مراكشُ يظهرُ فيها العَمَى و يَختفي ... كومضة ضوء تضيء وَتـْغ العتمات ... عيناي مائيتان و حسيرتان . كنت أنظر بهما إلي وجع مقيم . من الشرفة المطلة على شارع مسْجُور بحركة دأوب ، يؤوب صداها ؛ و هديرُها مركون في جزء من الذاكرة . في الطريق ، إلى مكان الإقامة المؤقت ، كان الوفدُ كخلية نحل...
الضجر يبعثرها... هي تدرك أن الوضع مرتبط بالروتين وأن عليها أن تتعامل مع وضعها بصبر، لديها رغبة كبيرة في التحليق والغرق في الفراغ حتى تنسى نفسها، برغم أنها مقتنعة تماما بأن هذه هي طبيعة الحياة، ضجر، وخلق أشياء تقتل هذا الضجر. لكن تجربتها في الحياة ضئيلة لا تذكر بسبب القيم والعادات والتحفظات،...
‏بحياد‏ ‏استوعبت‏ ‏حواسه‏ ‏كل‏ ‏الأشياء‏ ‏المحيطة‏، ‏بينما‏ ‏ظل‏ ‏تركيزه‏ ‏الأساسي ‏على ‏الجانب‏ ‏الآخر‏ ‏من‏ ‏الشارع‏ .. ‏بدوره‏ ‏كان‏ ‏متواجدا‏ ‏هناك‏، ‏وكانت‏ ‏الإشارة‏ ‏الحمراء‏ ‏تفصل‏ ‏بينهما‏.. ‏وبالرغم‏ ‏من‏ ‏انحشاره‏ ‏بين‏ ‏الجموع‏ ‏العديدة‏ ‏التقطته‏ ‏عيناه‏، ‏كأنه‏ ‏ينتظر‏ ‏مثله‏...
ْهذا الصباح خرجتُ للتنزّه على شاطيء البحيرة،تلألأت الأضواء المنعكسة على سطحها في عيني،وكأنّها تومض لي بابتسامة،بدا كُلُّ شيء مبتهجاً والأمواج الخفيفة تتواثب في مرح،وحتى النساء القليلات اللاتي خرجن مبكّرات للنزهة،كانت شهيتهن مفتوحة للثرثرة،مما يعني أن كل شيء مرّ بسلام في الليلة الفائتة،ولم يكسر...
عندما قامت من نومها .. وقفت أمام المرآة .. و بعدما خرجت من الحمام .. كالعادة بشكيرها علي رأسها.. لم تدندن بالغناء مثل كل يوم.. برغم جمال الطقس.. والجو الرائع البديع , والشمس التي تطل من كل النوافذ , وتمرح بخيوطها الذهبية في المكان .. وقفت .. تهيئ نفسها قبل الخروج .. نظرت في وجهها .. فاكتشفت بأن...
انشغلت عن أمري بالتطلع الى إغتمام يتهافت من النافذة المحصنة بالقضبان المتقاطعة. إنفراج مطري يهيئ أبعاده للوميض. كنت الوحيد في القاعة. شعرت بالبرد وسط الدفء واقشعر جسدي بين جدران كسيت برفوف خشبية فارغة. حاولت أن أستعيد تفاصيل خارجية جئت منها ضاعت في عتمة الممر الذي يفضي، بعد أبواب وجدران أعلاها...
أخذ جسده ينتفض ، وقفز الزبد من فمه ؛ صرخت: - يا إلهي... تماسك ..حاول أن تتماسك حتى نصل لقرية قريبة.. إلا أنه رفع بطنه عاليا وزاغت عيناه ثم ابيضتا قبل أن تهمد جثته على المقعد... لقد مات .. أول مرة أرى فيها شخصا ينطفئ امام عيني.. نسيت ضياعنا في الصحراء وانشغلت بما علي أن أفعله بالجثة...(اللعنة على...
نعود عصر كل يوم أدراجنا على الدرب الذي يتلوى بأشكاله الترابية بين تلال ومجاري سيول جافة متشققة وبين سماء استنفدت الظهيرة غبرتها وقلقها فبدت جديدة وناصعة غسلتها الشمس بنور مفاجيء. لم نكن مستعدين لتأمل أي شيء مرئي، نحن الثمانية المرهقون من الحفر والدم وعريفنا المرهق من حثنا عليهما طوال النهار،...
فى المساحات الشاسعة من عقلى وقلبى، كنتُ أخزن تلك الصور البعيدة التى رأيتها بالفعل أو سمعتُ بها فى جلسات العائلة والتى كانت تزداد غرابة وشوقاً عندما تحضر جدتى لأمى من القرية فى إحدى زيارتها الموسمية، وأحياناً فى زيارة خاطفة للقاهرة، وتجتمع الجدتان، وتعيدان وصل ما أنقطع من حوار فى آخر لقاء كان...
أحب النظر إلى المارة، والشارع ، والبنات الصغيرات فى نهاية اليوم الدراسى، وهن عائدات، تحمل كل منهن على كتفيها نهاية يوم طويل من الأسئلة، وشنطة مليئة بالكراسات، وأصابع باردة من كثرة الوضوء. كل هذا يجعلنى أشعربلذة الحياة فى نهاية القرن العشرين، وسطوة الموت خطف أخى الصغير ، ثم أختى الصغيرة، التى...
لم يتوانى أبدا عن قضم أظافره أو لِنَقُل بقايا شحفورات لحمية... لقد قُلعت في تلك الأقبية المُغلُقة والزنازين المظلمة.. لم يتسنى له معرفة سبب غزو حياته التي كان يعيش شأنه شأن بقية الخلق لا يهش ولا ينش.. حول عالم السياسة المحاط بأسلاك شائكة فطالما طن وأز الذباب حول رأسه بتغيير نمط فِكر يهمش نفسه او...
أحكم قبضة يده على عنقه حتى جحظت عيناه . أزاح كفه مدة، ثم عاود الضغط . دمعت عيناه وصار وجهه قانيا . ارخى القبضة من جديد . وضع رأسه على المنضدة و سكن مبحرا بين لجات دواخله الدفينة . في استرجاعه للمنعطفات الكثيرة داخل رحلة عمره ، يجد أنه كان دوما يركب تحديات خاسرة انتهت به الى الانحصار في زوايا...
أواخر النهار. السماء ثوب صفيق من الصوف الداكنة. النسيم البارد يصفّر مخترقاً أوراق الشجر. السماء تزمجر بهزيم رعد كأصوات البراميل المتدحرجة إلى أسفل تل. الغيوم الداكنة تنشق فجأة عن فرقعة برق أرهب الأبصار. إنه الرعد. ازدادت الغيمة قتامة، تنذر وتتوعد، لتبدأ الرياح الشديدة عصفها دافعة بعنف أغصان...
أعلى