قصة قصيرة

يرتجف رعبا (( انتهيت يا كريم )) ترتعش هلعا (( انتهيت يا ندى )) يداها لا تطاوعان ... يداه تتخاذلان تجر نفسها الى المرحاض ، تغلقه ، عزمها المتحلل و قوتها المتلاشية ، تجمعهما معا لتقفل بابه بالمفتاح ... ثم تنهار . يسوي الفراش ، يداه لا تقويان على الارتفاع لكي يسوّي شعره المشعث . القصف على الباب...
غمامة العصافير التي طارت قرب الشمس، حملت معها نتفا من قلبي، لكني أوليت لها ظهري ومضيت أركل الأحجار التي بالطريق. سماء من الزرقة والوهج كانت تلوح بي.. من الزرقة والوهج! وكنت أحاول الفرار من تلك الذاكرة التي تشدنا دائما لأماكننا، بينما الأيام تتساقط مهملة أمام أعيننا، أقول-تلك الذاكرة هي صنو...
أحتاجك قليلا عندما تسقط أسناني وتئن مني الملامح.. تشد لي خيوطي، فأتحرك، لأسمع ما تسمعون، وأبصر الذي يروح ويجيء.. وأحكم الغطاء عليك والأنات حتى لا تشرد.. كيف تراني وكيف عرفتك مشاعري.. أيقنت أنك مني، وعلامات السوط الأزرق على جلدك وحول سلسلة ظهرك وفي المعرض اليومي على الورق للجمهور. كان الليل أقصر...
ينفخ حسين الجمل في سيكارته ويده ترتجف. يبدو كمن حزم أمره أخيراً وقرر أن يتحدث عن نفسه وعن محمد العبد الرحمن، وعن حيفا العتيقة. هل تموت المدن؟ ماتت حيفا أمام عينيه. وكان دوماً يؤجل حديث موت حيفا المدينة، ثم نشروها ناراً تتأجح في الصدور. كان يعتقد أن على غيره أن يتحدث عن ذلك. من يدري؟ لربما كان...
أصوات قرع نواقيس كنيسة الأرمن الواقعة بداية شارع النضال تطرق سمعي بعد أن خلفتها وراء ظهري ماشياً وخطوتي بحجم مساحة بغداد باتجاه ساحة الطيران كأني فلاح أحرث ابتسامتي في وجوه المارة ، أنعقد الصبح وأنا وحيد ، ضائع مثل ضوء في الضوء ، صباح بغداد فتح كل نوافذ البغداديين ، أسمع أصوات ضرب النواقيس التي...
فى الشارع الطويل ... وحيدة تسير فى طرقات واسعة .... عليّها تضيق... تتوه فى أفكار تأرجحها كريشة فى مهب الريح... تفكر لم أنا ؟؟ لم الجرح هكذا يؤذيني... لم لا يشعر بي هو... كيف أستطاع أن يتركنى ... الطريق شبه مزدحم... وداخلها شبه فارغ...تحاول أن توقف التفكير فيه...أن تذهب بعقلها بعيدا بعيدا... أن...
جاءكَ الموت قبل أن تحزمَ حقائبك وتربط سيور حذائك .. قبل أن ترتّب سطح مكتبك .. وتصنّف أوراقكَ المبعثرة .. جاءك الموت على حين غرّة .. لصاً داهمَك .. كان يتلصّص عليك كأفعى تنتظر بدهاء .. لها فيك لدغة واحدة ولكنْ ... قاتلة! رحلتكَ بدأت الآن .. وما سبق من حياتك الدنيا كان استعداداً وتحضيراً...
بعد أن سمع الشيخ لتفاصيل الحلم المؤرّق ... تساءل قائلاً: - وماذا حدث بعد ان انزلقتَ إلى حفرة الوحل؟ - حاولتُ الفكاك ونجحت - وهل تخلّصتَ من بقاياه ؟ - نعم ولكنه علِقَ على شاربيّ فقط .. فلعقتهما وبلعتُ لعابي المخلوط بالوحل .. جفّفت نفسي ونظرتُ خلفي فرأيتها تغرِفُ من الطين وتصنع تماثيلاً على...
في البدء: "نكره الخيانة ولكننا نضطر إلى أن نخون" "اللسان حاستنا الباحثة عن الأمان" للمرة السابعة أطوي فراشي وأخرج، أدور في الصيف عن فم امرأة وليس في الشوارع نساء، سبع محاولات انتهت ولم أنم، كنت أتخيل فيها جلد امرأة ينهي يقظتي وجلود الخيال حيوانات شتى تملأ رأسي، رأسي الحامل كبريائي لم يعد يحمل...
اليوم أكملتُ سنيني ..؟! هكذا قال لي ملاك الموت : اليوم دقّ ناقوس النهاية.. اثنان وخمسون عاماً .. بعدد أوراق اللعب ... فهل أحسنت اللعب على مسرح الحياة؟ فلا يقاسُ العمر بعدد السّنين ولكنْ بنوعيتها... هكذا أردف ملاك الموت: ( وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ... ) إذا كان تمام...
هذا ما قالته شهرزاد . . . قمرٌ أحمرُ أدكنُ تأرجحَ بين تربيعٍ أول وتربيعٍ ثانٍ . لا حل ، أُحتجزَ القمر تحت الجذرِ التربيعيّ ، صافراتُ إنذار متقطعةٍ تلاها دويُّ طائراتٍ قادمةٍ تَسبقُها التماعاتٌ فضيةٌ . انفجارات. صيحات . ارتعاشات ، دويُّ طائراتٍ مبتعدةٍ أعقبه صافراتُ إنذار مستمرةٌ ، المدينةُ...
أمي رأيتُ الليلةَ الماضية حلماً: إن غراباً دخل حجرةَ نومنا، واهتدى إلى حقيبتي المدرسية وبعثّر ما فيها ، ونقّر في كتاب الجغرافية إلى أن خرّمه تماماً، وكنتِ تصرخين به ، فلا يأبهُ لكِ ، وكانت يداكِ مقطوعتين من الزند.. هل أن تأويل حلمي، أني سأرسب في امتحان الجغرافية هذا اليوم يا أمي؟ - سمِّ بسم...
أدار نظره في أرجاء الغرفة فرآها تسبح في بحر من الضوء الاحمر الهادئ ، وصمت ممزوج ببرودة ثلجية، يمر عبر فتحة بابها الخشبي الموارب ، وشباكها الصغير الذي نشرت عليه ستارة بلون فاتح . كان جسدها يقبع بانكماش على السرير الخشبي ، فيما راح ( اللحاف ) بقماشه ( الساتان ) اللامع يفرش حولها دفأه الوحيد...
"الليل ذئب يلتهم المدينة الحزينة كما تلتهم الحرب الضروس أرواحنا، وأنا بيدق يموت من أجل أن يحيا الملك"، عبارة كتبتها على صفحتي في الفيسبوك على صوت موسيقى "القادمون" حينما علا صوت أمي متأففة من غرفة الجلوس: - نامي، فقد انتصف الليل يا "أسيل"، سئمت منك ومن "القادمين" وموسيقاهم الملعونة. بانكسار...
الإسكندرية الترام الأزرق الصاعد إلى محطة مصر ، يئن من حمله البشري . كل شيء فيه يشخشخ كأنه يستغيث ، وكانت الساعة تقترب من الثالثة عندما قفز إلى سلم الترام رجل ملتح ، وراح يحشر نفسه في استماتة وهو يصيح : ـ هو الله.. وما أن أطلقها مدوية حتى سرت غمغمة خاشعة بين الركاب الواقفين حشرا في الممر بين...
أعلى