قصة قصيرة

عند هبوط المساء غادر المعلم (بيومي) الفوال نقطة بوليس الحسينية يحمل (إنذار التشرد)، يكاد يتصدع صدره من الغضب والغيظ. وكان يرغي ويزبد ويتمتم ويدمدم بأصوات كالخوار، خشنة مبهمة، ما زالت تعلو وتميز كلما باعدت الخطأ بينه وبين نقطة البوليس، حتى صارت في ميدان فاروق لعناً وسباباً وقذفاً صريحاً مخيفاً...
ـ قدم اعمل حاجة مع ابن خالتك بدل منتا مفرشخ رجلك كده وعامل زي البنت الحامل. كانت الجملة التي قالتها الست أم مجدي لولدها الذي يرتدي شورت ترننج أزرق علي فانلة فسفوري ويضع رأسه علي حجرها أمام بسطة السلم بين الشقتين.رفع أحمد رأسه عن فخذ أمه وقال لها بصوت متهدج بعض الشيء: ـ اسكتي يامه ,أنا...
أحاطت بساعديها الطفلين ، واستندت إلى الجدار .. قال فى لهجة مشفقة : ــ لا شأن لك ولا للطفلين بما حدث .. قالت فى خوفها : ــ لكنك قتلت أباهم .. ــ إنه ابن عمى أيضاً .. وقد نلت ثأري منه .. أضاف فى لهجته المشفقة : ــ لا شأن للطفلين .. سيأتون إلى بيتى ليكونوا فى رعايتى ...
دانييلا .. لفتت أنظاري من بين الجموع .. وكنت أزور قصر الحمراء من بقايا عرب الأندلس . وجهٌ ملائكي ولباسٌ أشبه بلباس راهباتِ سيناء .. محتشمٌ أسود طالما هي واقفة .. لكن ما إن تخطو حتى ينشقّ إزارها إلى النصف .. وتنبلج منه ساق فخذية بيضاء كعواميد المرمر المزروعة في قصور بني الأحمر .. حولها جوقة من...
الـبالـون منتفخ كبالون مصمم للإعلان والدعاية ، متكور على بعضه بطريقة مضحكة ، أسنانه تحفر قبره دون ضجيج . التفت إلى الحشد الواقف أمامه ، أطلق من عينيه الشبيهتين بعيني جرذ صغير نظرات التعالي ، تجشأ بصوت مسموع ، حمدل واستغفر بلسان جعلته الخمر رخوا على الدوام ، ليت ( لبنى ) حاضرة هنا لتراه...
كنت فرحاً بسيارتي الجديدة وانا أغلق صندوقها الخلفي فلقد كانت في يدي قائمة المشتريات التي طلبتها العائلة من رز وبهارات وبعض الاشياء. واتذكر وصايا العائله بعدم السير بسرعة وان لا انسى النذر لاني قد نذرت بحصولي على سيارة حديثة أن أشتري خمس دجاجات لعمل وليمة نقراء عليها الفاتحة ونبعث بثوابها لارواح...
استيقظت الساعة الرابعة فجراً ... غرفة مظلمة, بابها مواربة قليلاً. يمتد ضوءا أبيض من طرف الباب باتجاه احد أركان الغرفة . فتحت عينيها وهي مستلقية بين شخصين على سريرٍ واحد . يميناً تستلقي فتاة , بشعرها النرجسي , بشرتها الناعمة , رائحة ملبسها من عبق النعناع . كأنها ملاك صغير يترك جناحيه على عتبة...
انتهى الأستاذ حسان جلال - وهو محام تحت التمرين - من كتابة المذكرة القضائية - التي شرع ينشئها منذ الصباح الباكر - في تمام الساعة الثانية عشر وكان الجهد قد نال منه كل منال فأستند إلى ظهر كرسيه في إعياء ونصب. ومد يده إلى فنجال قهوة وأرتشفه وهو ينظر إلى الأمام بعينيه يوشك أن يلتقي جفناهما. ودخل...
جلس (أحمد) على مقعد في جانب من غرفتي الخاصة وارتفق بذراعه على المنضد الصغير وراح يفكر. . . إن بعض الصور التي تتناولها العين في نظرة عابرة قد يكون لها من التأثير في حياة بعض الناس مالا تؤثر الأحداث العظيمة التي تهز العالم. هذا أحمد، شتان ما هو الساعة وما كان منذ ساعات. لقد عاد لتوَّه من السيما...
الأفق الرصاصي المهيمن على الشرق يمتلئ بأعمدة الدخان الملتوية. جبال عائمة و متراكبة من الدخان الكثيف ترتفع رتيبة و متجهمة لتغطي مساحات شاسعة من وجه السماء الذي لا يبدو انه ينذر بشيء قابل للتحديد على الإطلاق. تنهض الجبال السوداء بإحجام دائرية مضغوطة من فوهة ذراع الحديد القائم إلى جانب الماكنة و...
كنا خمسة. . . خمسة من الشبان المتمردين على الجماعة والخارجين على حدود الناس، والذاهبين مع مرح الشباب ولهوه. . . كنا قد انقطعنا عن المدرسة، وتخلفنا عن الرفاق، وسرنا مع نزق الشباب وطيشه، فطردنا من الأهل وحرمنا من الصحب، وتقطعت بنا الأسباب. . . وذهبنا على وجوهنا نبغي العيش من التصعلك والتشرد وركوب...
تحلل القديس من قيود الوطن والأهل والأصدقاء ورحل يبلِّغ رسالته للناس، يبين لهم باطل الدنيا ودنس المال، ويدعوهم إلى اللحاق به في هجرته إلى الله وحده، لا يملك شيئاً ولا يستقر بمكان. وسار وراءه نفر من أتباعه. رجال جاوزوا سن الثورة والاستهتار، خشنوا الجلد والملبس، إذا نزلوا بلداً سهل إيواؤهم...
مضي شهر تقريبًا وحضرة محمد أفندي عبد القوي يشعر بتوعك المزاج. آيته همود في الجسم وثقل في الدماغ ووهن ـ يشتد حينًا ويخف أحيانًا ـ في الساقين، وقد سكت عن حالته الطارئة طوال الشهر وهو يعللها بكثرة العمل تارة وبإدمان السهر تارة أخري، وفعلاً طلب إجازة قصيرة وكف عن السهر راجيًا أن تعود صحته إلي حالتها...
كاد أن يستغرق في النوم هاربا من رتابة الحفل الذي جاءه مجبرا لولا أن الاسم الذي هتفت به مقدمة الحفل تعالى وسط القاعة عاليا ، اعتدل في كرسيه وهو يتابع خطوات المرأة التي قدمت من الصفوف الخلفية وأخذت تشق طريقها إلى المسرح متكئة على عكازها . انطلق صوت في داخله : يا إلهي ، كيف غدت الآن بعد تلك المرة...
تأتيها مثل هذه الحالات بشكل شبه يومي ، وهي تتعامل معها بعقلانية ، وبوازع ديني ، تارة بالنصح ، وتارة بالاعتراض ، وتارة أخرى باللوم ، على حسب شخصية الحالة التي تقابلها ، لكنها ابداً لا تخوض فيما يشتهين . لكن الحالة التي أمامها هذه المرة مختلفة ، أقل ما توصف به أنها غريبة . فتاة في مقتبل العمر(...
أعلى