قصة قصيرة

تضحك، وقد تذكّرتَ النّساء يغسلن الصّوف في الوادي الزّمان: 15 مارس 1977. المكان: وادي أولاد جحيش، حيث جفنة حجرية تسَعُ ثوراً. تذكّرتَ ذلك من قرينةٍ تحتفظ بها في رأسك: يا له من محظوظ ابنُ عمّك موسى! في المدينة يدرس/في المدينة يعيش! وفي ذلك الربيع جاء قرية أولاد جحيش يتذوّق العطلة. قليلًا ما...
” بَعض الكتّاب، لَيسوا كتّاباً مثلَ الآخَرين..” كريستين آنچو/ روائيَّةٌ فرَنسيَّة. شكراً على رسالتكَ التي وصلتني صَباحاً. عندما خرجت صباحاً باكراً، تفقَّدت علبةَ الرسائل الصّفراء التي كتبَ عليها اسمي بشكلٍ سَيّئٍ. كتبت مرّاتٍ عدّة إلى حارسَة العمارة، راجياً أن تجدَ حلاًّ لهذه المشكلة. لا ينفع...
هو الحب هكذا. لا يحترم سوى نفسه. يعجبه أن يولد في الظروف والأماكن الأكثر غرابة، كالجنائز مثلا. في جنازته التقيتُها، وكان الحزن ينهش قلبي على فراقه المباغت إثر حادثة سير غبية. كانت جالسة بجانب والدته، وكان بإمكاني أن أتوصّل إلى معرفتها بين الملايين ودون سابق لقاء. عرفتها من كلامه عنها ومن وصفه...
كانت قطرة دم ساخنة.. ومجهولة، نزلت بين فخذيّ بشكل مفاجئ، وأنا في الحادية عشرة من عمري. حين زارتني الدورة الشهرية لأول مرة، اعتقدت أني فقدت بكارتي. لم أكن أفهم معنى البكارة ولم يجبني أحد عن سؤالي الذي ظل لغزا لزمن. أنا فقط كنت أسمع هذا الاسم يتردد كثيرا بين الممرات، وينزل على الرأس كالفأس. وكلما...
حزينا جدا. سرت في الشارع دون هدف. لا أدري لم أنا حزين! الشارع مملوء بالمارة، وأصوات الباعة تتعالى. في الحقيقة هناك أكثر من سبب للحزن. ظلت خطواتي ترسم على الإسفلت، لكن المدينة لم تكترث بي ككل مساء. سنواتي تتوالى مسرعة، والشيب أخذ يشق طرقه، والمدينة بلهاء. من أين يأتي كل هذا الحزن؟! في الشارع...
أصدقائي، أنا آسفة.. نعم آسفة، آسفة حيث لا ينفع الأسف، ونادمة حيث لا يجدي ندمي. لن أطيل عليكم، ولا أطلب العفو والسماح؛ لأني لن أستطيع مسامحة نفسي، تلك الدنيئة التي حملتني للوقوف بينكم في مثل هذا اليوم. سبع سنوات مضت على رحيل الرفيق الشفيع السني والجرح ما سكت نزيفه.. في مثل هذا اليوم من كل سنة...
-1- لم يكن من عاداتي التجسّس على النّاس أو التدخّل فيما لا يعنيني، وإلى الآن لا أدرك حقيقة ما دفعني إلى دخول هذه المغامرة التي أودت بكلّ حياتي “التافهة” إلى الهاوية، هذه الهاوية السّحيقة التي لا أستطيع أن أتبيّن مدى عمقها وعتمتها. لم تكن حياتي تسير وفقا للخطّة التي رسمتها، فأحلامي كانت أكبر...
فجأةً، تنهمر قطرات الغيث على المدينة بعد طول ترقّب. تتجمّع السّيول وتتكون وديان صغيرة تجري في جنبات الطرق. يظهر ارتباك ملحوظ في حركة المارة. الناس يركضون في اتجاهات مختلفة ليَختبئوا من القطرات الكبيرة المشاغبة. تنظر إلى المتراكضين وابتسامةٌ ساخرة تعلو شفتيك. لماذا يهربون من قطرات الغيث ولا...
الحافلة تتجه بنا، أنا وأبي..إلى مسقط رأسه بإقليم الناظور. قبل أيام من سفرنا أبلغني والدي أنه بلغ السبعين من عمره، فنزلت من عيني دمعة.. ظلت على مدار الساعات.. تعبر خدي مرتجفة باتجاه الروح.. وقد هيمن الليل على قلبي وانطفأت نجومه الطائرة. فجأة انتبهت أن أبي أصبح كهلا ولم يعد شابا.أصبحت له السند ولم...
كانت في يدي قصبة طويلة ممتدة، وأنا أغطسها في عمق النهر، سقطت واختفت من أمامي، سحبت قدمي ثم عدت إلى الوراء قليلا وأنا أشعر بخوف شديد، تبدى لي من يدي المرتعشتين... فالخوف من أن يبتلعني النهر لم يعد يفارقني منذ أن سمعت حكاية العمة فنيدة. كانت في كل مرة تعيد حكاية الفتاة الجميلة التي أرادت أن تنام...
عراقيات من ذاك الصوب في جنبات المحلة وبين أزقتها، وتحت فيء شناشيل البيوت الناعسة في شمس آب، وفي درابين السوق المتعرجة كان ثمة مجنون بثيابه الرثة ولحيته الكثة يقضي مفردات حياته، وكان اذا أسلس الليل قيوده تهادى الى بعض خربة أو بقية بيت أو زوايا في أطراف الحي لينم ملىء جفونه، وأذا ما أطل الصباح...
لم تكن الزرافة قد ولدت بعد حينما أصدر الوالى محمد على مرسوماً بأسرها تمهيداً لإهدائها لملك فرنسا. كان محتماً أن يقتلوا أمها فبدون ذلك كان أسرها مستحيلاً. عندما أسروها كانت ابنة شهرين فقط: قصيرة القامة باعتبار أن طولها لا يزيد على قامة صياديها! وكانت تحتاج إلى خمسة وعشرين جالوناً من اللبن يومياً...
أشدّ وقعا من تأثير المآسي و أقسى من جراح الحبّ هو ذلك الإحساس المبهم الذي أسرني في سجن بلا قضبان منذ اجتاح المرض جسدي النحيل... و كانت حياتي من قبل سلسة ناعمة تعج بالأوقات المرحة التي نهلت منها أقساطا من الراحة كانت تمكنني من نسيان عقبات تجاوزتها ثمّ وفجأة كشرت الحياة عن أنيابها ، و أصبحت أكثر...
وأخيرا مات الشاعر الذي تنقل بين المنافي كثيرا، لم تبق أرض لم يُقذف إليها. كان يقول ولدتُ وثمة مدفع ملتصق بظهري دائما. منذ العشرينات من عمره وهو مرفوض ومنبوذ ومطرود. اليوم وقد بلغ الثمانين، لفظ أنفاسه الأخيرة في بلدة صغيرة في السويد تدعى أودفالا، شهد فيها مع زوجته الكثير من فصول حياته الأليمة،...
لم يكن أحد يعرف أي شئ عنه، ولا حتى اللقب أو الاسم، أو مكان الإقامة. كل ما في الأمر أن الجميع كانوا واثقين تماما أنه من الوايلي الكبير، وابن الوايلي.. لا شئ أكثر!! اسمه "السيوفي"، لا أحد يعرف هل هو الاسم أو الكنية أو اسم الأب أو مجرد اسم شهرة: يشبه الممثل المصري عادل أدهم بالضبط وأطول منه قليلا...
أعلى