قصة قصيرة

فجأة وفي تلك اللحظة التي أخبروه فيها النبأ، كانت أمسية يوم الثلاثاء، كأنه عابر سبيل يتخطى خطواته مشغولا بتنظيف الشباك الذي يطل على الزقاق، لم يكن يتصور أن بضع كلمات تقطع خيوط ذكرياته كلها وفي غمضة عين كأنه يرمى من عالم الى عالم آخر. في سماعه لاول كلمة استذكر ظهر ذلك اليوم الاثنين، عندما تاه عن...
- هيفاء عزيزتي، ارجو ان تدلكي رأسي بكل قوتك اثناء الغسل، فهو بحاجة الى مساج. تركت ايلونا رأسها بايدي مصففة الشعر لتسبح بخيالاتها الى اعماقها الهائجة. - اواه يا امي... كم اسعدتني حركات يديك الناعمة في شعري ... اين صوتك الحنون، ارسليه ليثلج صدري المثقل بالجراج. - لا، لن ادعك تحملين الالام لوحدك...
كانت الحافلة متوقفة كعادتها بلونيها الأبيض والأخضر كباقي الحافلات، تنتظر على رصيفها المعتاد والمُّـُوسم في أرضيته باتجاهها، تكمل دقائق متبقية من زمن الانتظار المخصص لها، حتى يلّملم صاحبها أكبر عدد من المسافرين، يغتصب زحمة المسافرين بصراخه الحاد وينادي بأعلى صوته إلى وجهتها،أقول في نفسي بعد أن...
جاءني ابني لاهثا . قائلا :هناك بائعا للطائرات الورقية في الخارج وأريد واحدة لأطيرها في الهواء. فلبيت طلبه واشتريت له بدل الواحدة ثلاثة . قال لي: هيا يا أبي دعنا نطيرها. ذلك اليوم كان مثاليا لتطير طائرات الورق ،شمس وريح وسماء زرقاء صافية. وقصدنا قطعة ارض واسعة مجاوره . وقفت أراقب الأولاد وهما...
1 كنت في القاهرة منذ عشرة أعوام شابا غنيا وحيدا وكنت قد انتهيت من دراستي وشيكا وفرغت لشبابي أحياه بعد ضني طويل في الدراسة. وأنت تعرف هذه الحياة الباهرة من الفتوة والكآبة والبطالة.. وتعرف كيف ينبعث من غمارها من حيرة، وقلق، ومشاعر حزينة أخري. فربما استولي عليك في ساعة تعب بعد سهر ليلة واحدة...
ها هي أمامك بوجهها الفاتن.. دفنت نصفها الأسفل في كومة التبن وصدرها البارز يتحداك.. لماذا تسمرت في مكانك؟ أليست هي اللحظة التي حلمت بها؟ ومن قال إن حبيبتك »وديدة»‬ ستعرف وترفض الزواج منك؟ هي مِلكك الآن.. انظر كيف تفرد ذراعيها وابتسامتها العذبة تزغرد لك.. الجو مهيأ تمامًا لتغرق في بحار اللذة...
أغلق حاج الطاهر الخزانة الحديدية الضخمة القابعة خلف طاولة مكتبه بعد أن إطمأن على محتوياتها من أوراق خضراء وحمراء، .. لملم بعض الرسائل من على ظهر الطاولة، وضعها بعناية داخل درج مكتبه، تحسس سلسلة مفاتيحه تأهبا للخروج . عدل وضع العمامة على رأسه، مسح على لحيته، حمل شاله الحريري المخطط في يد والمسبحة...
في بواكير الشتاء، بدأ العميان بالتجمع فجأة على الأرصفة وفي المقاهي. أدت خطواتهم المتلمسة للدرب بالمارة إلى التوقف والتحديق غير مصدقين. مع أن المواطنين عاشوا لأشهر في ظل الخوف من "فرمان العميان"، إلا أن رؤية نتائجه على الملأ أذهلتهم، بل سمّرتهم في أماكنهم. قبل فترة كان الناس قد سمحوا لأنفسهم...
قبعتك العسكرية فوق قامتك المنتصبة وسط الميدان؛ تبدو كهمزة شامخة بين حروف الإرتخاء، حلتك العسكرية التي لا تتغير بتوال الفصول، لازالت برونقها، بالتماع ثناياها، وبريق النسر القابض على نجومه فوق كتفيك، والأوسمة والنياشين قد التصقت بصدرك، كلها اكتست لوناً رمادياً، فاكسبها هيبةً ورهبة وغموضاً. ولأنك...
لم يكن ترعاه يوما في الطّريق أو تمتدّ له يدٌ كريمة تصافح أو تبعده عن خطر فيها به يحوق.كان واحداممّن تمتلىء بهم الشّوارع و تزدان و تفرح إذْ بهم تضيق.إذا عمّروها تجمّلت و احتفلت و إذا ساقهم اللّيل إلى البيوت صارت كمن تزيّنت و تجمّلت ثمّ مسّحت عن وجهها آخر النّهار ما جمّلها من طلاء و مساحيق. كان...
(1) أتسلل خارج المنزل قبل أن يستيقظ أحد فى القريه فى نهاية ليلة شتوية طويله وبداية النهار. الشمس لازلت بكر عجوز قويه ضعيفه صفراء كالذهب. عبير الفجر البارد الذى لا يتأثر بشمس أو فصل أو موسم. تلسع النسمات وجهى وكأنها أمواس وسياط مؤلمه. أستنشق ذلك الهواء الذى لم يمسسه سوء سوى دخان سيجارتى الأزرق...
سحبتني هدى من يدي إلى الشرفة، أشارت إلى الشرفة المقابلة وشرحت الحادثة: – وَقف هناك للحظة، على السور، ثم قفز، أيقظ الارتطام الشارع كلّه. تطلعتُ إلى الشرفة المغلقة، على سورها بعض أصص الصبّار، وفي الأعلى قفص عصافير خاو، وتخيلت “حازم” بجسده الفارع –كما أتذكره قبل سفري الطويل- يطلع السور بخطوة واحدة،...
بالأمس كنتُ أضع الورود على قبر صديقي وأنا أرتدي الأبيض وأدندن: "الحياة حلوة، بس نفهمها، الحياة حلوة محلى أنغامها". وهذه هي الورود التي أهديتُها لحبيبتي منذ يومين، حينما فتحت لي الباب ورفعت الورود بيدي لتلتف حول وجنتيها، لم أرَهذه الابتسامة التي صوَّبتها نحو ذلك الوسيم الذي مرَّ بجانبنا اليوم،...
أمنحه ثديي الأيمن بعدما أخرجته من السُترة الصوفية مُحكمة الغلق .. أقبّل يديه برفق خشية إيقاظه واختطافه – لجزء من الثانية- من أحلام طالما أحببتها و كم تمنيت لو شاركني إياها و لكنه دائما يأبي , فهو يمتلك باكورة الأنانية المُحلّاه بعسل النحل . يلفظه و يبكي بكاءً جافا , فالدمع لا يترقرق في هذين...
على مشارف المدينة، التي انتهت بنهاية حطام الإسمنت، بدأ الليل يلٌّف بعضا مما بقي من نور النهار في قراطيس سوداء، تبدو كفلقات تتخللها مُزُّن من صقيع وبرد، تتساقط تباعا كأمواج بحر متلاطم، بدوره كان سيلُّف آخر سيجارة لكنه تذّكر أن علبة الكبريت قد تبلّلت في ملابسه بالبركة بعد أن فُجر مخزن الماء...
أعلى