قصة قصيرة

"قبل قليل كنت تنعم بصحبة صديقك الفنان التشكيلي في منزله حيث تتجاور اللوحات والنافذة ذات الإطار الأخضر، فتنسى أن ثمة جدراناً، ويغدو المكان مفتوحاً متسعاً على ضيقه، وتنسى أيضاً ما تموج به المدينة من القلاقل. أحمر، أصفر، أزرق... دوائر، مستطيلات ومربعات، أحجام وأبعاد ألوان وطيوف تجعل من هذا المكان...
1- شهرزاد الملكة:‏ .... ويروى أن شهرزاد، بعد أن استطاعت إغراء الملك شهريار بحكاياتها المسليّة المثيرة، وبحديثها الشائق المعسول، وجسدها الدافئ المخدّر، جعلته ينسى شيئاً فشيئاً صلَفه وغروره، وظلّت تسقيه من رحيق الغزل العذب، حتى انصاع إلى رغباتها مكسور القلب، وأرغمته على التنازل لها عن كرسي العرش،...
لم أتخذ قراريَ الأرعن بين ليلةٍ وضحاها، ولا أنا ذاهبةٌ يأساً في رحلةٍ وراءَ مجهول. بل أخرج وأنا بكامل أناقتي وقواي العقلية، مرتديةً نضجي الثلاثيني، معتمرةً كل أفكاري ومعتقداتي وفلسفتي الخاصة في الحياة، سعيا وراء قصة حب. سأكتب تاريخ اليوم في سيرتي الذاتية كإحدى اللحظات الحاسمة في عمري، عمري...
كم يغرقه الحسّ ،و تكسفه المرايا ،فيقبض على روحه من بين الشّظايا ليتكتم عن مرارة خلّفها تعليق لا مبال ...تحتبس أنفاسه وتجحظ عيناه ،ويطوّف بنظره وجهها المبعثر لتغيّر نبرات صوته وتهدّجه فجأة. تحاول اقتناص ثرثرة شاردة أو واردة، تخفّف من تلبّد الغيوم الّتي حامت حولهما، تفتح ناصية للحديث...
كنت أنظر إلى السقف، أحاول تذكّر أغنية قديمة كانت تردّدها أمي، عندما تنتهي من أشغالها المنزلية وتتفرّغ للاعتناء بي. فتغنيها بصوتها الهامس وكأنه هسهسة الزبد يعانق الرمال، يهدهدها برقّة، ويهمس لها بالألحان العذاب، ويحنو عليها حتى تنام. تسرّبت بعض كلمات الأغنية إلى ذاكرتي في إيقاعها الخفيف والمرح...
ها أنت أمامها وقد خالتك ميتا منذ نصف قرن.. تتوالى العبرات تملأ مآقيها، بحورا مهيجة من الشوق إليك، الحرب كالحب يدفع ثمن خطاياهما الأبرياء دوما.. كنتما في عمر الورد، بريئين كالفراشات منذ أول يوم إلتقيتما صدفة… وهاهي الصدفة تكرمكما بلقاء قدري في العيد الخمسين لثورة الجزائر، توقظ فيكما ثورة حب...
مات خورخي لويس بورخيس يوم 14 يونيو (حزيران) سنة 1986، في مدينة جنيف.. مدينة شبابه، واكتشاف لذاذاته في القراءة، ومعرفة الحياة.. مات بورخيس في ذلك اليوم من تلك السنة، وبذلك المكان الباذخ: جنة من جنان أرض أوربا.. لكني لم أمت يومها على الرغم من استفحال مرضي، وعلى الرغم من تحول جسدي إلى شبه هيكل...
لن تخبره تفاصيل يومها الكثيرة بعد الآن، أو ربما لن ترد على اتصالاته مرة أخرى. ما كان لها ولهذا الإحساس الطارئ عليها، بعد أن لملمت روحها جراء إحباطها ممن كان يجب أن يكون كل الناس، فلم يكن أحداً. إلى متى، ستكتب وتمحو، وتعيد الكتابة، وتعيد الصياغة، وكأنها بذلك تعيد ترتيب ذاتها وفهم إحساسها. في ذلك...
ارتميت على الوسادة، تنفست ببطء وحاولت تصفية ذهني من كل الأحداث التي مرت بي اليوم. هكذا يقول خبراء النوم، عليك أن تتنفس ببطء وتخرج مع كل نفس جميع الأفكار التي علقت بذاكرتك حتى تصل إلى مرحلة الصفاء الذهني. ذلك البياض اللامتناهي مثل ضباب متشابك.. وضوء لطيف غامر. (احتضنت المخدة.. رميت إحدى ساقي...
اندفع الى الداخل بشدة، بشدة ألتف حول ذلك الصداع. أباغت نظرة أبي، شهقة أمي، عودة أخي من المدرسة، صوت (الأتوبيس) الذي يأخذ معه الطرقات الضيقة، وجه الحواري وتلك الصبغة الحمراء في شعر أمي. مضيئة دون حلم هي أنهاري التي راحت تجري بسرية وإمعان في أغواري العميقة هناك حيث يحاول الجميع التعرف على كنهها...
ألا هو الليل يحل يسكن بلا ضجيج خلجات الروح…ألا ليته يرفق بحال تلك العيون الساهرة التي أنهكها ملح مائها…وكأن الليل لصٌ يرتقب هدوئي و سكوني ليبعثره في فوضى الذكرى..تلك المعتقة في سراديب العقول… فالليل في منطقة (أعالي النيل) له نكهته الخاصة : امتزاج الطبيعة التي الساحرة بهدوء الليل الذي يبعثر...
كان رجلاً بسيطاً ميسور الحال ولكنه ليس بالغني. كان وحيد والديه ولكنه كان كثير الأصدقاء لما عُرِف عنه من طيبة معشر وجمال اخلاق وزكاة نفس وكثرة تواصلٍ مع الناس. لازَمَه المرض عند دخوله الأربعين ضغط دمٍ وداء سكّر بأتعس درجات هذين المَرَضَين. مجبوراً، إحتمى حمية حرمته دسم الطعام وحلوه ومالحه. لا...
فى اواخر العام 2015 اعلن لنا استاذ علم الاجتماع بالكلية عن نيته فى اصطحابنا فى جولة ميدانية لدراسة حالات عينة من الناس يتمكن خلالها الطلاب من ترسيخ ما درسوه نظريا فى تخصص علم الانسان، او ما يعرف عند علماء الاجتماع اصطلاحا بـ (الانثروبولجيا ). فاجأ الاستاذ الجميع باختياره معسكر كلمة للنازحين...
لم أكن أعير اهتماماً للألحان ولا للموسيقى حتى حلّ ذلك اليوم. كان يوم عيد لكني ومنذ ليلته شعرت أنه سيكون مشؤوماً، منذ الفجر صعد من الجنوب حرّ غباري خانق لم يتركني أنام. وبقيت أتقلّب في الفراش حتى سمعت لغطاً قوياً يأتي من خارج الدار. خرجت أستطلع الأمر، كانت الشمس كأنها استأجرت غرَفاً فوق السطوح...
وقفتْ طويلاً أمامَ المرآةِ وتفحّصتْ ملامِحها عشراتِ المرّاتِ: هل يُعقلُ أن تتغيّرَ ملامِحي بينَ عشيّةٍ وضحاها؟ حاولتْ أن تصرخَ بأعلى صوتها: اُخرُجْ منّي يا ملعون.. لا مكانَ لكَ بِحياتي. لكنّهُ شيطانُ الاكتئابِ ربطَ وعطّلَ أوتارَ صوتها. حاولتْ أن تعزفَ على نايها القديم الّذي أهملتُهُ سنواتٍ،...
أعلى