قصة قصيرة

-1- لم يكن من عاداتي التجسّس على النّاس أو التدخّل فيما لا يعنيني، وإلى الآن لا أدرك حقيقة ما دفعني إلى دخول هذه المغامرة التي أودت بكلّ حياتي “التافهة” إلى الهاوية، هذه الهاوية السّحيقة التي لا أستطيع أن أتبيّن مدى عمقها وعتمتها. لم تكن حياتي تسير وفقا للخطّة التي رسمتها، فأحلامي كانت أكبر...
فجأةً، تنهمر قطرات الغيث على المدينة بعد طول ترقّب. تتجمّع السّيول وتتكون وديان صغيرة تجري في جنبات الطرق. يظهر ارتباك ملحوظ في حركة المارة. الناس يركضون في اتجاهات مختلفة ليَختبئوا من القطرات الكبيرة المشاغبة. تنظر إلى المتراكضين وابتسامةٌ ساخرة تعلو شفتيك. لماذا يهربون من قطرات الغيث ولا...
الحافلة تتجه بنا، أنا وأبي..إلى مسقط رأسه بإقليم الناظور. قبل أيام من سفرنا أبلغني والدي أنه بلغ السبعين من عمره، فنزلت من عيني دمعة.. ظلت على مدار الساعات.. تعبر خدي مرتجفة باتجاه الروح.. وقد هيمن الليل على قلبي وانطفأت نجومه الطائرة. فجأة انتبهت أن أبي أصبح كهلا ولم يعد شابا.أصبحت له السند ولم...
كانت في يدي قصبة طويلة ممتدة، وأنا أغطسها في عمق النهر، سقطت واختفت من أمامي، سحبت قدمي ثم عدت إلى الوراء قليلا وأنا أشعر بخوف شديد، تبدى لي من يدي المرتعشتين... فالخوف من أن يبتلعني النهر لم يعد يفارقني منذ أن سمعت حكاية العمة فنيدة. كانت في كل مرة تعيد حكاية الفتاة الجميلة التي أرادت أن تنام...
عراقيات من ذاك الصوب في جنبات المحلة وبين أزقتها، وتحت فيء شناشيل البيوت الناعسة في شمس آب، وفي درابين السوق المتعرجة كان ثمة مجنون بثيابه الرثة ولحيته الكثة يقضي مفردات حياته، وكان اذا أسلس الليل قيوده تهادى الى بعض خربة أو بقية بيت أو زوايا في أطراف الحي لينم ملىء جفونه، وأذا ما أطل الصباح...
لم تكن الزرافة قد ولدت بعد حينما أصدر الوالى محمد على مرسوماً بأسرها تمهيداً لإهدائها لملك فرنسا. كان محتماً أن يقتلوا أمها فبدون ذلك كان أسرها مستحيلاً. عندما أسروها كانت ابنة شهرين فقط: قصيرة القامة باعتبار أن طولها لا يزيد على قامة صياديها! وكانت تحتاج إلى خمسة وعشرين جالوناً من اللبن يومياً...
أشدّ وقعا من تأثير المآسي و أقسى من جراح الحبّ هو ذلك الإحساس المبهم الذي أسرني في سجن بلا قضبان منذ اجتاح المرض جسدي النحيل... و كانت حياتي من قبل سلسة ناعمة تعج بالأوقات المرحة التي نهلت منها أقساطا من الراحة كانت تمكنني من نسيان عقبات تجاوزتها ثمّ وفجأة كشرت الحياة عن أنيابها ، و أصبحت أكثر...
وأخيرا مات الشاعر الذي تنقل بين المنافي كثيرا، لم تبق أرض لم يُقذف إليها. كان يقول ولدتُ وثمة مدفع ملتصق بظهري دائما. منذ العشرينات من عمره وهو مرفوض ومنبوذ ومطرود. اليوم وقد بلغ الثمانين، لفظ أنفاسه الأخيرة في بلدة صغيرة في السويد تدعى أودفالا، شهد فيها مع زوجته الكثير من فصول حياته الأليمة،...
لم يكن أحد يعرف أي شئ عنه، ولا حتى اللقب أو الاسم، أو مكان الإقامة. كل ما في الأمر أن الجميع كانوا واثقين تماما أنه من الوايلي الكبير، وابن الوايلي.. لا شئ أكثر!! اسمه "السيوفي"، لا أحد يعرف هل هو الاسم أو الكنية أو اسم الأب أو مجرد اسم شهرة: يشبه الممثل المصري عادل أدهم بالضبط وأطول منه قليلا...
قالوا: "بالسر إن باحوا تُبَاح دماؤهم، وكذا دماء البائحين تُبَاح". فقال: ما آيتى؟ قالوا: ألا تكلم الناس دهرا. فالصمت صفة العصافير العاصية، وصبر عاصم من عصف العواصف العاصفة، وسيف مسلول مسموم مسحور إن قطعته قطعك، وإن وصلته قطع غيرك.. فالويل لك.. الويل لك. ( 1 ) في عصر يوم قائظ دخل جدى وخلفه ذلك...
في ليلة واحدة حلمتُ بثلاثة أحلام متتالية. كنت أخرج من حلم لأدخل في آخر. رأيتُ في الحلم الأوّل، وكأنّي أمشي فوق بحر من الرّمال بجسم واهن وحلق جافّ، أبحث بجنون عن قطرة ماء وسط السّراب. لمحتُ فجأة شجرة يتيمة وسط القفر تقاوم الموت. جريتُ إليها بما تبقى فيّ من جهد. حين وصلتها وجدتها شجرة اصطناعية،...
في أول نوفمبر وصلت إلى هيئة تحرير باب "فسر أحلامك" بجريدة النور اليومية ذائعة الانتشار رسالة من أحد القراء يروي فيها حلمه. كان كابوساً شديد الوطأة. استفاض القارئ الكريم في شرحه مستعينا بتعبيرات أدبية غريبة مثل "مهول" و "انهيار" و "دبيب غامض" و "حيثما أريد الهواء لا أجده" . شيء وحيد نقص الرسالة...
صاحت زرقاء اليمامة بجواري.. إنهم قادمون .. صحت أنا وهي .. تصيح هي .. تصيح أنت .. ولكن الصوت بح .. قلنا لهم من قبل أن يأتي الطوفان .. إنهم قادمون .. والموت قادم لا محالة والموت قادم لكم جميعا. دخلوا العراق .. دخلوا فلسطين .. دخلوا .. خرجوا .. عبثو .. قاموا .. صعدوا .. هبطوا أنت وهم .. هم وأنت ...
نفذ أمر اعدامي بأقدم ألأسلحة ، قبل أن أشاهد سرعة الرصاص ألتي كانت تتجه نحوي، مجموعة الأسئلة أنستني عملية القتل الساحرة:(هل قتل هابيل بنفس السرعة؟، هل الدماء ألتي ستسيل من جسدي هي نفس الأمتداد لتلك الدماء ألتي سفحت في الخطيئة الأولى؟ ، اذن و بأية آلة دامية تمكن قابيل من قتل هابيل ؟ ). ولفترة...
كيف تجمَّع غباء العالم كُلّهُ بين كَفِّيها هكذا فَجأَة ؟ هي لا تَعْلَم ، هل لا زالت تلك المرأة نفسها التي كانتها في وطنِها ، أم أن شيئاً وأشياء في روحِها وكيانِها قد تغيَّرت ورُبَّما كيانها برُمتهِ قد انْقَلب ؟ وبعضٌ من الثقةِ بالنفسِ أَين هو الآن ؟ هل ودَّعت هذا البعض حين خطت بقدميها حدود...
أعلى