قصة قصيرة

“كلانا مظهرٌ للناس بغضاً / وكل عند صاحبه مكين “* فى ليل مثل هذا الليل ، خرجت ليلى من خيمتها، كانت ترتدى النقاب، لكن قيسا -الذى يراقب الخيمة كل ليل- عرفها رغم نقابها.. انتظر حتى مرت من أمامه وعبرته، ثم تابعها بنظره حتى اختفت، وأسرع خلفها.. سأله المحقق: لما أسرعت خلفها؟! قال قيس: لأعلم .. ***...
مر علي أكثر من أسبوعين لم أغادر البيت ولم أر مساءات المدينة التي تعودت أن أقضي بعضا منها مع الأصدقاء في ذلك المقهى الشعبي.. مقهى محاد الصغير المقابل لبزار العقيد ومحلاته التجارية الكثيرة.. مقهى صغير دافىء يؤمه الفقراء وباعة الخضر والفواكه بعد أن يفرغوا من البيع والشراء أنا أحب هذا المقهى بالذات...
لم يكن يرغب في ان يصبح موظفا لولا ضيق ذات اليد و«صعوبة الحياة»، على حد تعبير صديق عمره ناصر، لكنه كان يحلم ان يصبح كاتبا وكفى. كاتبا مهما له اسم في دنيا الأدب والصحافة وعوالم الابداع. ليس بالضرورة ان يكون مثل بورخريس أو نجيب محفوظ أو محمد زفزاف ولا أي كاتب آخر له صيت وشهرة واسعة متداول عند...
أُنثى في أوَّلِ مواسِم تفتُقها.. تُغالِطُ نُضْجَ الطّرِيْقِ، وثقته بطُولِه، ووحشتِه في المُنْعطفات، والفواصِل بينَ أحياءِ المدينةِ. تُحاجِجُ بكَ أيُّها السّابِحُ في الهُناكَ، وهائمٌ في شِعْرٍ شابَ شَعْرُ اللّيلِ منه؛ فغدا ساهرًا كنجلاء تترقبُ عودةَ المُهاجِرِ.. نعم أنت حُجَّتها ودليلُ خلاصها من...
كانت عيناه الجاحظتان تتجولانِ في فضاء الغرفة بصمتٍ يغلفه القلق، تبحثانِ عن الأمان بعد أن بات الأملُ عزيزاً على النفس وحلَّ اليأس ضيفاً ثقيلاً على الصدر، لكن أين هو الأمان والخريفُ المتعجل قد اغتصب الشباب من جسده الفتي عنوة محولاً إياه إلى جسد نحيل يشبه في حاله الحزين جذع الشجرة المتيبس القديم...
كنّا ثلاثة ، وكانت الكلبة رابعنا . كلبة الأرملة " زاينة " الصويرية ، التي تغلق باب الكوخ المظلم على أسرارها كل يوم ، وتهيم على وجهها خارج الدوار ، رفقة ابنتها الخرساء الوحيدة . قيل إن المرأة تعبر الجسر في اتجاه المدينة كل يوم ، تصبن الغسيل في أحياء الميسورين ، وتطلب الصدقات قرب محطة الحافلات في...
في الفجر خرج عبد الله، شاب في الثلاثين من عمره، من داره في (حي الشهداء) متوجهاً، كما في كل فجر، إلى موقف عمال المسطر في (بغداد الجديدة.) كان الصباح ينبلج و الظلام ينحسر، ولكن الدرب، تتوزعه الحفر ومجاري المياه الآسنة الصغيرة الخارجة من الدور، جعله يمشي بحذر، متلمسا خطواته، إلى الطريق المؤدي...
ثقيلة كانت تلك الحقيبة المدرسية على كتفها الصغير، كثقل ساعات مجهدة في المدرسة، مدرسة لم تكن لتملك فيها صديقا، او احدا يهتم لأمرها ، تحمل الحقيبة راكضة، فرحة بانتهاء ساعات القلق المدرسية، مسرعة الى السوق، هناك وجوه وأشياء جديدة ستراها، وهناك ثوب سوف تتأمله وتحلم بارتدائه، وهناك وقت صغير كحلمها...
تناثرت طفولته بين عجزه عن تفسير بواكير الأمور وأسرار دموع أمه التي كانت عاجزة عن أن تروي روحه الظمأى وراء نظراته المستفزة, كلما يتذكر كلامها عن الشيخ يتذكر نثار دموعها وتتكاثر الغاز الحياة حوله, يتوسل إلى طفولته الغضة أن تجيبه عن تساؤلاته المزمنة لكن بلا جدوى, أفي الدنيا أسرار عصية على الفهم؟...
إلى الصديق/ زياد السالم، وهو يحار في اختيار شراب يطفئ لهيب ذاكرته الشمالية. رأيتُ وأجهزة دعم الحياة موصولة بجسدي شبه الميت شجرة مثمرة بنهود بيض وسود وأغصانها المثقلة بالنهود الفتية المتدلية تميل بالأفرع الخضراء إلى الأرض الصفراء وأنا تحت جذعها البني الحائل اللون أستظل بظل النهود على الأرض...
تلونت الأيام في مخيلتي وأنا أفيق من صمتي الأبدي لأصيخ السمع لهمهمات الطفلة ذات السنوات المعدودة، التي تعيش داخلي حين تتضح لي صورة تلك الأحداث.. الفاجعة.. الصدمة.. وهي تتسرب إلى نفسي الكسيرة.. الحزينة.. لحظات الاسترجاء.. الاندهاش.. الرغبة المكبوتة بالصراخ والخوف من المجهول في عالمي المتلاطم...
لا شمش ولا قمر ، لابحر ولا نهر ، ، لا وردة و لا سنبلة ، لا جبل ولا سهل لاوجه ولا جسد ، لا شئ ، لا شئ تطل عليه عيناك المطفأتان . ولدت بين نور ، و فراش لين ، ، لكن الضوء ، كان ينسحب من حياتك ، رويدا رويدا ، يهرب من مقلتيك ، هاربا الى قلبك ، ماتفقده امامك تجده داخلك ، كنت تر ى مالم نر ، تبصره ،...
خرجت إلى ساحة الدار المكتظة بحزن السنين القادمة، يتلعثم الصمت في حنجرتها، ويلفها السكون وتتسكع الكثير من الأسئلة في زواياها الضيقة، تلك الأسئلة تغط في سبات عميق وسرعان ماتستيقظ حائرة، تبحث عما تلتهمه وهي تجول في محاجرها الصغيرة، أرهقها الخوف وفتت الترقب آمالها. كانت واقفة على عتبة الباب، صالبة...
حشرة الخوف تتكاثر في عروقي.. معبأة بها عظامي.. أتت على مخزون النخاع فيها.. تسايل شوقي للحد المعطر برائحة الدود المتناحر في الثرى.. بدا لي لحمي مطهوًا في محرقة الوجود.. استشعرتُ عقلي يخر أفكاري النجسة كدم دبر.. كانت قواي حديد قبل مولد الحشرة، والآن أقف تحت الماء وأبكي.. أوهم نفسي أن دموعي قطرات...
(رجل سيتوجه عما قليل إلى المقهى) أصبحنا غريبين تماماً، نجلس صامتين، متحفزين لمواجهة أبداً لم تتم. لا أشعر تجاهها بأي مشاعر، ولا حتى الشفقة، وهي تبدو من وراء دخان سجائرها عجوزاً بائسة، لا تمت بصلة الى فتاة رقيقة بفستان أبيض منفوش، تتأبط ذراعي في صورة معلقة في الصالون. حالمة، تعيش في عالم من...
أعلى