قصة قصيرة

أتشممكِ، أتسلقُ ضفائرك الخيلية، أتكئ على حرف جفنيك، ألملم شعاثي ولهاثي أذرف دمعة جافة وأتضرع: - خذيني حيث يكون البحر رائقاً. ماجت رغباتي وكان الوقت كسيراً.. قالت: - هيا نستطلع أحوال البحر. القطار لا يتوقف.. نجلس صامتين بجوار النافذة.. محطتنا الأخيرة قلعة قايتباي في رأس مدينة البحر.. ملهوف متلهف...
ما الذي يمكنني فعله بينما تقع انفجارات فى الخارج! يمكنني قضم تفاحة وأنا أمر في صالة منزلنا أمام شاشة التلفزيون والتباطؤ فى مضغها قليلاً مراعاة لحُرمة الدم وفي عيني كثير من التأثر، يمكنني الهروب من مشاهد القتل إلى شاشة «اللاب توب» للبحث عن صديق أتحدث معه غير مشغول بالمعارك الدائرة حول المتسبب في...
لم تكن ميساء الحمصية جميلة الجمال المعروف الشائع، فهي تمتلك عينين كبيرتين رماديتين ما إن تنظرا إلى الرجال حتى يشعر الرجال أنهم أحياء وجياد تصهل متأهبة للفوز في أي سباق، فلا تبالي بهم إذ كانت تهتم بعملها أكثر من اهتمامها بالرجال، فهي معلمة في مدرسة ابتدائية، مخلصة لمهنتها، ومحبة لتلميذاتها...
بين مهن كثيرة زاولتها في حياتي، عملت، مرّةً، حامل مظلة، أقف في كشك زجاجي مكيّف، أصغر من أكشاك شرطة المرور وأكثر نظافة، إلى جانب بوابة احد الفنادق الكبيرة، ما أن تُقبل سيارة حتى أهرع فاتحاً مظلتي قبل أن يضع القادم، أياً كان، قدميه على الرصيف وأصحبه حتى مدخل الفندق. المسافة القصيرة بين الرصيف...
أتوقع ألا تخرج فقرات المينى باص عن السيناريو المعهود , أن تبدأ مراسيم السباق بين سائقه وبين العاملين معه على نفس الخط , يكسر الطريق على البعض , ويعوِّد الآذان على مزيد من أصوات الكلاكسات , وتضارب موسيقى الأغانى الزائطة لكن الكفة الراجحة قد تكون من نصيب أغنيتين شهيرتين , الأولى " مفيش صاحب...
الحبوبي بعبائته الكاكية يرتسم على ملامحهِ حزن أسمر يشغل حيّز الصمت وسط الناصَّرية والناصَّرية فتاة التناقضات ، زليخة التي التهمتْ تفاحة الخطيئة الأولى فتكومتْ بين خطّي عرض ثلاثين واثنين وثلاثين . برزخان وهميان كنابين عاجيين للذئب الذي أكل يوسف . أهٍ. يا يوسف ! زليخة مدينةٌ وحيدةٌ محاصرةٌ رسمتها...
حدثنا الأديب النجيب المحب بن حبيب قال: أخنى علي الدهر مرة بصروفه ولفني البؤس في كثيف سجوفه حتى ألجأني الإفلاس إلى التماس الناس.. فعولت على ركوب الطريق القصير تخلصا من مضايقات الضمير واستشرت بذلك الناصح الصدوق فقال لي: عليك بمعهد الحقوق فدخلت فيه قاعة واسعة الأرجاء فسيحة الأنحاء ما فيها من...
للوصول إلى (سرف حسين)عليك الخروج من الديم الكبير من أتجاه الشمال تماما، وما أن تسير مسافة ساعة حتى ترى أمامك الجبل الأسود الضخم ، يغيب مرات خلف الغمام ويظهر مرات . تتقدم قليلا فيظهر لك المنحدر الطيني ، تحت أقدام الجبل الرابض. يظهر المنحدر مخضراً اخضراراً شديداً ، ينصفه جدول عميق ينتهي عند قاعدة...
يقول نيلسون مانديلا « لا يسلب السجن حرية الإنسان وحسب، بل يحاول أن ينتزع إنسانيته، فكل واحد من السجناء يرتدي ملابس من الطابع نفسه، ويأكل الطعام نفسه، ويتبع الجدول اليومي نفسه من العمل والروتين، إضافة إلى كبت الحرية، فالسجن نظام استبدادي قهري لا يقبل الاستقلال أو تميز الشخصية، وعلى المناضل بحكم...
لبيتنا بوابة حديدية كبيرة سوداء ، معلق بها من أعلى جنزير صدئ غليظ ، في طرفه قفل نحاسي ضخم جداً . أبي يقول أنه يكره هذا القفل لأنه لا يمكن كسره . " هل يريد ابى ذلك حقا ؟ ". لو وضع جدي يده على كتفك بحنان ، مكلما إياك بصوت ودود لضربتك الزلازل من داخلك . كلنا نخافه فربما يزعق في مرة فينهار البيت...
في هذه المحطَّةِ قيلَ إنها ألقتْ بنفسِها لعجلاتِ قضبانِ السِّكةِ الحديديةِ! ... كانَ القطارُ مسرعاً، وكانتْ ترنو إلى البعيدِ مترقبة قدومَه بهدوءٍ مريب. وقيل إنها بلمحةِ بصرٍ ألقتْ بنفسِها أمامَه ليستحيلَ جسدُها أشلاءَ متناثرةً في كلِّ اتجاه ....ولتحيلَ المحطةَ إلى عويلٍ وصراخٍ... لكنَّ أحداً لم...
طرق الشّاوش منصور بابي حين عاد إلى الحيّ في آخر الليل. جاء يعلمني بأنني مسجّل على قائمة الانتظار الرّسميّة. زوجتي لا يعجبها العجب، طبعا. لذلك فهي لم تر في وجود اسمي على هذه القائمة حدثا يستحقّ أن يصعد من أجله الشّاوش منصور بطمّ طميمه إلى الطّابق الأخير من العمارة، وأن يطرق بابنا في تلك السّاعة...
كان يحمل المعول على كتف يبدو عاريا من قميص ممزق، وكان حافي القدمين يمشي مسرعا بين جدار البستان والساقية، يهرول لأن دور الماء كاد ينتهي. ثم صدح بموال حزين فصفقت أجنحة اليمام من النخلة، وسقط خلخال من رجل الغجرية. سقط الخلخال وخنق مهرج الجماعة القزم ضحكة نزقة، كان يخاف أن تغضب الراقصة لكنها ابتسمت...
حدثنا عبد السلام بن محب قال كنت في معهد الطب أدرس الأمراض و أسرارها و الجراثيم و أضرارها و الطفيليات و أخبارها على يد الأستاذ الذي شاع ذكره في العالمين أي شيوع و سطع علمه أبهى سطوع الدكتور جبرائيل بن بختيشوع و بينما نحن في درس من دروس ذلك النطاسي العلامة و الفطحل الفهامة إذ دخل علينا فتى مصاب...
كان ينتظر أحد أصدقائه في الممر الطويل، حين بزغ وجهها البيضوي المختوم بشامة سوداء أسفل الخد.. ثمة طين خفيف يغطي أناملها، ويلطخ ببقع صغيرة ثوبها الأسود.. بعد ساعات.. في الطريق الى بغداد.. لم يجرؤ على مسح الطين المتراكم فوق نافذة الحافلة؛ كان يخشى ضياع رائحته وتلاشي ملامح اكتشافه الجديد الذي أطَّر...
أعلى