قصة قصيرة

بعد أن انتصف الليل و نام أهالي القرية المتعبون خرج يطوف البيوت بيتا بيتا ينثر على الوسادات مزيجا من أحداث اليوم و الأمس وبعض المنى الملونة، كلٌّ حسب عمره و مزاجه وسعة خياله. كان ساعي الأحلام كجاسم صانع الخزف يمارس الطقوس ذاتها لكنه يخرج من الدوران و الانحناء ات شكلا جديدا كل مرة , إلا معها هي...
- كوميديا سوداء، قال المحرّر وقد ألقى نظرة تأمّل عميقة على مسوّدة العمل الأدبيّ بعد أن أنجز قراءته للتوّ. نعم هو كذلك، لم لا؟ دقّ قلب الكاتب وقد شعر بفرح مرتقب. بحث المحرّر في الدرج الأسفل للمكتب وأخرج منه سهم، تفكّر بحرقة، كيف لم يخطر ببال أحدهم أن يزوّده خلال السنوات العشرين الماضية ببعض...
دعته اليد الدافئة لزيارتها في البيت. استحمّ، وحلق ذقنه، ولبس ملابس أنيقة. وقف أمام المرآة يعقد ربطة عنقه، ولاحظ خطوط الشيب في شعره، فابتسم. كان الشيب يعطي لمظهره رزانة. حدّث نفسه: شابت نواصي الليالي فانحنت، لكنني لم ولن أنحني. في طريقه إليها، توقف عند بائع الزهور، وانتقي باقة من الزنبق وعُرف...
تعقيب: سأصارحكم بالحقيقة، بطلة القصة هي أنا، وقد جرت أحداثها قبل عام، واليوم لا يُرحب بي في معظم المقاهي، وابتعد عني معارفي، ويتجنبونني إذا صادفوني، وحتى جلال، لم يعد يهتم بمشاكل أبناءه، وبصراحة أكثر لا أعرف ما هي المشكلة وما هو السبب، فأنا على حق والجميع لا يعرف حقيقة من أنا.. التوقيع: أنا...
حجرةٌ للحياةِ والموت لم ينسَ أن يصلّي ركعتين قبل أن يَلِجَ المكان، ثمّ رفع يديه إلى السماء طالبًا المغفرة. - أنت تخيفني يا وليد بتقاليدك هذه، لماذا الصلاة دومًا قبل أن ندخل وكأنّ العودة مستحيلة؟ ابتسم وليد وقال في سرّه "اتّكلنا على الله". مجموعة الحفر والتنقيب مكوّنة من أربعة أشخاص، بدأوا...
يخرج من البيت بعد الساعة الحادية عشرة صباحا بعد أن يقضي كل حاجاته ومتطلباته البسيطة. لابسا سروال الجينز الأزرق وقميصه الصيفي المزركش بألوان متناسقة الأشكال كأنه لوحة تشكيلية، بظهر مقوس شيئا ما، متراخ بعض الشيء بفعل السنين التي يحمل عليه، ومدى الأشغال التي قام بها في المؤسسات التي اشتغل بها كمدرس...
1 في كل مرّة أذهب بها لزيارة أمي، أتمنى في سريرتي، أن أجدها وحدها، فبيتها لا تنقطع عنه الزيارات، وكما قالوا “الإم بتلم”.. لكني في هذا المجال أشعر بأنني أنانية، لأنني أريد أن أستفرد بها وحدي، فهي لا تفتح أبواب قلبها لي، إلا إذا كنّا وحدنا، فكثير من القصص المخبأة في صدرها سمعتها منها عندما دلفنا...
خارج عالمها الداخلي هدوء والكل لبس ثوب الصمت.. لأن النوم سيد الموقف الآن.. وفي غرفتها يصدح الخوف وصوت نجاة الصغيرة: (أيظن اني لعبة بيديه أنا لا أفكر في الرجوع إليه اليوم عاد كأن شيئاً لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه) يستفزها صوت نجاة وهي تغني بحشرجة وملامة، و تتساءل بضعف عاشق تتلاعب به حالة وجد...
هي امرأة تحضن قبرها تماما كما تحضن الطفلة دميتها.. هي امرأة ترفضها كل المدن.. كل الوجوه التي تتناثر على صدر الصباح، لهذا قررت أن تنصب خيمة على جسدها وتلف غيمة حول رأسها لتروي على مسامع الكون تفاصيل حبها.. هي أفاقت هذا الصباح، فاكتشفت أنها تحضن قبرا.. هو ما كان قبرا قبل اليوم، بل كان شمسا تربعت...
ما إن خرجت السيارة من ساحة المطار وراحت توغل في رحاب القاهرة حتى رأيته, ومكث يلقاني بنظرته العميقة الحنون تلك, وكان صوته المتمهل الخارج من أعماق فلسفة الإنسان والوجود يغمرني بموجات تجيء وتمضي, فكنت اتعجل لقاءه. أشجار البونسيانا في أوج تفتح أزهارها الحمراء النارية الهفهافة صارت ارتباطا شرطيا...
اندفع عدد من الرجال خارج بيوتهم. استندوا إلى الجدران الجانبية للبيوت، وأخذوا يتقيأون. أحصاهم رجل كان يمر مصادفة وتوقف، وجد عددهم يقترب من الثلاثين. صف طويل من البيوت على جانب الحارة، ونسوة يصرخن ويلطمن الوجوه. قال الرجل: هو السماد الكيماوي. سقطوا سهوًا على العيش أو أي طعام آخر. هز رأسه مؤكدًا ما...
أتذكر دائما الليالي ولا أتذكر من النهارات إلا استثناءات مثل يوم 18 يناير/كانون الثاني عام 1977 حين تركت غرفتي المفروشة أيام الشباب، لأتناول إفطاري في محل ألبان في حي ديرالملاك، حيث كنت أسكن، فوجدت الشوارع مكتظة بالمظاهرات وكان نهارا لا مثيل له إلا نهار يوم 28 يناير عام 2011. النهار يمر تقليديا...
عجيب أمر المقهى الصغير القابع في الركن الأيمن للشارع الرئيسي لحي “للا العالية”، ليس فيه سوى حصير مد على طول أرضيته، جدرانه طليت بلون أصفر يحجب ما علق بها من غبار وأوساخ، تقدم لزبنائها شايا أخضرا أو قهوة بلون الفحم وأوراق اللعب مرفوقة بحبات الحصى، ومع ذلك فهي لا تكاد تخلو من الزبائن إلا في وقت...
يوم رحل الفرنسيون عن القرية، وجد نفسه وحيدا كاسمه الفرنسي الغريب. وكل يوم مر بعد ذلك لم يزده الا اقتناعا في ان ما يحدث ليس سوى انهيارا ونكوصا . جلسته الانفرادية بين أطلال الراحلين في "لاس راص " وحدها كانت تهدئ من روعه وتمنحه دفئا يعمل أثناءه على النبش في ذاكرته. لكن مروره امام سور العاطلين كان...
بيننا ترقد هذه المرأة, بيننا تتردد أنفاسها الحارقة كحائط عال وسور من الأشواك. أمد يدي إليه, تتسلل أصابعي من تحت السور, تسيل دمائي على الأشواك وهي واقفة في المنتصف تنفث دخانها وأنفاسها الحارقة, عيناها الشاخصتان تحترقان ببريق غامض, شعرها المنفوش يطل ألسنة من نار, عظامها البارزة عند الكاحل ورجلاها...
أعلى