قصة قصيرة

في مقهى ما من مقاهي الـمدينة، كانت تجلس مع صديقتها الأجنبية، تشرب الشاي بهدوء، تضحك بشكل حقيقي، تبتسم بعمق، تحرّك يديها تماماً كما تفعل في كل الأمكنة، في مؤسستها مثلاً. هنا في هذا الـمقهى لا شيء حقيقياً أو عميقاً، ومع ذلك فهي تفرض الآن صدقها وتلقائيتها في عالـم مكوّن من قش متطاير وخشب محروق، لـم...
جرت في المقهى مباراة صاخبة في لعبة الكونكان بين معروف السماع ورشيد القليل، كثر مشاهدوها وتطايرت في أجوائها التعليقات الحماسية الساخرة المتحدية، وانتهت بهزيمة رشيد، فتباهى معروف بانتصاره، ونصح خصمه بلهجة ممازحة بمواصلة التدرب ليل نهار قبل اللعب مع أساتذة مثله. فاغتاظ رشيد، ومزق أوراق اللعب، وقذف...
إلي أحمد بوزفور بدون مناسبة‏. ‏ أخذتني من ولم تبقني لي فها أنا بلا أنا متصوف عربي قديم استهلاك بدأت أحن إلي أيامي التي تصرمت فأدركت أني شخت‏.‏ بدأت أري إلي صدور الفتيات تتدلي وهن لم يبلغن الحلم بعد فأدركت أن ما فات فات وأنه لم يعد علي سوي لزوم ركن لا تعبره الأصوت ولا الروائح والأضواء وانتظار...
يا الصابرونَ على الـهمِّ، ضاقَت عِندَ العُمر أُمنِياتـي، وذَاقَت نَفسي وَجَعَ الفَجائِعِ.. من جَنوبٍ كان الرحيلُ يومًا.. باردًا يومًا.. لكن لهيبًا ما يلفحُ وَجهـي، وشتاتٌ مُبعثَرٌ مِني تعبثُ بِهِ رياحٌ شتى، تقفُ أُمي عند عتبةِ البابِ وبيدها إناءُ ماءٍ لِتَصبه ورائي حتـى أعودَ إليها، وفـي...
كان جالساً على السرير النحاسي العالي المرفوع على قوالب عدة من الطوب الأحمر، هي كانت جالسة على الأرض مستندة إلى دولاب ذي زخارف عتيقة معبقة برائحة بخور هندي، متربعة في جلبابها الأسود الذي لا تبدله؛ فقد ماتت أمها ومات أبوها وزوجها وخمسة من الأولاد. أخذ يحكى لها عن أحزانه الدفينة والتى لا يفصح عنها...
من يرد البصر، ومن يعيد النور؟ هي الألوان تهرب منه، والوجوه. جلس، وضغط على شفته السفلى، كاد يقطعها. ارتجفت. رفع رأسه لأعلى، وسأل: ما العمل يا أولاد؟ الأرض تهرب من تحتنا، ونبحث عن الشقوق لنختبئ فيها. تراجع أخي الأكبر وخرج دون إبداء رأي، لكنه كان يسبنا جميعا وهو خارج لحظة كان يتحسس علبة سجائره،...
مضي في قلب حارة اليهود، تميزه قامة أميل إلى القصر، والامتلاء ورأس مهوش الفودين وشعر كثيف يطل من فتحة الجلابية، أعلى الصدر. بادي الصحة بما يلفت النظر. يعرفه المارة والجالسون فهم يتقونه بإلقاء السلام، أو بالدعوة للضيافة أو بعدم الالتفات. وثمة روائح غريبة، نفاذة- وأن آلفها - تأتي من داخل البيوت،...
أكتبُ "أفتقِدُك جدًا"، فتُجيبنى الدائرةُ التى تَحِملُ صورتَه ثلاثَ مرات "وصلتُ حالًا"، أراه تمثالًا بقى على وضع صانعِه، لا يُجيد أن يُغيِّرَ مقامَه، أرتبِكُ قبْلَ أن أسحبَ الدائرةَ إلى علامةِ الرفض، وأتخلَّصُ مِنها، أفردُ جسدى على الفِراش وأتركُ نفْسى للسقوطِ فى هذَيانِ ما قبْلَ النوم...
انتصف الليل، وأصبح أكثر عتمة وبرودة، النجوم فى أوج تلألئها الشوارع فارغة إلا من بعض الحيوانات الليلية، وفتاة واحدة تسير. دخلت الفتاة إلى المقهى المجاور لمقابر عائلتها، وجلست فى مكانها المعتاد، بجانب زجاج الشرفة المغلق و المتسخ بعض الشىء، وكما تفعل دائماً، فردت أوراقها على المنضدة، وأخرجت من...
في سن الخامسة عشرة، حين ماتت جدّتها، تعرّفت إيليثيا بارّا على ذلك الشيء الذي يدعى "الروح". وظلّ هذا الشيء على غموضه القديم بالنسبة إليها حتى وصلت السبعين. بالمقابل، تعرّفت إليثيا بارّا على جسدها في سن الخامسة عشرة (لن تنسى ليلة النزف الأول، تلك) وظلّ جسدها على غموضه القديم بالنسبة إليها حتى...
1 لولا أنّ الرّيح كانت باردة جدّاً، وأنّكِ كنتِ وحدك، ربّما لأحببتِ النّهر، لا شيء سواهُ أنقَذَنا من مأزق الواقعيّة الشّديدة، حتّى دونَ الذّهابِ إليه، كانَ يكفينا وجوده، وجودُ نهرٍ نحلمُ قربه، نرمي أمنياتنا على أطرافه ونتأكّد أنّها مثله، لا تتوقّف ولا تصبحُ بحراً، هي ذاتها، تشبِهنا، تملكنا...
كان الوقت عصرا ، حينما اقتربت سيارات اللاندروفر العسكرية من البيت ، يوسف لم يعر السيارات انتباهه ، لانه كان يلعب البوكر بالصور ، اللعبة التي يحبها ويجيدها كثيرا ، حيث تتقافز امامه صور الممثلين والممثلات اللذين يحبهم ، وشاهدهم في سينما السوق التي تتوسط الشارع الضاج دائما ، الصور تستدعي في...
أنا طردني أبي من البيت للمرة السابعة عشر.. هذه المرة ليس لسكري، ولا لشربي المخدرات أو البرشام، ولا لاصطحابي لعاهرتي بالبيت، ولا لسرقتي لمعاشه، ولا حتى لسبي له بالدين.. السبب هذه المرة أنني لم أعد أصلي، وأصبحت على حد قوله: “الدين مش في دماغي” وأني أتبع حثالة البشر وأجالس الكافرين وأني أتشبه...
حين كُسرتْ يدي، خسرَتْ سوريا كأسَ العالم! ... وسقط حارسُ مرمى الصفّ الأوّل الثانويّ متألّمًا على الأرض حين صدَ الكرةَ التي سدّدتُها نحوه. يومها خسرنا المباراة بنتيجة اثنيْن مقابل صفر، لكنّني أذهلتُ الجميعَ بقدرتي على إتقان التسديد بكلتا قدميّ. كنتُ ألعب بثقة المحترفين وخفّتهم؛ ذلك لأنّ الفتاة...
العصافير وحدها تخبرنا ان الصباح على الابواب هديل الحمام الذى لم يبارح ذاكرتى منذ ان كنت اراقبه على جدار دارنا , رائحة القهوة التى تسكت خربشات القلب حين ينشب الحنين اظافره بلا رحمة شئ من البرودة وعتمة ماان تفتح الشرفات بحثا عن نقطة ضوء هاربة , اجراس الميلاد المعلقة على ابواب الجيران تغازلها...
أعلى