قصة قصيرة

ما من أحد صدق في مبتدأ الملام. فلم يعد ثمة من شيء مستغرب في هذا البلد.. من سنين وهم يقفون في طوابير الخديعة، مسندين هاماتهم على مشانق أحلام لا تقاوم ولا تلين. يوشوشون بكلمات قليلة وخافتة تكفي بالكاد لتدفئة أمانيهم. ويبسمون حين تغزوهم سهوا مسراتهم العتيقة. وعلى مبعدة صيحة يقف جنود مزنرين...
فجأة إنخرطت الفتاة الصغيرة في البكاء. كان أهلها قد احتفلوا بعيد ميلادها العاشر قبل أيّام قليلة. وكان لها شعر فاحم قصير، وعينان سوداوان تلمعان بفرح دائم ،وخدّان ورديّان يكاد الدّم ينفجر منهما ،وشامة على الرقبة كأنها حبّة زيتون في عزّ نضجها، ولها بهجة الطيور في أوّل الربيع. وهي دائمة الهدوء...
وحيدا مثل جرحٍ يضع قدما في الأرض وأخرى في الغياب الواسع، وحيدا مثل أغنيةٍ تسافر في فضاء الروح بسرعة الضوءِ أو أكثر ولا تعود، وحيدا مثل نبضي المترهّل حين يسقط في ثقبٍ أسودَ ملتحفٍ بالرهبة والموت البارد.. هكذا أبدأ ترنيمتي الأخيرة قبل أنْ تنتبهَ النهاية إلى وجودي فتقضمني على حين غرّة، فالنهاية لا...
يا لنعمة الصمت! يا لبذخ العزلة وحرير الهدوء! ها أنتِ وحدكِ، خرج الجميع.. القليلون في شخوصهم، الكثيرون في الضجيج. وحدكِ، ليس حولكِ إلاّ أنتِ. ليس معكِ غير نفسكِ تستريح إليكِ. غير روحكِ تسأنس بكِ. في العزلة، في التوحد بالنفس، تتفتح الحواس كلها. البصر والبصيرة. يتحد المرئي واللامرئي في اللحظة...
الفيل فيله.. البيت بيته.. الصحراء ملك لمن يغزو ومن يعبر.. الشمس فقط لم يكن له عليها الحكم لذلك سلطت عليه أشعتها النارية وهو يعبر هذه الصحراء فى رحلته المقدسة.. لن يقطعها كمن سبقه على حمار ولن يقطعها مثل لاحقه على جمل.. فيله تحته.. يدب الخطو على الأرض فتسمع كل خيول القبائل خطوه.. آه لو تحقق...
كانت الهدية التي أهدتنا إياها صوفي، أنا وسليم، الجنة التي اصطحبتنا إليها مرات كثيرة. ولم أكد أنا، موسى، قد بلغت السابعة من عمري بعد، وكان سليم يكبرني بسنة واحدة أو أكثر قليلاً. كانت الجنة هي حمّام النسوان، أو الحمّام التركي، في أنقرة. لا تزال تتراءى لي صوفي في مخيلتي وهي تنظر بطرف عينها، فيما...
(14) لم ينم أيهم بعد طرد غبريلا من شقته, بدا ملتاشاً, كأنه لم يستوعب الموقف بعد, راح وجاء في الصالون, في محاولة ناجحة لامتصاص الصدمة, لتحييد مشاعره والحكم بنزاهة على كل ما جرى, دون أن يشرب كأساً, دون اعداد فنجان من القهوة, ودون أن يتناول حبة واحدة من المهدئات, ففي الموقف العصيب, اعتاد أن يروض...
لاتملك أمام هذا النهر المتدفق من العطاء والتضحية سوى أن ترفع له القبعة و تعجب به ، بعد أن يأسرك بطيبته ودماثة خلقه ، وجه مشرق ينم عن عزيمة لاتفتر ويشف عن قلب قلما تصادفه في محطات حياتك ، يفيض بالمحبة والشهامة . خلف بريق عينيه تتلألأ دموع تزاحمت ، ترفض أن تنحدر على وجنتيه ، لتبقى تلك الأيقونة...
إنَّهُ ليلٌ خَاصٌ يَتَضَوَّعُ فِيهِ شَذَا الجِنْس، حيث الإباحة تنضو عنها أستار المحظور، وترخي عنان ما هو إباحي. ليل يذرعه البوّاب الشاب متدثّراً باللهفة، مبلّلاًً بزخّات من شهوةٍ تموت إن تأجلت. وها هو يقرع بقدمين مضطربتين حيّز الانتظار بين وقتٍ كسول يأتي متباطئاً، ووقتٍ يحْرن إن استعجلهُ أحد ولا...
- نحن نمتلك رخصة يا سيدي. هذا ما سمعه من الشاب داكن اللون، لعله جراء عدم الاستحمام، في واحدة من شركات التسويق، التسويق لماذا؟ لا أحد يعرف، لعله التسويق لكل شيء وأيّ شيء. تلك مهنة دخلت مصر في ثمانينات القرن الفائت، عصر الانفتاح، بدأت بشركات توظيف الأموال وانتهت بشركات الياناصيب وبيع ما لا يمكن...
قال يعقوب ليوسف: أخفِ حُلمَك حتى لا يَقتلك. لكن إخوة يوسف كانوا دائمي التفتيش في ذاكرته ومذكراته وموبايله حتى عثروا بالصدفة أو بلعبة القدر الغادرة والتي يمارسها دائمًا الآلهة على الحُلم الجنين؛ فألقِيَ يوسف في البئر حتى يَغرق حُلمه. *** أَخرجَ السقا يوسفَ من البئر ونسى حُلمَه فيه، وذهبَ به إلى...
فراشة رقيقة تطير من زهرة إلى أخرى ، تشبه الحلم ، ضحكاتها أجراس فرح تسحر الألباب و تشيع الفرح أينما حطت ، ناثرة عطرها الفواح في حارات الشام العتيقة ، ترنيمة قلب أمها حيث ترتلها نهار مساء ولسانها الذاكر لايفتر عن الدعاء لها ، سكنت في سويداء قلبها وتربعت على عرشه . قطعة موسيقى باذخة من روح أمها...
الأستاذ قصة قصيرة د.محمد عبدالحليم غنيم دائما ما أصل متأخرا - أذهب إلى هناك كل يوم جمعة - عندما يكون خطيب المسجد على وشك الانتهاء من الخطبة الثانية ، وبمجرد من الانتهاء من ركن سيارتى وغلق أبوابها بحرص خوفا من عيث الصغار، يكون الخطيب قد شرع فى إقامة الصلاة . أسير مهرولا نحو...
* "حتى دودة طولها بوصة، لديها روح طولها نصف بوصة"/ مقولة بوذية هذا هو الربيع. بالتأكيد. الهواء الذي يشبه حالة نشوة خفيفة من بداية السكر. درجة الإضاءة الساطعة دون ما ألم للعينين. تنشق روائح مبهمة تخلط ما بين طمي الأرض، زهور الأوركيد، وأريج الماء. البشرة في تفتحها، والذاكرة كذلك. حملت بين يديها...
وجد صعوبة بالغة في ارتداء بدلته الإيطالية هذه المرة ، في الأونة الأخيرة اكتسب عدة كيلوجرامات من الشحوم نتيجة شراهته المفرطة ، وبعد طول عناء ، نجح في حشر كرشه المتدلي داخل البدلة ، كان يتصبب عرقاً وتقطعت أنفاسه . وضع ساعة الروليكس في معصمه ولم ينس أن يتعطر بأفخر العطور الباريسية ، طالع نفسه في...
أعلى