سرد

انتصف الليل، وأصبح أكثر عتمة وبرودة، النجوم فى أوج تلألئها الشوارع فارغة إلا من بعض الحيوانات الليلية، وفتاة واحدة تسير. دخلت الفتاة إلى المقهى المجاور لمقابر عائلتها، وجلست فى مكانها المعتاد، بجانب زجاج الشرفة المغلق و المتسخ بعض الشىء، وكما تفعل دائماً، فردت أوراقها على المنضدة، وأخرجت من...
في سن الخامسة عشرة، حين ماتت جدّتها، تعرّفت إيليثيا بارّا على ذلك الشيء الذي يدعى "الروح". وظلّ هذا الشيء على غموضه القديم بالنسبة إليها حتى وصلت السبعين. بالمقابل، تعرّفت إليثيا بارّا على جسدها في سن الخامسة عشرة (لن تنسى ليلة النزف الأول، تلك) وظلّ جسدها على غموضه القديم بالنسبة إليها حتى...
1 لولا أنّ الرّيح كانت باردة جدّاً، وأنّكِ كنتِ وحدك، ربّما لأحببتِ النّهر، لا شيء سواهُ أنقَذَنا من مأزق الواقعيّة الشّديدة، حتّى دونَ الذّهابِ إليه، كانَ يكفينا وجوده، وجودُ نهرٍ نحلمُ قربه، نرمي أمنياتنا على أطرافه ونتأكّد أنّها مثله، لا تتوقّف ولا تصبحُ بحراً، هي ذاتها، تشبِهنا، تملكنا...
كان الوقت عصرا ، حينما اقتربت سيارات اللاندروفر العسكرية من البيت ، يوسف لم يعر السيارات انتباهه ، لانه كان يلعب البوكر بالصور ، اللعبة التي يحبها ويجيدها كثيرا ، حيث تتقافز امامه صور الممثلين والممثلات اللذين يحبهم ، وشاهدهم في سينما السوق التي تتوسط الشارع الضاج دائما ، الصور تستدعي في...
أنا طردني أبي من البيت للمرة السابعة عشر.. هذه المرة ليس لسكري، ولا لشربي المخدرات أو البرشام، ولا لاصطحابي لعاهرتي بالبيت، ولا لسرقتي لمعاشه، ولا حتى لسبي له بالدين.. السبب هذه المرة أنني لم أعد أصلي، وأصبحت على حد قوله: “الدين مش في دماغي” وأني أتبع حثالة البشر وأجالس الكافرين وأني أتشبه...
حين كُسرتْ يدي، خسرَتْ سوريا كأسَ العالم! ... وسقط حارسُ مرمى الصفّ الأوّل الثانويّ متألّمًا على الأرض حين صدَ الكرةَ التي سدّدتُها نحوه. يومها خسرنا المباراة بنتيجة اثنيْن مقابل صفر، لكنّني أذهلتُ الجميعَ بقدرتي على إتقان التسديد بكلتا قدميّ. كنتُ ألعب بثقة المحترفين وخفّتهم؛ ذلك لأنّ الفتاة...
العصافير وحدها تخبرنا ان الصباح على الابواب هديل الحمام الذى لم يبارح ذاكرتى منذ ان كنت اراقبه على جدار دارنا , رائحة القهوة التى تسكت خربشات القلب حين ينشب الحنين اظافره بلا رحمة شئ من البرودة وعتمة ماان تفتح الشرفات بحثا عن نقطة ضوء هاربة , اجراس الميلاد المعلقة على ابواب الجيران تغازلها...
هل هي منفاي أم وطن الكلام هل هي رؤياي أم صحوي الحرام قل هي نخلة الروح في وحشة الصحراء أوهي كأس الحب على ضفة المستحيل فاضت على صدر الفصام لتلفي قلبي الأسمر النحيل امتداد حقول الجمر سارح! لتلفي نزيف حنيني كثيف شفيف وفادح! ومحظور عليه محاورة امرأة حفيف همسها الخليل ينير السبيل لطقوس المطر و الكتابة...
الرذاذ القذر يتساقط على باريس منذ البارحة. كنت أرغب في أن أنهي التزاماتي مع باتريك الذي يصر على أن أتخذ من ابنته مونيكا عاشقة لي. يرغب في أن يراها مغموسة في عسل الحب كحلوى ( الزلابية). يقول هذا ويهأهئ بضحكة خبيثة؛ ربما راقه التشبيه أو أنه يرغب في تحفيزي على النحو الكبير. صفقت الباب ورائي، وأنا...
لم ير يقيناً احد تلك الجدران , ولكن كان هناك العديد ممن قالوا بأنهم قد شاهدوا ظلالاً ضخمة زحفت على الأحياء عند شروق الشمس , و قيل ايضاً انه قد جاء في روايات يرجع عهدها الى عصور ما قبل الكتب السماوية انّ الهة كانت قد وعدت و لأجل الأحتفاظ بعروشها ببناء اسوار فاصلة بين الأفراد من الأنسان , فعلى...
الأولـى تحت شجرة الرمان أعلنت ثورتها . قررت الخروج من رحم أمها . لم تعد تتحمل ضيق المكان وعتمة الليل والنهار . اشتاقت لتعرف معنى الصباح وضوء الشمس . أرادت أن تفتح جفنيها المغلقين دوما في محيطها المائي الخالي من الأمواج . تململت ودفعت برأسها تنظر للأرض الرملية المبللة بماء يرطب حر سبتمبر ...
عندما أخبرهم عن رغبته في الاستفهام عن سرّ ظهورهم الدائم له – دون غيره من سجناء القبو المنسيين- في تلك الظهيرة الحارقة من تموز، قبالة ذلك الشباك الحديد المحكم الصغير، ومحاولته الفاشلة المتكررة في أن يسير تجاههم بروحه الفائضة في كل مرة، وهو يراهم من خلل الكوة المزدانة بقضبان الحديد الصدئة الوحيدة...
منح الأديب “يحيى حقي” بطله لمصلحة البريد التي حمَّلته الأمانة في حقيبة صغيرة، يُعلِّقلها على كتفه ويجوب بركوبته القرى والكفور، يوزع أظرفًا مغلقة، لكن بمجرد تسليمها للمرسل إليه، يدرك “البوسطجي” من ملامحه وأفعاله ما كان يحمله له: هناك جوابات تُفرح الناس، وأخرى تفعل العكس، يتنهد البوسطجي وربما...
قط يطارد قطة فى مداخل البنايات، على الدرج المظلم، فوق الأسطح المهجورة، والأنثى لاتستقر قبل مرور ساعات طويلة، ربما تستسلم على مضض، على تخوم مدينة أخرى، بعد جرى متقطع لعدة أميال. حينها، يتقدمان، كغريبين، أجبرتهما الطبيعة على أفعال غير ضرورية، شطح بلا شوق ولا رواء، فعل معذب. يتفرقا بعدها بجدية...
عائد من خلوتى المحببة فى حديقة النادى.كنت أقرأ كتابا عن "الجسد"يحوى بحوثا علمية ونفسانية لكاتبات وكتاب من تونس ولبنان والسودان واليمن.فى طريقى الى بوابة الخروج عبر ممر محاط بالشجيرات والزهور،فوجئت بها قادمة تعترض بجسدها الرشيق طريقى وتتوقف أمامى مباشرة وهى تغرس نظراتها فى وجهى ، مثلما انغرست فى...
أعلى