سرد

إهداء إلى صديقي المهدي نقوس الذي أوحى لي نصه القيم حول الحذاء بهذه الخربشة ينزل الدرجات ببطء. باليد اليمنى الحذاء الذي اشتراه للتو وباليسرى يتحسس الجدار البارد للممر الضيق المؤدي مباشرة إلى القبو الذي يكتريه منذ أسابيع بمونتمارت. باريس مدينة الفن والإلهام. يشعر ببرودة الأرض تحت قدميه...
ليس يدري مأمون إلي أي حد هو يشابه الناس في مشاعرهم‏..‏ وهل تراهم يتعلقون مثله بألم قد يطول‏,‏ أم تراهم ينسون‏.. وفي كل فجر يجددون حياتهم ويمضون! إنه يلقاهم في الطرقات والترامات والسيارات فيجدهم يتحدثون ويبتسمون, وينظر إلي نفسه فإذا هو كذلك يتحدث ويبتسم, فيتساءل عما إذا لم يكن وراء أحاديثهم...
كان «الميجر» معروفاً لأهل البادية معرفتهم بضباع الجبال المحيط بالسهل الذي يقطنونه، فقد كان صراعهم مع الضباع التي تهجم على أبنائهم وأغنامهم يكاد يكون كلّ ليلة، ولكثرة ما فقد من أولاد و أغنام وحمير، باتوا يعرفون هوية كلّ ضبع، فمنها ما كان مختص بأكل الكباش ومنها بأكل الخراف، ومنها بأكل الحمير...
مضت عشر سنوات، على لقائنا الأول والأخير. كنا يومها؛ لانزال في ريعان الصبا، لا نذوق من الحياة سوى حلواها، ولا نستطعم من الأيام إلا طيبها. كم أحرجت يومها، حين ساررني أبي، برغبته في تزويجي من (عادل) ـ ابن أخته ـ الذي توسم فيه كل الخير مستقبلاً. أذكر أن أبي احتضنني؛ ليداري تورد وجنتيَّ. لكن (عادل)...
طاخ طيخ.. طاخ طيخ.. منذ ليلتين لم أنم، لا أعرف ما إذا كان رجلاً أم امرأة في الشقة التي تعلو شقتي، يحدث الضجيج بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً ويستمر حتى الفجر.. أنا حديثة سكن منذ أربعة أيام فقط في هذه العمارة، قلت سيتوقف الأمر حتماً، لا يمكن أن يستمر فالبلد فيها قوانين مشددة بشأن الضجيج وإزعاج...
أنا المادة والإسم صورتي بينكم يتراءى ابن رشد كائنا افتراضيا ممكن الحدوث وأسمع لصوته رنين كأس من ذهب , ومعه امضي ليلة عجبا, لاسماوات للغرفة , لارائحة للألم ,لا أحد سوانا نحن الثلاثة :ابن رشد , وشريكي الوهمي , وانا العالقة في شرك الحمى والهذيان.. كل شي مهيأ للمزيد من الالتباس ,فثمة امر غير مؤتمن...
"أنا عايزة أتطلق".. على مائدة الغذاء، قالتها وهى تنظر إليه بعين لا ترجف من خلف سحابات شعرها الطويل. لم تواجهه عيناها ولكنه شعر ببرودها يتسرب إلى طبق الشوربة أمامه فتتجعد مكعبات البطاطس داخله كما تتكرمش حبيبات الأرز. يريح رأسه على مسند المقعد بينما هى تقود السيارة ضاغطة على شفتيها لئلا تفلت منها...
يمتزج إيقاع الطبول بضجيج الأبواق حتى كاد يصم الآذان، فيحتشد أهل القرية أمام المعبد الأحمر للقيام بالطقوس التى أخبرهم الكهنة أنها سترفع غضب الآلهة. للمرة التاسعة يقيمون الطقوس ويقدمون القرابين التى لم تنفع فى شىء خلال ثمانية أسابيع متتالية قدموا فيها كل أسراهم. وقفوا يتهامسون أن دم الغرباء زاد...
فزع الأجداد فى مقابرهم عندما علموا ما آل إليه حالنا ، فقد جاءهم فى معابدهم وأهراماتهم ما يثير القلق ، وعندما عرفوا بمدى عبء الأحمال على عقولنا ، والأخرى التى تثقل كواهلنا مزقوا أكفانهم ، انتفضوا وجاءوا ، وجدونا قصاراً عما كانوا يتخيلون ، والنسب الإنسانية للوجوه تغيرت فاستطالت ، وبرزت عظام الأوجه...
ألقى الشيخ درسه بعد صلاة العشاء، وسادت حالة من السكون بين الجالسين، وفجأة قطع الشيخ حديثه، وسكت لبعض الوقت، ووضع كفيه على الحائط، ثم حركهما بشكل دائرى من اليسارإلى اليمين، حتى سقطت بضع ذرات من التراب على جلبابه الأبيض، لكنه لم يعبأ بها، وأطبق جفنيه فالتقى رمشاه بعد جفاء دونما عناق، حتى بان لى...
مع الغروب تقوس الأفق الرمادى انفتحت أبواب السماء ليهطل المطر كنت ملفوفاً فى معطفى الرمادى الغامق الثقيل ذى الياقات العالية يجب أن أعود إلى البيت.. المطر شديد أظنها المرة الأولى فى الموسم الجديد الأشجار على جانبى الطريق ترتعش بردًا وفرحًا سمحت لأوراقها أن تتذوق رحيق الأمطار الطازجة الطيور على...
اللحظة الأخيرة هي التي جعلته يمزق مقاله الطارئ. ارتفعت الزغاريد ترافقها دقات الطبلة، فأدرك السبب. ثمة فرح ما لدى الجيران إذن، ولعله أخطأ حين لم يقرأ البطاقة التي أحضرت لعائلته. لو كان قرأها لعرف السبب مبكراً. في العاشرة صباحاً، صباح الجمعة كان الجيران، على غير العادة، أداروا المذياع أو المسجل...
(1) توفي اليوم الخامس عشر من أبريل 2005 الكلب رمضان في مدينة لاهاي الهولندية، عن عمر ناهز الرابعة عشر. عاش نصف حياته في هولندا، أما نصف حياته الأول فعاشه في ليبيا حيث ولد في قرية ماريش بالجبل الغربي عام 1991، ولكن لا أحد يذكر اليوم والشهر الذي ولد فيه حيث لا يعرف الكثير من الناس اليوم والشهر...
كانت أسرة هانئة البال , يرعاها فتى في الخامسة والثلاثين , وتتعهدها بالعناية والتدبير أم حنون , وتعيش في كنفها أخت في مراقي الشباب الأولى . لم تكن من الثروة فى شيء , فمرتب الفتى لا يجاوز الخمسة عشر جنيهًا وهو كل مالها . ولا كانت غفل الزمان عنها , فقد فقدت راعيها الأول الأب والابن فى المراحل...
سافرنا مع أبي الذي أعير للعمل قاضياً في ليبيا.علمنا أن المعلمين والقضاة والأطباء يوفدون إليها علي نفقة الحكومة المصرية. وصلنا إلي مدينة طرابلس، ونزلنا في فندق يطل علي البحر، قضينا فيه الأسبوع الأول، ثم تركناه بعد أن أجر أبي لنا بيتًا في المدينة، كان البيت واسعًا، وله حديقة كبيرة، مزروعة...
أعلى