سرد

يغلق الباب خلفه ، يدلف إلى الشّارع المعتم ، تصفعهُ حبّات المطر ، تخترقُ صدره سهام الرّياح ، يزرّ سترتهِ ، لا وقتَ لديهِ ليحضر المظلّة ، تتضاعفُ نقمته على امرأتهِ، يسارعُ الخطا محاولاً الاحتماءَ بالشّرفاتِ ، الشّارعُ طويلٌ ، وعليهِ أن يسرعَ ، يهرولَ ، يغوصَ في المستنقعاتِ ... لا يعبأ بالوحّل ...
اشارة حمر اء كنت طريح فراشي المزركش بخيال طفل مريض لم يختبر بعد قسوة الواقع ،وتناقضات تفاصيل حركة الكون المركبة، كنت اهزي علنا بطموحاتي المجهضة ، فانزلقت لجب سحيق من العجز والفشل فاخذت اسب حظي العاثر الذي وثق صداقتي بعالم الظلمات، والمجتمع السري في بلاد لايبرع ساكنيها الا في صناعة...
لم أكتب من شهرين ، ليس من عادتي ذلك . كان لا يمرّ اسبوع ، دون أن أكتب قصيدة أو أثنتين .. ولكن لا عجب ، فما يحدث يبعدني عن الحياة كلها ، يخيّل إليّ أنّ قدوم الموت خير منقذ لي .. مشاكل كثيرة .. في كلّ جانب من حياتي ، تتطاول مشكلة وتكبر .. هل الموت هو الخلاص ، يبدو لي ذلك ، وبخاصة حين أرى أهلي...
كان يدخل الحصة على رأسه شال ملون، وأيام كثيرة كان يستبدله بكوفية غريبة يلفها حول رأسه على طريقة الرفاعية، وهؤلاء كانوا يمشون في شوارع البلد ويقولون نحن رفاعية ونقسم على الثعابين فنخرجها وديعة هادئة وآمنة، وأمي قالت مرة لواحد منهم في وجهه أنت نصاب، فجر حماره وأخرج 3 حيات من بيت جارتنا..! أما...
في صباحٍ مشمسٍ ، وبينما كان رئيس المخفر ، ( أبو رشيد ) يجلس على كرسيه ، فوق المصطبة ، عند باب المخفر ، حيث كان يدخن ، ويتلهى بمراقبة القرية القريبة ، عبر منظاره الجديد ، وإذ به يلمح رجلاً قروياً يتّجه إلى العراء ، وحين ابتعد عن الأنظار ، تلفت يمنة ويسرة ، ثمّ رفع ( كلابيته ) على عجلٍ ، قرفص ،...
(1) أغلق محمود الباب الخارجي للشقة، دلف إلى البيت بعد نهار عمل طويل يمتد حتى ساعة متأخرة : تدقيق معاملات، زيارات هنا وهناك بعض الوقت في المقهى مع اصدقاء يتجاذبون أطراف الحديث في الأدب والسياسة، مشاهدة فلم وثائقي في صالة تجربيية مجاورة . "يوم حافل" ردد مع نفسه وهو ينعطف إلى المطبخ الملاصق للباب...
قبل انسجامٍ كنّا كابوساً يهذي في قفصٍ. يقتضي النسيان أنْ تنامَ لتكتملَ الحياة دون اهتزازِ الشهوةِ في حصادِ الأصابع. الليلُ لا يستيقظُ وحده يمشي الى فكرةِ الضوء. هاويات تنحني لاصطيادِ الغيوم. فلكٌ بنكهةِ صولجان لودٍّ بيد عازف. وَهمٌ يسألُ الغيمَ عن مغبّةِ الرجوع الى مساءِ غد. لا نهار اليوم على...
كما يحدث بين نوم وصحو، حيث الزمن مرتبك ورجراج، حدث الأمر، كنتُ جالسة لاستريح على مصطبة قبل عودتي الى البيت من عيادة الطبيب.. ولما رأيت ما رأيت فركت عيني، فتماثلت أمامي واضحة الملامح، بثوبٍ أزرق طويل تتناثر على قماشته أزهار قرنفل حمراء، تساءلتُ: من هي، هذه التي أعرفها ولا أعرفها؟ تلفتُ من حولي،...
-1- المرأة سر الوجود، المشتهى والمبغى رحمها بحر وحضنها بيت الإنسان. سأنشر نشيدي عنها مقطعا مقطعا بقصتي -عشتار العراقية- ـ يا حبيبي أحنه في حكاية من ألف ليلة وليلة!. قالتها، وعيناها اللامعتان منشغلتان عني بالسقف الخفيض المغطى بلوحات محشودة بالجواري والمغنين والراقصات المتطوحات وكأنهن سيسقطن بعد...
من نافذة اختناقها تطلّ على الزّقاق الضّيق ، بشغفٍ جنوني ، تتلقفُ تلهفه ، قلبها الغضّ يخفقُ بصخبٍ ، ولعينيهِ المتوسّلتينِ تطيّر إبتسامة من دمعٍ . لكنّ وجه ابن عمّها المقيت ، يبرز فجأة أمام غبطتها ، فتجفلُ وتصفعها حقيقة خطبته لها ، ترمق خاتمها الذي يشنق أحلامها بإزدراء ، ترتدُّ نحو انكسارها ، تغيب...
الحياة محفة انتظارنا ، مرورنا فيها تزجية للوقت ، جدرانها اقفاص تتناسل تنعي بحبر الريح حياة لم تعاش . تدور رحى الايام فينا مخلفة شواهد لدوائر مقطوعة الانفاس ، البدايات فيها منتهى في مدن تلتهمها ذاكرة النيران . ولأني ادركت ان بعض الرجال لايفزعهم شيء قدر الحقيقة وانهم فضلوا ذهب الصمت على فضة...
المدينة منذ اليوم الأول ، لتعينها مديرة للمؤسسة ، شعرت بانجذاب نحوها ، بهرني جمالها ، سحرتني لحظة صافحتها ، لذلك وقفت إلى جانبها ، رغم أنني كنت طامعا في استلام الإدارة . ما حاربت المدير السابق ، إلاّ لأحلّ مكانه .. ومع هذا مددت لها يد المساعدة ، أنا الذي كنت أضمر لها الشر ، يوم...
- علينا أن نكون هناك في الساعة السادسة صباحًا بالضبط. حاول أن تستيقظ في الموعد. صحيح أن "السي أحمد" هو أكبر وغد على وجه الأرض، لكنه لا يخلف مواعيده. و هو يكره من يفعل هذا معه ، و قد يقرر ألا يتعامل معنا. إنه رجل مزاجي. بكل الحزم قالها لك سمير و انسحب، مثل أي رجل قيادي يدرك ما يفعله. إنه يجيد...
بَدَأَتْ قََطَرَاتٌ بَسِيطَةٌ ازْدَادَتْ تَدْرِيجِيًَّا، وَازْدَادَ مَعَهَا ارْتِفَاعُ عَمُودِ الْمِيَاهِ وَفِي أَقَلِّ مِنْ دَقِيقَةٍ وَصَلَ إِلَى فَمِ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ الَّذِي يَكَادُ يَقَعُ لِفَرْطِ لَهْفَتِه لِلحصولِ عَلى المِيَاهِ، بَيْنَمَا تَنْتَبه لَه أمه الَتي تَحمِله فِي بَسَاطةٍ...
تناهى إلى مسامعه وقع خطواتها البطيئة المترددة، فالتفت إلى الخلف بحركة هادئة، ووقع بصره عليها بجسدها الضئيل وعينيها البريئتين المتواريتين خلف سحابة حمراء وشلال من المطر الدافئ. ارتسمت على شفتيه ابتسامة حانية وهو يقول: "هل من خطب؟" ارتجفت شفتاها وهي تقول بألم: "لم أنت أيضًا؟" رد بنفس النبرة...
أعلى