الشاعر القتيل حل محل شاعر آخر في جريدة «الاستقلال» في الأربعينات
تحل اليوم الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر العراقي محمود البريكان، الذي اغتيل في ظروف غامضة في بيته بمدينة البصرة.
أحد الذين زاملوه منذ 1947، يكتب هنا عن فترة غير معروفة في حياة الشاعر، وهي علاقته بحزب الاستقلال، وكتابته قصائده...
لقد قرأنا الكثير عن الشاعر العراقي المبدع محمود البريكان العازف عن الشهرة والنشر والمتوحد مع شعره وموسيقاه ودنياه الخاصة التي انشاها لذاته بعيدا عن دنيا الناس وهمومهم وما تعارفوا عليه من طرق العيش واللهو والمقتول غليةً وغدرا ليل الخميس الثامن والعشرين من شباط فبراير 2002 ولعل الكثيرين من الذين...
بالنسبة لقارئ لا يفهم المعنى الحقيقي لكلمة الخيال ستكون قصائد البريكان المتأخرة عبارة عن قصائد ساذجة جدا.وقد تكون القصائد الاولى اكثر جمالا عند ذلك القارئ بسبب طبيعة ذلك الشعر الذي كان يتطور بطريقة داخلية تصعد بالنص الشعري الى مرحلته النهائية التي لا اجد وصفا دقيقا لها الا قولي ان البريكان كتب...
بعد عودتي من أبو ظبي تفرغت للاطلاع على ما وفره لي صديقي د. سلمان كاصد من نصوص عن الشعر والسرد في الإمارات العربية وكان الشاعر أحمد راشد ثاني أكثر حضوراً من بين العدد الكبير من الأدباء شاعراً وسارداً ، هذا بالإضافة للنهاية التراجيدية المتمثلة بموته المبكر. ولأنني قررت الكتابة عنه وتمجيد تجربته...
لا ابالغ لو قلت ان البريكان شاعر لم ينل حظه من النقد وذلك بسبب قصور طريقة تفكيرنا وادواتنا النقدية..لذا اجد من الضروري عدم قراءته كشاعر منفرد يمثل حقبة فنية عاش البريكان كل تعقيدها وهواجسها،بل علينا ان نجد تفسيرا لنزعته الفنية الغريبة عن اتجاهات التفكير والكتابة لدينا.لذا سيكون شيئا بلا قيمة ان...
على الرغم من مرور اكثر من اربعة عشر عاماً على واقعة الاغتيال المأساوي لشاعر الصمت والعزلة : الشاعر الكبير محمود البريكان ؛ فمازال نتاجه الابداعي مغيبّا ومختفياً ولم يرَ النور الذي يليق به بوصفه منجزاً ابداعياً وارثاً مهماً لشاعر رائد عاش حياته زاهداً وطاهر الروح وأَبيض القلب ونادر الوجود ...
"هذا المكان يسكن في وجداني.. عندما أسير فيه أشعر بنشوة غريبة جداً، أشبه بنشوة العشاق"، هذا ما قاله نجيب محفوظ في حواره مع رجاء النقاش والذي نشره في كتابه "في حضرة نجيب محفوظ".
تذكرت هذه الكلمات وانا أتجول في القاهرة التاريخية حيث وجدت نفسي محاطا بأجواءٍ خاصة يمتزج فيها التاريخ بصخب الحاضر ...
ببساطة شديدة يمكنني القول إنَّ البريكان كان أحد محاوري “بورخس” على الرغم من كل الاختلافات الشكليَّة التي خضع لها كلٌ من الشاعرين من حيث اللغة، المكان، طبيعة التجربة، العمى، الوضع السياسي، وغير ذلك. وما أعنيه بالحوار الشعري الإنساني بينهما، هو ذلك الشعور العفوي بحقيقة الحياة أو جوهرها الواضح الذي...
1
وقف العم عبده وسط السوق المكتظ بالمارة قبل الغروب بدقائق ورفع الدف إلى أعلى بيده اليسرى حتى قابل وجهه وأخذ يهزه برفق ثم ضرب بأصابع يده اليمنى على طرفه لحظات. ولما سلس له قياد الإيقاع أرتفع صوت الدق وبدأ جذعه يهتز.. والناس يتجمعون ويضربون حوله حلقه وهو يجيل الطرف فيهم بسرور ثم أنطلق صوته بنشيد...
ترقد في التراب الندي
تتفتق عن ساق صغيرة
تصعد بنعومة الى الشمس
ها هي
شجيرة مزهرة بخضرتها
تحتفل بخروجها الى عالم النورتراقص النسيم يتفرع جسدها وتتشابك اطرافها
محطة للطيور الغريبة
يتناجى تحتها العشاق
ويذهب الاطفال اليها
مثقلة بثمارها
تحلم باليد القاطفة
وبربيع قادم
وخريف
تنثر فيه اوراقها...
الدوار الخفيف
واختلال العلاقة بين النظر
والتعرف
تلك علاماته
لم يكن مرضاً واضحاً
هو ظاهرةٌ غامضة
تتسرب في الجوِّ
تفترس الآدميينَ في خفيةٍ
وتغلِّفهم بالتراب
الطيور تهاجر في غير أوقاتها...
مدونة الوهم لا تنتهي ,النهايات تبدأ دورتها, القصائد تنفض اسرارها وتغادر منطقة الصمت, ها انا اجلس بين رماد الحرائق منتظرا ان يتم انطفائي , وان تبعث النار , انتظر اللحظات دهورا , دهورا سانتظر اللحظات وسوف ابطيء عبر سبات الشتاء رؤاي.
اغني ولا صوت لي , واغامر ان استقر الحدود, وكيف استر عري الحقيقة...
على الباب نقرٌ خفيفْ
على الباب نقرٌ بصوتٍ خفيض ولكنّ شديد الوضوحْ
يعاود ليلاً، أراقبه
أتوقّعه ليلة بعد ليلهْ
أصيخ إليه بإيقاعه المتماثلِ
يعلو قليلاً قليلا ويخفت
أفتح بابي وليس هناك أحدْ
من الطارق المتخفي؟
تُرى شبح عائدٌ من ظلام المقابرْ
ضحيّة ماضٍ مضى وحياة خلتْ
هل يمكن أن تكون هذه القصيدة رؤية...
وُلِدَ محمود البريكان عام 1931 بمدينة الزبير لأبوينْ نجدييْن. كان والده تاجرَ أقمشة، ومعروفاً بثرائه. امتلك بيتيْن فخميْن واحداً بالبصرة وآخر بالزبير. لمحمود ستة أخوة، وترتيبه الثاني بينهم، بعد الأخت الكبرى خاتون، وكانت أوّل معلمة زبيرية بالزبير. أُعْجِب محمود في صباه، بجدّه لأمّه، واسمه «أحمد...
"كان لا بد من هزّة كبيرة، بل هي الرجّة الشاملة من الرأس إلى القدم، لكي نصحو من نوم القرون".. هكذا كان يتحدّث ذلك الرجل. لا أدري أين رأيته. أتراني رأيته فعلاً؟ هؤلاء الناس يتشابهون. البدلة الثمينة الجديدة، ربطة العنق المحكمة، القميص الأبيض الناصع، الشعر المسرّح بعناية، المشية المتّزنة، والكلمات...