مختارات الأنطولوجيا

(1) كانت العرب في جاهليتها أمة أمية ندر فيهم القارئ والكاتب، ولم يعرف عنهم أنهم بحثوا في علم ودونوه، وهذا طبيعي في الأمم المتبدية، وإنما كانت لهم معارف أرشدتهم إليها التجارب والنظر ونوع المعيشة؛ فمعيشة كثير منهم مثلًا في الصحراء؛ حيث السماء صافية، والجو مفتوح، وحاجتهم إلى الأمطار وهبوب الرياح،...
لا يؤسس ابن رشد الفقه فقط على العقل والطبيعة، أي القياس والتجربة، بل أيضاً على الأخلاق والحاسة الخلقية والذوق البديهي، فالطهارة المقصود بها النظافة، وهي من محاسن الأخلاق. والأحكام الشرعية قسمان: قسم يقضي به السلطان، ويعادل السياسة الشرعية، وهو أقرب إلى الفرض، وقسم لا يقضي به السلطان، أي الحياة...
- 2 - عنى الفارابي كل العناية بموضوع السعادة علما وعملا، فخصه بكتابين من كتبه شرح فيهما مختلف آرائه الصوفية، وبين الوسائل الموصلة إلى السعادة؛ وهذان الكتابان هما: تحصيل السعادة، والتنبيه على السعادة، اللذان طبعا في حيدر آباد سنة 1345 و 1346هـ، وقد امتازا - مقرونين إلى الرسائل الفارابية الأخرى...
نجتمع الليلة .. لنناجي القلب ونحادث الروح. ومناجاة القلب طهرة لمن شاء أن يتطهر، وصفاء لمن أراد التبرؤ من الرجس والدنس. ومحادثة الروح عروج إلى سماء النور والملائكة، وصعود إلى عالم الفيض والإلهام. نجتمع الليلة لنهجر الأجسام زمناً ونفرغ إلى نفوسنا حيناً. والجسم والنفس كانا ولا يزالان في صراع دائم...
كان الشبهُ العجيب بين القاضي والـمُتَّهم لافتًا لأنظار النساء والرجال الذين صحبوا جارتهم ( أم الـمُتَّهم) إلى المحكمة، وتذكر أناسٌ منهم: بِكْريَّ المرأة الذي فقدته في زحام المولد، ولكن أحدًا منهم لم يربط – بحال – بين الولد التائه والقاضي. وقالت امرأة منهم: "القاضي ابن ناس، أما الولد المفقود فلا...
هناك قصة مشهورة عن امرأة طلبت من الجاحظ أن يتبعها، ففعل حتى وصلا إلى محل صائغ، فقالت المرأة للصائغ مشيرة إلى الجاحظ: "مثل هذا" وانصرفت. سأل الجاحظ متعجبا عن المقصود، فأخبره الصائغ أن المرأة كانت تريد رسم صورة الشيطان على فص خاتم لها، فلما لم يتمكن الصائغ من تخيل صورة الشيطان، أتت بالجاحظ كأقرب...
رماني أبوللو على لجج البحر، قال: هنا ستغنى وتتبعك الكائنات لك الآن هذا المدى الأزرق الأزلي وهذا الفضاء الرحيب على الماء عرشك ليس يشاركك الملك إلا النجوم الزواهر حينا وحينا تشاركك الملك تلك الغزالة والأرض ليست لك الأرض للبؤساء العبيد وللآثمين الطغاة!
ما رَحَّلوا بانوا البُزَّلَ العيسا إِلّا وَقَد حَمَلوا فيها الطَواويسا مِن كُلِّ فاتِكَةِ الأَلحاظِ مالِكَةٍ تَخالُها فَوقَ عَرشِ الدُرِّ بِلقيسا إِذا تَمَشَّت عَلى صَرحِ الزُجاجِ تَرى شَمساً عَلى فَلَكٍ في حِجرِ إِدريسا تُحيي إِذا قُتِلَت بِاللَحظِ مَنطِقَها كَأَنَّها عِندَما تُحيي بِهِ عيسى...
حدث ذلك قبل يومين من انطلاق اليوم العالمي للشعر بالمطعم الثقافي الأندلسي بأصيلة أواخر مارس 2010، حين تقدم إلي عمر مكدول، الرجل الخمسيني الأسمر، بقسماته الدقيقة، وعينيه الغائرتين ونظراته الواثقة قائلا: - أود أن أشارك في اليوم العالمي للشعر بقصيدة زجلية للراحل عبد الله ودان. وعندما لاحظ استغرابي،...
كنت أراجع الصحف اليومية، وهو ما أبدأ به عملي عادة كل صباح، عندما فتح الباب دون استئذان عن رجل غريب. كان هائل المنظر لطوله وضخامته، فخم البدلة، وطربوشه الطويل الغامق يضفي على وجهه الأبيض نصاعة، وفيه وجاهة تؤكدها نظارة كحيلة وشارب غرير مربع كساه المشيب. كان أيضا في الستين أو نحوها لكنه تقدم من...
توفي الكاتب والمفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي عن عمر يناهز 71 عاما، في 16 مارس الماضي. وهو أحد الوجوه البارزة في المشهد الثقافي في المغرب وأحد أهم رموز الأدب المغاربي المكتوب بالفرنسية. وكان الخطيبي روائيا وشاعرا وعالم اجتماع، وترجمت أعماله - المؤلفة أساسا باللغة الفرنسية والتي تتجاوز 25 مؤلفا-...
تَجَلّى فَألهى القَلْبَ عَنْ كُلِّ مقصَدِ وَلاحَ فَألوى الطّرفَ عَنْ كُلِّ مَشْهَدِ خَفِيٌّ لأفِراطِ الظُّهورِ وَكَم نَبَتْ عَنِ الشَمْسِ للاشراقِ مُقلَةُ أرْمَدِ أَرَاني بهِ في وَصْفِ مَعناهُ حائراً على أنّني في حَيْرةِ الْقَصْدِ مُهْتَدي وَمَن كانَ ذا حُسْنٍ بغيْرِ نهايةٍ فَكلُّ هَوَىً في...
من الآداب التي تنتشر كثيرا في الغرب ولا تظهر عندنا إلا بشكل خجول، أدب الفنتازيا الذي يختص بصياغة عوالم كاملة من الخيال تحوي مكاسبها وخساراتها وحدها من دون أي ارتباط بالعالم المعروف، وأدب الخيال العلمي الذي يخترع فيه المؤلف نشاطا علميا غير متوفر في وقت الكتابة، وقد يتوفر مستقبلا استنادا للرواية...
ميلي أيتها الروح صوب النسيم المباغت، اعبري تنّورك الوجودي، ضعي قدميك الحافيتين على جمر الحياة، كأنك آخر جواد سيصهل ويقفز قبل القيامة. – حسنًا، كيف صرت بهذا الطريق؟ – تواطؤ الحياة. – إذًا أردت دربًا وعلقت بآخر؟ – علقت بالهباء. يرمي الشاعر عينيه في الجوّ كالمأخوذ، يشعر أن زوبعة تغلي في صدره،...
كنتُ في الشتاء، أجلسُ على مصطبةِ القش في غرفة جدتي بهية، فوقنا لمبة مصفرة الإضاءة وطبّاقة الخبز معلقة في السقف. كانت جدتي قد سقطتْ من فوق سطحِ الدار، على نحوٍ غامض، وباتتْ شبه قعيدة. وكنتُ صبيًا في فضاءٍ قروي محدود. الجدة التي أُرغمتْ على الجلوس طويلًا، كانت ذاتَ عينينِ كحيلتين سوداوين، وشعرٍ...
أعلى