قصة قصيرة

كانت ليلة شتوية ماطرة ، إلا أنها ليست ككل الليالي العابرة ، التي تمر دون أن نشعر بها. بل إنها متميزة في كل شيء ، هدوء أولها الحذر ، وصخب هزيعها الأخير. كل ذلك بالإضافة إلى توهج سمائها. لا بالقذائف بل بمكبرات الإنذار المربكة. التي تعوي كذئاب مجروحة ، في أودية سحيقة. قبل تلك الليلة البعيدة ، بزمن...
(أرجع يا كلّ الحب) ترددها والدتي الحنون قبل غروب الشمس، والأفق يتشرب الدماء والشفق يسدل أهدابه برفق على القرية الحالمة. تناهى إلى أذني أن والدتي ابيضت عيناها من بكاء أعنيتها الهاربة. تساءلت نفسي ذات مساء كئيب عن العودة والحنين إلى (أغنيتي) التي لا تفتأ تذكرني بمَن ابيضت عيناه للحزن والألم ...
ابتسمت سراُ وأنا أردد " الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا من غير حول ولاقوة منا " ورحت ألملم بقايا الطعام من على الأطباق ، تماما كما ألملم لحظة غضبى متلفحة بالبسمة قال منفعلاً: هيا قرري الآن .. لاوقت لدي .. إما الاستمرار .. ! إما البدء من جديد .. ! أو الافتراق .. ! تجاهلت ما قاله، وأنا أحمل بعض...
"طاخ ... طاخ .. طاخ .. يا الهي .. كم يحب هذا الرجل أن يدق المسامير في الحائط .. كل يوم على هذا الحال .. لا يبالي أن كان الوقت ظهرا .. أم مساءا .. بعض الأحيان.. في الفجر .. اسمع دقات مطرقته على هذه المسامير اللعينة التي يغرزها في الجدار اللعين .. أود أن أعرف ما الذي يفعله ؟". هكذا بدأ حمد شكواه...
كصياد هرم.. بت لا أرى ابعد من فوهة بندقيتي الصدئة وتلك المطرقة فيها التي لا يمكنها الحركة، حتى وإن ضغطت على زناد الاطلاق، بعد أن تيبس مفصلها الوحيد، أما مقدمة الرأس أظنها تآكلت من تقلبات اجواء.. أما أنا فمفاصلي قد سافت نتيجة ضياع أحلام.. أو حقيقة اقول لا أدري لماذا؟؟؟ حالي كبقية من سافت طموحاتهم...
كان اليوم عيدا، كالعادة استيقظت مبكرا، فحرفتي لا تعترف بالأعياد دائما أستيقظ مع أذان الفجر وأبدأ في مزاولة عملي .. حتى وأنا في شهر العسل كنت أترك عروسي والحناء مازالت تخضب يديها وأذهب كي أُغسل ميتا وأكفنه، فالموت كما يقول الناس هو الشيء الذي يجب التخلص منه بسرعة، لا يطيق إنسان أن يبقى معه طويلا...
الضباب واصل التكاثف على السطوح ، والأجسام المعدنية للعربات الواقفة والمستعدة للانطلاق ، مؤذنو الأحياء المجاورة استيقظوا للتو ، بدأوا الوضوء قبل الفجر استعداداً للتسبيح والصلاة ، غاب نصف القمر الجميل وراء غمامة تستعجل الانتقال فيبطّؤها الهواء الرّطب ، أما نصفه الآخر فلم يولد بعد ، الشارع يمتد من...
حتى عندما حطّ الغراب بقدميه أرض طاولتي المستديرة لم أستغرب، بحث عن بعض فتات لقمتي الصباحية المتواضعة، لم أترك له سوى نثرة أو نثرتين من الخبز لم ترهما عيناي المثقلتان اللتان جنحتا في الأفق البعيد باحثتين فيه عن طير آخر يداعب فرائص قلبي، فقامت عيناه المستديرتان بواجبهما التنقيب عنهما وعندما وجدهما...
استوقفتني إحْدَى جَاراتِنَا عَلَى بابِ الْمَنْزلِ وَهِيَ تَتَساءَلُ:"إلَى أيْنَ!" حَدَقْتُ فِي الأفْق ِ الْبَعيدِ وَهَمَسْتُ: "لا أعْلَم!".. وََأخَذْتُ أبْتَعِدُ وَصَدَى صَوْتهَا يُلاحِقُنِي بــِإصْرَار: "فَتَاة غَريبة! بَدَأتُ أعْبُرُ الشَّارعَ الْفَاصِلِ كَحَدِّ السَّيْفِ بَيْنَ الحَيّ...
عند الطرف البعيد البعيد من المدينة، وتحديدا من الجهة المحاذية للجبال الوعرة المليئة بالصخور والكهوف والعظام المتحللة لحيوانات وبشر مروا من هنا، أو هربوا من هناك من المدينة ؛ هناك بالتحديد وجده بعد أن وصل إلى أذنيه نشيجه الذي بدا له مواءًأ غريبا ،وبعد أن اشتم رائحته التي سارت الريح بها اليه سير...
السيارة البيضاء توقفت للتو بالقرب من باب البيت الخارجي ,وقد إنعكس على سطح زجاجتها الأمامية , قرص شمس الصباح , فبدا كمصباح شديد التوهج .فتح السائق الباب , وما إنْ ترجّل حتى خرجت ثلاث نسوة من البيت وهنّ متلفعات بعباءاتهنّ . همّ السائق بالتوجه صوب النسوة ثم فتح الباب الخلفي للسيارة . خطواته كانت...
سمعت رقية الكلاب تنبح بشدة .. فأطلت من باب الكوخ وحدقت فى الظلام فوجدت أنها تحاصر رجلا يصعد التل وقد سدت عليه الطريق وأخذت تتوثب حوله وتتهارش فجرت تدفع الكلاب عن الرجل بصوتها ويديها . ونظر إليها الرجل وهو يحاول أن يتحرك بصعوبة .. كانت الكلاب قد نهشته فى أكثر من موضع من جسمه . ولما رأت رقية...
يسقط على مجلسك دون أن تعرفه، فلا تملك إلا أن تنعم فيه النظر، فهو أشعث أغبر كأنه ابن السلكة قد وافى بعد إيغال في شعاب الصحراء. . . ضامر شاحب كأنه عامل قد أضرب عن الزاد، قذر الملبس يذكرك بالمار أمام منزلك صندوقه على كتفه يصرخ بأعلى صوته (بوابير جاز أصلح) تريد أن تسأله من أنت .. والويل لك إذا...
أجهل المكان.. لا أعرف إلي أين يؤدي ولا دليل ينصحني بالاتجاه، البلاد غريبة واللسان صعب، سبعون يوما لم أمد جسرا متصلا مستمرا بإنسان، منذ وصولي لاقتني المدينة بصد، ملامح الناس لا تنطق حزنا أو فرح، وعبارات الحديثة محددة غير متجددة، منذ ثمانية وسنين يوما قابلت رجلا من بلادي. يقيم منذ زمن هنا، جئت...
حين مات عنها زوجها، وزفت ابنتها الوحيدة إلى عروسها من بعد، تخلّت هي عن مسكنها في العاصمة، واختارت لها شقة صغيرة في ضاحية «الزيتون»، فكانت تحيا هناك في شبه عزلة، لا مؤنس لها إلا ذكريات أيامها الخوالي. ولعل ذكرى واحدة بين ركام ذكرياتها المختلفة، ذكرى فريدة غالية، هي التي احتلّت من نفسها أعز مكان...
أعلى