قصة قصيرة

لك ولع قديم بسبر القلوب. تظل تبحث وتدقق وتنبش التراب والسطور لتصل إلى شيء جديد يخص هؤلاء الذين يقصدونك بالزيارة في ليالي أحلامك. كانوا يأتونك كبشر من لحم ودم وتكاد تلمس أرديتهم مذهولا مسحورا. حقا لم تعرف أحدهم ولم تره، لكنها القلوب وما بها من عيون ! أمل دنقل “أمل دنقل” يأتي بطرقات ثلاث على صدر...
لا ادري كيف التقينا هل صدفة ام قدر محتوم ، حين خرجت صباحاً من بيتي الطيني ، اقطع الدروب الفاصلة بين الاشجار ، متخذاً قرص الشمس دليلاً في مسيرتي ، فأنا غريب على هذه البساتين ، لكن هذه الاشجار الخضراء تغريني في النظر اليها ، وهي تتزاحم في مد اغصانها ، انها ساحرةُ حقاً في قدرتها على إطفاء حزني ...
حين حلّ الليل بدأنا- أنا وخالد- نواصل السير وسط غابات البلوط الداكنة، الممتدة إلى الجنوب من جبل ( كَارا) . ظل دويُّ الرصاص يطرق آذاننا بين فترة وأخرى .. وفي اللحظات التي كان فيها صوت الرصاص ينقطع، كانت الضفادع تعاود النقيق في مخابئها بين حقول الرز والتبغ. وحين شرعنا بالهبوط مع اتجاه الدرب إلى...
هل شعر بحركة من حوله ؟! لا ، كان ذلك صوتا . نعم ، وكان صوتا غريبا ، جعله يتقلب في فراشه بشيء من الخوف . كان يوما طويلا ومرهقا في العمل الروتيني . كان برنامجه مكتظا فلم يملك حتى الوقت لاكل لقمة في أي مكان . حين وصل البيت ، لم يطلب شيئا سوى النوم . النوم ولو ساعة . فتركوا له الصالة . زوجته تعرف...
الشاحنات متراصة خلف بعضها , السائقون بانتظار أدوار سياراتهم , خبراء مكتب الحبوب يتنقلون برشاقة بين السيارة والأخرى , أقلام التجريم في أيديهم تثقب الأكياس , يتسرب القمح عبر القلم , يحمل احدهم كيسا فارغاً ليملئ ما تسرب من القلم , العتالة في ضجيج , أشعة الشمس تلهب الوجوه , العرق متصبب من الجسد ...
ارتدت ملابسها الزيتية ووضعت شريطان أحمران على كتفيها ، ثم شدت شعرها من الخلف و اتجهت نحو المرآة لترتب وضع سيدارتها ،نظرت إلى الساعة التي كانت تشير آنذاك إلى الثامنة إلا ربعاً ، ابتسمت وخرجت للحاق بزميلاتها اللاتي تنتظرن بعضهن في نفس الموعد . خرجت بدوري – بعدها بلحظات – إلى متجري , وأنا في الطريق...
برز من الحشائش قرب قدمها فستدارت حولها تبحث عن عشه وصغاره الذين تربوا على احضان ايديها وجوف قدميها، لكن لم تجد شيئاً من الذي حلمت به طويلاً، في الوقت الذي كان ثعلباً يتموج مثل شريط، عندما وثب واختطف اللمنج. زمجرت! ووضعت في بالها ان تكون اسرع، وسارعت بعناية ً، بمحاذاة اثر ارنب وجاءت اخيراً الى...
الى شقيقتي الراحلة مبكرا الشاعرة ساجدة الناصري (المهندسة ساجدة غضبان المشلب)، و الى بلد ما مات شعراؤه الا غرباء!!. ****** حفرنا طويلا بجنون.. مجموعة من النساء المنقبات الباكيات و رجال يرتدون الدشاديش المعفرة بالتراب. لم يصدقنا الجندي الامريكي الذي ترجل من دبابته لكنه حين انصت و وضع اذنه على...
كان علوان واقفا في أسفل الجبل الشاهق حين أشار الى أعداد هائلة من الشبان موزعين على مساحات شاسعة في تلك البقعة السهلة من المنطقة الجبلية .. انظر قالها ملوحا بيده اليمنى مرات متتالية ,محاولا جذب انتباه والده وإخراجه من قلقه.. انظر ردد مرة أخرى .. أنا مثل هؤلاء جميعا . جاءت زيارة والده اليه بعد...
عتدتُ يومياً، أن امسح زجاج مقدمة السيارة الفارهة التي تمر بهذا التقاطع المروري، وأن أتأمل ذلك الفتى الوسيم الذي يجلس على المقعد الامامي الى جانب السائق الأنيق. لم يقل الفتى عنه اناقة، وحقيبته جميلة جدا، ويغيرها كل شهر تقريبا. بعد ان انتهي من تلميع الزجاج اناول السائق صحيفة، واحصل على رزقي...
الرجل خلف الباب ينادي:- ( عتيق للبيع ) . لا أملكُ شئ لاأبيعه ! هل سيشري مني حلمٌ قديم قد نسج العنكبوت خيوطه حوله . لا زال الرجل ينادي :- ( عتيق للبيع ) . ماذا سأبيعه وماذا سيشتري مني ، هل أبيعه ذكرياتي ، قراءاتي ، كتاباتي ، طموحاتي ، امنياتي ، اشياء هي الأغلى في حياتي . لا زال الرجل ينادي ( عتيق...
ما معنى أن يخلو الصباح من فنجان قهوة مصنوع بإحساس عالٍ، تشتعل فيه الذكريات، ويستعيد القلب فيه عافيته؟ هل لفنجان قهوة أن يعيد عافية القلب والعقل؟ لا قهوة هذا الصباح تغني عن حضورها، كانت وما زالت تتأنق وتتألق استعدادا لمصافحة اللحظات في يوم جميل، يتذكر كيف أن فنجانها انسكب يوما، وهي على عجلة من...
(.. كان لها قلب، وكان قلبها) (المتمسك بالحياة سر ما تعانيه من عذاب) كان الصمت الموحش الرهيب يخيم على قاعة المسرح المزدحمة بالجماهير التي توافدت لرؤية رواية (المنبوذ) في ليلتها الأولى، وكان الجميع يتتبعون التمثيل بشغف واهتمام وقد ارتسمت على وجوههم أروع العواطف وأعمق الانفعالات. . . ولم يكد...
أخذت المدينة بأجمعها تستروح النسيم العليل ودلف إبراهيم - كعادته - إلى الشاطئ ليلقى بنفسه في أحضان الطبيعة من عناء يومه المنصرم وليستقبل الحياة الجديدة في غده السعيد، بيد أن إبراهيم لم يستطع أن يتخلص من تأملاته إلا قليلا إذ كانت روحة شاردة كأنها تريد أن تبحث عن سر الصمت العجيب الذي يلف الكون...
أعلى