قصة قصيرة

الطريق طويل جداً . الشارع خال الا من مركبات تتلألأ اضويتها من بعيد ، الاشجار على يميني وعلى يساري ، وامامي ، تهرب خلفي ، كأنها فزعة خائفة ، الارض قاحلة ، صحراء ، سواد الليل جعلها كأنها شبح كبير مخيف ، الركاب ما ان وصلوا الى مقاعدهم وجلسوا حتى غطوا في نوم عميق ، كأنهم لم يناموا من قبل ،...
باب الشرقي ، نفر واحد ، شاي زيد السكر ، غاز ، غاز ، يد تمتد نحوي ، الى اين تذهب ؟ ، الباب الشرقي ، انتبه اصعد الى الرصيف ، هذا هو الباب ، ادخل ايها الرجل الطيب ، اشكرك ابني العزيز ، امسكني اخر ، تعال قربي ، اجلس الآن ، اغلقوا الباب سأتحرك ، اعتقد ان بجانبي الايسر امرأة ، هكذا...
بعد أربع ساعات فقط ، سيموت ، وهو لا يعلم انه سيموت لسبب واحد ، فعلاقته بالحياة لم تستدع التأمل بالموت والبحث عن فروقات بينهما ، واعتياد الفقر دوما يكلله بالفوز بنهاية الانتظار وقدوم المرتب البسيط الكافي لثلثي الشهر ، هو لن يموت ، بل سيُقتل بأربع رصاصات دوّى صداها كل شوارع الحي ، وسمعها من تبقى...
الى نقاء وبهاء ايزيديات وطني أنا رجل مفتون بأصابع النساء . أصابع النساء.. كائنات فاتنة متحركة تختلف عن جميع الكائنات التي تملأ الطبيعة بهاءً وألقاً . وعلى وفق هذه الاصابع يمكن أن تقيس جمال المرأة بجميع تفاصيل جسدها.. وما من إمرأة تعنى بجمالها وأناقتها إلا وتبدأ بمراقبة أصابعها وجعلها السبيل...
يعيش الإنسان وحيداً،فيجد نفسه كالتائه في صحراء مترامية الأطراف لا يحدها مدى ولاتنتهي عند زمن ،أوسع مما يتصوره عقلي الُمتعب الضاج بآهات التوحد والتشتت في ثقوب سدم بعيدة آيلة إلى نهايات حادة كمدية قصاب أهوج ،الفضاءات الواسعة المجهولة تحيط بي لتشعرني على وجه اليقين أني معلَّق بين الأرض والسماء...
هل تذكرين يا أمى عندما حكيت لى عن زوجين يهوديين جاءا ليسكنا إلى جواركما فى القدس. كانا لاجئين أيضا، أتيا من واقع مختلف. دلفا إلى الشقة المقابلة لشقتك، وشقة والديك. وقد خطَّ الشيب شعرهما فى أوروبا. فى أول ليلة أمضياها فى بيتهما الجديد وفى أرضهما الجديدة، رأيتهما يلتصقان بالراديو. وبعد ذلك كنت...
بثقلِ من الذكريات المؤلمة رغم سعادتها.. أخذ يتأمل في ألبوم صور كبير بين يديه، لم يكن يتصفحه لكنه كان يعيش فيه لحظات يحفظها.. لا تبارح ذاكرته. ينظر إلي فتاته التي عشقها منذ صباه متأملاً صورها، هذه صورتها حين كان يدفع أرجوحتها .. وتلك أخري لها علي شاطئ البحر، وفي هذه اللحظة كان قد أغضبها ثم جاء...
ذات صباح عاد الزين عبد العاطي إلى القرية، بعد سنوات طويلة من موته في تلك الأمسية القائظة التي واجه فيها الموت وحيداً ومحنقاً بسبب الإنهيار الوشيك لأكثر أحلامه شفافية. ففي الليلة التي سبقت موته، كان قد أكمل كل استعدادته من أجل حياة جديدة أقل سأماً، دون أن يهمل حتى أقل التفاصيل الدقيقة أهمية...
قالت له عزيزة: ـ منذ شهرين تركتُ التمثيل في مسرح قصر الثقافة بعد أن تحرش المخرج خالد بي، ونحن في حافلة القصر في طريقنا إلى الإسماعيلية .. لمشاهدة عرض مسرحي له. قال وهو يكاد ينتفض غضباً: ـ كيف؟ قالت وهي تنظر إلى عينيه لترى أثر كلماتها: ـ كان يلتصق بي! .. أحسستُ به كالمراهقين...
استمعت إلى الأغنية مرة وحيدة أمام الطاولة الرخامية ، تعلوها قدرة الفول ومقلاة الفلافل . وثمة مائدتان صغيرتان لصق الجدار المواجه ، يحيط بهما ثمانية مقاعد ، وفوق الرف المثبت فى نهاية المكان جهاز راديو ، تتناهى منه أغنية عبد الحليم حافظ : يا تبر سايل بين شطين يا حلو يا اسمر لم تكن هذه هى...
في عز هذا الليل البهيم، انفلتت من هذه الضوضاء و هذا الضوء المزيف الذي رصع حفل الجميع.. شعرت بتخلصها من درن نفسي كانت ترتديه فستان سهرة بوصفها امرأة خاطوا لها معايير الجمال والقد والقوام. الشارع فسيح وخالٍ. ربما عيون ذئاب جائعة تتربص القمامات والطرائد الشاردة. لكنها السماء التي اغتسلت بنجوم من...
- أحقاً أنت من قبيلة الزغاوة القريبة من بحيرة تشاد؟ سألت العجوز عندما صار رفيقها في السفر تحت ضوء القمر. من غير أن يجيب، ردّ عنه القماش الذي كان يغطّي وجهه وصدره فانكشفت أمام العجوز عضلات عظيمة تحت جلد غامق لعربيّ مولود في أفريقيا. وانكشفت أيضاً علامة مقدّسة على جبينه لا تُمنَح إلا لرسُلٍ لهم...
الى عبد العزيز جاسم .... - الدببة المتوحشة الفاتنة المولودة يوم الحرب بالذات ... تنطق بامنيات بريئة - رسالة نسبت لاحد ابناء مدينتنا الذي مات في ظروف غامضة قيل انه •- رسالة اسرار ومفارقات !....... او كان سقوطها في احد مكاتب بريد مدينتنا صدفة ... حيث لم يستطع سعاة البريد من...
منذ طفولتنا المبكرة.. عودنا أهلنا ومعلمينا أن رفع الأصابع.. يعني طلب الأشادة والامتنان والتأكيد على الرأي، وليس الأعتراض عليه أو تقديم رأي مختلف عن سابقه ..الأصبع الأولى، أصبع تأكيد لمن سبقنا عمراً وعلماً وتجربة.. واصبعنا المرفوع هو من طبع الوفاء والأخلاق الحميدة .أما الأصبع الثانية، فهي اصبع...
كطيفِ حبيبةٍ غابر، أو كحالة عشق تتلبّسك زمناً ثم تتلاشى، فيما تحاول جاهداً أن تستعِيدها من بقايا ذاكِرةٍ بعيدة؛ تبدو كسلا مدينة الشغفِ الزاهر الجميل، كحورية تحرّشت بها أمواج عاتية فَلَفظتها على يابسة محبوسة بين جبلين على ضفة نهرٍ مُتمردٍ وغدّار؛ حورية برشاقة غزلان براري القاش الخصيب، تربعت على...
أعلى