قصة قصيرة

قالت إنها التقت به صدفة.. هل صديقتي تختلق القصص وتجعلها حقيقة؟ رأيتها مرارا تجلس بالمكتبة وتقرأ المتنبي. تساءلت ما الذي دفعها لقراءة المتنبي؛ فهي لم تقرأ شعره فحسب؛ بل قرأت تاريخه كله، وتاريخ أزمنته وأمكنته بالرغم من أنَّ صديقتي في حياتها لم تحب التاريخ، فلا أذكرها تعلمت درساً واحداً بشغف أو...
تدفقتْ في شراييني موجاتٌ من الهلع، حين أبصرتُ عينيه المسكونتين بالرعب، ووجهه المغمور بنافورة من دم، وجسمه المغطَّى بمساحة واسعة من الشحوب.. كان يتلمس طريقه بين أشجار البرتقال وقد أنهكه الإعياء.. يقتلع قدميه من لجَّة الرمل بصعوبة بالغة، ففاجأته بالوقوف أمامه، وبادرته بالسؤال: - "عصفور!.. ابن...
قالت ميري لزوجها إدوارد بعد أن أتمـّت تنظيف القطعة التي بين يديها: - نقـّبنا في الكثير من مواقع العراق الأثرية فلم أجد أغرب من هذه السكـّين. ناولتها اليه وهي تمسّد النصل بحذر شديد . فأجاب وهو يتفحص باهتمام بالغ مقبضها الذهبي : - هي متقنة الصنع وبيد حاذقة، وتبدو لي ليست من صناعة محلية، وأرى...
وجه قد لا تنتبه لوجوده ، ذو ابتسامة ليست موجهة لشخص ما ، أو موقف ما. كان وجهها دائم الظهور في خلفية الصورة. لم يكن يعبأ بها أحد، أو يصادقها أحد ، أو يضمها لمجموعته ، أو أن يلقي إليها التحية. *** كنت في أمسيتي الشتوية القارصة، مقشعرة مشاعري قبل جسدي ، فآثرت أن أتصفح كتاب...
عند انتصاف العمر، يدق ناقوس الضجر، على إيقاع منجل السنوات وهو يحصد غنائم أثقل من انهزاماتي، وتلف ما يحصد بعباءة لونها رماد أرق وملل الوسادة المحشوة بأحلامي. الأيام المتشابهة ترتمي مع الأقدار في حضني لحظة غفوتي. أما الزمن فأراه يتهاوى في أعماق مجهول. هذا البذر المغروس في طوالعنا منذ الأزل لا ينمو...
العالم يتكور في ذيل القرن، حتى يغدو كرة ثلجية زائفة، اقتحمها السواد عنوة بحجة أن لأسود لون أساسي في رسم أحلام البشر ثم تتدحرج الكرة الثلجية السوداء، وتذوب عند قدمي بفعل حرارة النكسة التي سكنتني، فأجد نفسي أسبح في فضاء مفرغ: لا أرضاً تقف فوقها قدماي، لا سماء تحتمي بها أحلامي الوردية، و لا بشراً...
أتعثرُ لاهثةً عبر كثبان ندمي، أمتشق سراب نسيانك، وعمري ينداح دوائر رمادٍ، تشرّدني ذكراك إلى حافة البوح، يعرّش في الروح مدىً من أنين: أيّ جرحٍ بهيّ أيقظك من أعماقي بكلّ هذا الصخب، وأيّ جنون؟ تنبتُ من زوايا نفسي من جديد، تضجّ في دمي، تتضوّع، تمورُ،وأنا أوصدتُ دونك عمري، خلتُها تساقط ذاوية نوارسُ...
احضري لي كوب الماء ، لا تقفي هكذا أمام النافذة، إن المارة ينظرون لك . إنها العجوز ، دائما ما تصيح بصوتها العالي المبحوح ، منذ الصباح الباكر تجلس على المقعد في منتصف الصالة ، تتأمل المكان، عيناها تراقبان كل شيء وبدقة لا تتناسب مع سنوات عمرها الستين . تنظر إلى أمها، بمزيج من اللامبالاة، والضيق،...
تجولت شهرزاد في أروقة الناس، ودخلت إلى أبوابهم السرية، وجلست إليهم في لحظات بوح صافية صريحة، وبلا رتوش ولا ألغاز، سمعت لهم، ونقلت قصص حبهم العصري جداً... وهذه بعض منها: التقيا عبر نافذة الحاسوب، اهتزت المشاعر، تدفقت الكلمات، رفرف الحب، تواعدا على أن يكونا واحداً. ارتبطت حياتهما بأيقونة مضيئة...
وأنا اقترب من بحر « حلق الوادي » رأيت الشّمس تطلع من وسط الماء. شمس حمراء وكبيرة. نورها باهت لا يؤذي العين. حدّقت فيها مدّة. رأيتها تنفض عنها الماء العالق بها من كلّ الاتجاهات وتنتفض لترتفع رويدا رويدا في الفضاء ككرة من لهب. شققت بسرعة كبيرة الطريق الرّاقدة فوق بحيرة «تونس» وأنا أطرد النّعاس...
سيلفيا تقول: إنها انتظرتني، انتظرتني طويلا، وإنها كانت واثقة من أني سأجيء من بلاد بعيدة كما عشاق القصائد المستحيلة وأنها لن تضيع وقتا في الخطوات الأولى البليدة... وأنها ستعاتبني جدا عن كل السنوات التي بذّرتها في البحث عنها. "خلفي كما لو أن الأمر كان ماثلا أمامي، تركت مدينة تغرق في مطر طوفاني...
مزيج من أحاسيس القلق، والحيرة، والرغبة والتطلع، والفرح، وتوصيفات أخرى تنوء بلحظتها الراغبة في معرفة المجهول الذي يكاد يكون معلوماً، إذ تصور لها النبضات أحياناً أن ما في الخطاب ليس إلا" تحصيل حاصل" لما تتطلع إليه من كلماته الرقيقة التي تؤرخ في كتب العشق للحظة وصاحبتها.. تلك الأحاسيس كانت المحصلة...
تتوقـّف مُصْدرة أزيـزاً يُسمَع مـن بعيد. يصعـد راكبان ويحاولان افتكاك تذكرتيهما من بين الأجساد المُتزاحِمة عند مدخل الناقلة. مع الراكبَين ثالثٌ لا ينوي دفعَ ثمن التـّذكِرة ولا وجهة مُحدَّدة يقصدها؛ الحافلة وسيلتُه وغايته. بدون مُقدّمات، ينطلق صوتـُه (ببحّةٍ تشي بأن صاحبها خرّيج "مدرسة" أخرى في...
إلي كل الصبايا اللواتي مللن انتظارا مريرا لمسافات زمن بعيد باحثين عن تفاصيل شمس لا تجيء إلي النوافذ رغم ضغطة النهدين.. إليها.. إلي البنت التي حين أسكنتها كلامي سكنت فسكنتها ساكنا.ومسستها مسا جنونيا فصارت جزءا من جنوني رغم ما بيننا من غباء اللغات آه.... يا البنت الجميلة أنت يا رفيقة دربي...
الآن استوطنا المكان الذي جنّد عنفوانه ، وألقي بالتيه من أعالي المشاعر . هي الظروف ملء سويعة سكنتها دفقة إغراء ، حيث المكان برمته عار يستفز الزمن يبحث له عن إثارة . لكأنما المشاعر تساقط كثمار طازجة . من تنبأ بصدفة أحدثت رجّة بحجم هذه العواطف العنيفة ؟ كيف حال الظروف التي جمعتنا إلى حافة طاولة...
أعلى