قصة قصيرة

لم تتسع مخيلتي لأكثر من هذا، أن أفرد ذراعيّ عن آخرهما، وأن تثب قدماي لأعلي حتى أقف علي أطراف أصابعي فوق سور السطح، ومع الإرتفاع الشاهق للعمارة التي أقطن بها ستبدو نظرتي أكثر عمقا، بحيث تظهر الأشياء صغيرة جدا، وفي حجمها الطبيعي. لم أستعذب فكرة الطيران إليها من قبل، ليس لأن مريم لا تستحق ذلك،...
الدودة الحية الكبيرة سأضعها في منتصف دائرة فخاخي، ثم أذهب بالبندقية أصطاد العصافير بالرش الذي تعطيه لي أمي. هي تعشق العصافير المشوية, تدسها في الأرز وتظل تمصمصها بلذة. أنا أصطاد العصافير ولا أحب أكلها. سأنتظر تحت الشجرة فرحا بتحليق العصافير في السماء. أغني لها “ذهب الليل, طلع الفجر, والعصفور...
تأتيني جسدا طيفا, فأحكم باب غرفتي الظلام وأستلقي على السرير. ترقص بثوب فضي شفاف, تكشف جسدا مضاء من داخله بمشكاة بنفسجية، وأتجرد قطعة قطعة مع اهتزازها. تقترب فأشب إليها وتكمل طقسا غنائيا مصحوبا بطبول إفريقية تثير تفاصيلي. تشير فأقوم, أرقص معها وحواليها أحاول احتضانها فتهرب للشاطئ وترشرش الماء علي...
تمسح سهاد الغبار من دفتر مذكراتها الصغير و ينساب خيط من الوجع امتد لعشرين عاما وراحت الحروف تتساقط مثل شلال يوقظ في الروح وجعأ ازليا أثره لازال موشوما على الخد. "اليوم يجئ الغائب من منفاه .....مفعم بالحزن متشحأ باللوعةِ , اليوم يمسح الحزن الماضي ما بين العيون ... يكبر حلم النرجس , اليوم يجئ...
أحضر لُعبَهُ، وجلس قُبالتي، ونثرها على الأرض، وبدأ يعيد جمعَها وترتيبها. ناديته بصوتٍ خفيض. فلم يُجبْ. وناديته، مرةً أخرى، بصوت مسموعٍ واضحٍ. فلم يُجبْ. كان مستغرقاً وغارقاً في عالمه الخاص. ولم يكنْ بمقدور صوتي أن يصل إليه، أو أنْ يقطع عليه خلوتَهُ بنفسه وبعالمه… تركته في عالمه البريء الخاص،...
رنّ الجرس في ساعةٍ متأخرة .. رنينه يشرخ هدوء الليل .. أصمت بإصغاء .. يرن مرةً اخرى .. قلتُ لنفسي : مَن سيأتينا في هذهِ الساعة المتأخرة .. تحركتُ بتمهل ، فقد يكون ما أنا فيه مجرد تخيل .. ويرن للمرة الثالثة .. أُوقظ زوجي الراقد بجانبي : _ خالد .. خالد .. أحدهم يدق جرس الدار . _ ليسَ هناك أحد ...
هي هي تلك الإحتفالات الباهتة الشاحبة المكرورة حتى لو كانت لتخليد قصّة حب وتلاحين فيروز وجنون حياة .. حفلات طعام باذخ شهي كثير كثير يرمى للكلاب بنظرات حائرة مستفهمة لطفل جائع يشهق بفرح لقيمات بعد جوع كافر لئيم .. حفلات زواج وتمثيل نجاحات حب .. حفلات سياسية مترفة مغرورة حتى بأكاذيبها وتلفيقاتها ...
من وراء المشربيات الخشبية المزينة بأشكال هندسية تُطل فاطمة بفضول. تريد أن ترى وجه الإمام عندما ينهي الصلاة ويلتفت مواجهاً المصلين لينهي تسبيحاته وهو مطرق. صوته ساحر وفيه الكثير من الخشوع الذي يطربها. تقصّت عنه منذ أيام وعلمت أنه يريد الزواج وينقصه المال. وعلى الرغم من أن المبلغ الذي تمكنت فاطمة...
“ثلاث عربيّات تيمنني، في (جيّان) عائشة وفاطمة ومريم ثلاث عربيّات ظريفات، كنّ يرحن لمشق الزّيتون، فيجدنهُ قد مُشق، في جيّان: عائشة وفاطمة ومريم فيجدنهُ قد مُشق فيرجعن قانطات والألوان ضائعة في جيّان عائشة وفاطمة ومريم ثلاث عربيّات نضرات كنّ يرحن لقطف التّفاح فيجدنه قد قُطف في جيّان عائشة وفاطمة...
رسمت السيناريو في ذهني، وكنت استرجع المشهد المتخيل مرات عدة. كيف ستفتح لي الباب فأرتمي في حضنك، وقد تنفلت الحرقة من مقدرتي علي التحكم بها فأشهق، ثم سأحكي لك عن الحادثة. او ربما في سيناريو بديل، يجب ان اتماسك وأسرد تفاصيل الحادثة اولاً، ثم أبكي ذلك البكاء المؤجل في حلقي، منذ اكثر من ساعة. كان...
توخياً للسلامة - فالبرغم من كونه الآن ملازماً في الجيش وقد لا يرجع نهائياً للجنوب- دعونا نطلق عليه اسم هوستن، كان قصير القامة ونحيفاً، له وجه اسمر داكن ببشرة حساسة التقيته أول مرة في جلسة الاستماع في برمنغهام وحينها كشف لي خلال مرافقة قصيرة كيف أنه يحترق بفعل الظروف. ومن خلال الحكم علي لهجته...
كانت الغابة تضج علي الدوام ضجيجاً متسقاً ومتصلاً كأنه رجع صوت بعيد، هادئ ومبهم، كأنه اغنية من غير كلمات ترنّم بصوت خفيض كذكري من الماضي الغامض. وما كان الضجيج ينقطع فيها لأنها كانت غابة صنوبر قديمة لم يمسسها، بعد، منشار ولا فأس حطاب. وكانت الصنوبرات العالية، والبالغة من العمر مئات السنين وذات...
ما الذي كانت تعنيه؟ طيب، لقد فهمت علي اي حال انها ايطاليا. انتصبت في أعلي التل، خيمة بدت كأنها مظلة مخططة، رفرف العلم، الموجود بأعلاها، في نسيم مايو المنهل من المحيط. وفي الأسفل بدت الغابة الخضراء بحراً أخضر. وذكرتني بالساحل قرب نبع جبلي حار في ايزو، في داخل الخيمة الخضراء، كان هناك شيء بدا...
بكيتُ بشدّةٍ حين أدركتُ أنّ لها اسمًا آخر؛ كانوا يدعونها أمَّ عماد. كنتُ أختبئ بخوفٍ وراء فستانها أثناء استجابتها. لطالما اعتقدت أنّ "تيتة" شخصٌ واحدٌ لكنّها حقيقةً كانت شخصيْن: "تيتة" بالنسبة إليّ، و"أمّ عماد" بالنسبة إلى العالم كلّه. اعتدتُ الاستيقاظَ من النوم لأتفقّد جدّتي كما لو أنّ...
أقدم لكم نفسي . أنا التي أعرف كل شيء. كانت الفتاة تلعب الحجلة أمام سور الكراج القديم في قريتهم الحدودية الصغيرة . الكراج مليء بسيارات النقل الضخمة التي يشترك التجار الحدوديون في ركن ناقلاتهم العملاقة فيها. كانت الجاحظة تلعب الحجلة أمام الجراج، ونسيت وصية أمها بالعودة إلى البيت لجلب الحليب...
أعلى