قصة قصيرة

ذهب الى قبره في ذلك المساء .. كان القمر يصعد شيئا فشيئا في الافق .. كان بعض الناس مازالوا جالسين بعد أن صلوا المغرب في طرف زاوية المقبرة .. هذا القبر الملطخ بالخيانة والخداع .. حوله نمت بعض الشجيرات كما نمت في بعض ممرات القبور .. والده أصر على صنع قفص الدرابزين هذا قبل ان يختل عقله ويغرق في بحر...
منذ عودته الي القرية قبل سنوات بعد ان احيل الي المعاش من وظيفته كسائق في احدي المؤسسات الحكومية التي عمل فيها بعد أن ترك الجيش الذي التحق به كمجند لعدة سنوات، وهو يمارس حياة روتينية تخلو من اية مفاجآت، يخرج صباحا ليبحث عن بعض الحشائش لبقرته، يعود الي البيت ليتناول الافطار ثم يذهب الي المسيد...
ذات صباح قائظ في القرن الماضي كنت اخلد للنوم تحت اشجار النيم حين ايقظني شخص ما، نظرت فوجدت رجلا نحيلا يشبه منظره فزّاعة الطيور، انتبهت الي انه كان جارنا عبد الواحد رغم انه بدا لي لحظة خروجي من الحلم مثل قادم من العالم الاخر بهيكله العظمي النافر وسمات الحزن في نظراته. اصدر لي امرا: (امشي جيب لي...
في ظلال شجرة الجميزالعتيقة جوار المسيد إنعقدت المحكمة. جاء سعد الشهير بأبو الجاز وكان اكتسب الاسم منذ سنوات بسبب بيعه للجاز المسروق أيام عمله كسائق لجرّار في إحدي المؤسسات الحكومية الزراعية. جاء يرتدي جلبابا فخما وعمامة ضخمة حتي بدا كأنه القاضي وليس المتهم. افتتح شيخ الطيب المحكمة: نبدأ الجلسة...
مات الشيخ النور ود حمدان، طوال سنوات كان يمثل للقرية سلطة دينية علاجية، وكان من النادر ان يحتاج أي من اهل القرية الي خدمات الطبيب حيث المستشفي الذي يقع علي بعد حوالي عشر كيلومترات ويمكن الوصول اليه عن طريق المواصلات القادمة من مدينة ارقو او عن طريق الحمير، كانت وفاة الشيخ متوقعة منذ عدة اشهر وهو...
اعلنت حالة الطوارئ في القرية، الزين أعلن العصيان، أمهل اهل القرية ثلاثة ايام إما أن يساعدوه لتعود زوجته الي بيته او يجب الا يسأله احد ان اقدم علي اقتحام اي من بيوت القرية بحثا عن إمرأة ما ... قال له شيخ النور: ما تصبر شوية يا الزين. قال الزين : (الايدو في الموية ما زي الايدو في النار، انت يا شيخ...
بعد صلاة الظهر في المسيد إستلقى العم سعيد على برش الصلاة ليستريح قليلا ، كان شيخ النور يتحدث مع صلاح الجاز أمام المسيد ثم إنضما للحاج سعيد وجاء سليمان الأعرج بعد قليل. رفع حاج سعيد جسده من على برش الصلاة وأصلح الطاقية القديمة فوق رأسه الأشيب وقال: والله يا اخوان فارس دة زول ما ساهل، والله سبحان...
ذات يوم كنت أتجول في سوق الجلود في مدينة أمدرمان وفجأة في الزحام رأيت وجها أعرفه، مجرد أن رأيته قفزت بي الذاكرة عبر السنوات لأراه هائما في طرقات القرية يحمل طنبوره، صانعا من أنغام حبه السعيدة حواجزا بينه وبين العالم النائم في سبات مواسم ما بعد الحصاد. ثم وهو يبيع خضرواته للعابرين وللغجر. كان...
بعد موسم الدرت سيذهب آدم الى المدرسة، كان سعيدا جدا وسأل أمه وهي تخض لبن الماعز لتصنع منه السمن: هل سنلعب في المدرسة؟. قالت أمه نعم، هناك أولاد كثيرون. وستتعلم كيف تقرأ الرسائل وكيف تكتبها.وحين تكبر ستصبح طبيبا وتعالجنا أنا ووالدك حين نمرض ونذهب لنعيش معك في المدينة حين لا تنزل الامطار. وقال...
* الى ح. ز. وهو يحترق في اتون المنافي: «ها هو الجسيد يرفع الروح لصلاة الميلاد الثاني من الرحم الاول.. وها هي شهقاتك المكتظة بالاندهاش تعلو فوق عينيك لتشكل ضبابا من الموسيقى النورانية التي انبعثت من «حلقوم» نوبة كاد يبح من طول الدوران حول الذات. والدك صحراوي القسمات يسهب في ارتحالك عن ظهره...
ذهب عمي بساقيه المثقلتين لبيقطف وردة المساء , فوجدها مازالت تتفتح فتركها , كانت الشمس تشرق من جهة والمساء يحل من الجهة الاخرى وكانت النجوم تغمز بعيونها المكسحة بينما تظهر اسنان الشمس وشفتاها المتضخمة من افق ورقي ابيض . قال لوالدتي اياكم ودفني , انا اخاف الدفن , واخاف من الذين سيجيئون ليسألوا عن...
قبل ثوان من إطلاق النار عليه .. قفز الجنرال من مقعده المبتل بالماء .. وصاح بصوت متقطع كأنه في كابوس .. " لا .. لا .. ما عاوز أموت " حاول أن يصل الى المسدس الموجه إلى رأسه .. واندفع بكل ثقل الاجساد التي أيقنت أنها لا محالة في القبر .. وأن الفرصة الأخيرة لها لن تحقق شيئا سوى مزيد من الدما ء ...
* ( مهداة لاحمد الملك ) عندما هبطت الفتاة التي اغتصبت قبل قليل في الانتنوف كانت تسير بهدوء في ردهات المطار ولا تشعر بأي ألم في جسدها الذي كاد الرجال الثلاثة أن يطحنوه كالدقيق في محاولاتهم العبثية أن يصنعوا لأنفسهم حياة جديدة ومشاعر أقل صلابة من التي كانوا يشعرون بها في بيوتهم مع زوجاتهم.. هبطت...
في اثناء نومه سمع هتافات لم يسمع مثلها من قبل واحس ان هديرا يحاول اقتلاع ابواب القصر وسمع النداء الذي كان يطارده في حله وترحاله وفي نومه ويقظته وفي سعادته وكآبته منذ ان عين مستشارا للرئيس ودخل القصر على وجل وعلى استحياء " يا عبد الرحمن .. يا عبد الرحمن .. " وفي مرة صاح وهو يرتجف " من انت ؟ قل لي...
لقد عرفه الجميع.. وكادوا يعهدوا وجهه كجزء لا ينفصل عن القرية كلها.. وجهه المربع يعترضه حاجبان يتصلان ببعضهما بالخدود يعين طرف أنفه العلوي، وأنفه المفلطح تدور بأسفله دائرتان واسعتان فوق شارب رمادي كثيف، يتدلى، فيخفي شفته العليا.. أما ذقنه فلقد كانت عريضة حادة، كأنها قطعت لتوها من صدره، ومن ثم،...
أعلى