قصة قصيرة

ذات يوم صنعت لي أمي دمية صغيرة من سيقان الذرة اليابسة . صممت الهيكل كما يجب . رأس مستدير ومرفوع لأعلى . اليدان مشرعتان والساقان طويلان ومستديران . انتزعت أمي خصل من شعر رأسها كانت ملتصقة بالمشط وثبتتها برأس الدمية فأصبح لها شعر طويل . بقلم الفحم رسمت أمي على رأس الدمية عينين سوداوين واسعتين . و...
١ يتلمس طريقه في الظلام الحالك، وهو يتذكر كم مر بهذا الطريق أياما وليالي. ينحني عند بعض المنعطفات ليلمس هذه النبتة أو يتعرف على ذلك الحجر، ومع كل انحناءة يستنشق بمليء رئتيه عبير أرض افتقدها وافتقدته . ثمة شعور طاغ يغمره ويكاد يجعله يقفز صارخا: إنني أسلك الطريق الصحيح لأول مرة. إن كل الطرق...
تُرى ..! هل يستأثر الصّياد حين يُصوّب بندقيته نحو السماء ,بطائر دون آخَر ...!؟؟؟ أليس هو الذي يظلّ يرددّ بعنجهيّة طاووس: " لو أطلّ فجرٌ وأنا لست في حالة عشق فأنا لست أنا " !! إنّه يحتاج مع اطلالة كل فجر ان يُثبت لغروره أنّه قادر على اصطياد كل النساء ليزجّ بهن داخل أقفاص عاطفته. والآن , لا أدري...
تحاول حشري يوميا في حمالة صدر اسفنجية حجمها يفوق حجمي مرتين ثم تضع فوقهما أخرى قطنية ضيقة حتى يكون المظهر أكثر تناسقا ليصر عملها نحتا مرمريا متقنا ... تقف أمام المرآة لتنظر إلى منجزها الفني و الفخر يفوح من ابتسامتها المقتضبة. ترتدي قميصا حريريا رقيقا ... تأخذ موقعها أمام المرآة مجددا لتصادق...
لبيتنا بوابة حديدية كبيرة سوداء ، معلق بها من أعلى جنزير صدئ غليظ ، في طرفه قفل نحاسي ضخم جداً . أبي يقول أنه يكره هذا القفل لأنه لا يمكن كسره . " هل يريد ابى ذلك حقا ؟ ". لو وضع جدي يده على كتفك بحنان ، مكلما إياك بصوت ودود لضربتك الزلازل من داخلك . كلنا نخافه فربما يزعق في مرة فينهار البيت...
ما إن جلستُ المقهى حتى رمقني بنظرةٍ متفحصةٍ، رددتُ عليه بمثلها بعدَ أن عجزت عن مصافحتهِ أو الإستفسار عن نواياه ،الرجل الذي في الصفحة التاسعة من رواية هرمان هيسة "ذئب البوادي"، في ما بعد أدركت رمقني بنظرة فاحصة حين سقطت قطرات من القهوة التي كنت أرشفها على صورة لإمرأة في الصفحة الثامنة كان...
انتبه إلى نظراتها المرسلة إليه ، نظرات حارّة فيهن مناداة وصخب ، تلفّت حوله ، استطلع وجوه الرّكاب ، فتيقّن أنّ نظراتها لا تقصد سواه .. فأخذ يبادلها النظرات من مكانه . كانت جالسة على المقعد ، لا تفصله عنها سوى بضعة مقاعد ، وشعر بأنّها تبتسم له ، فأراد أن يردّ على ابتسامتها ، حتّى يجعلها تفهم أنّه...
قرّرت أن أكتب قصة قصيرة . منذ سنوات وأنا أفكر في هذا المشروع ، وكلّما هممّت أبعدتني مشاكل الحياة ، وحين تعاودني الرّغبة في الكتابة ، أجد أفكاري قد تغيّرت ، أو تطوّرت ، أو فقدتُ إيماني بها . فأعود من جديد ، إلى دوامة البحث عن موضوع . سأفاجئ الجّميع .. أصدقائي ومعارفي يعرفون أنّي شاعر فقط ...
أقف بين الصخرتين، أهتف لنفسي، أنا ابن الذبيحين؛ مهنتي وقلمي. الأرض الناتئة من حولي كصفحة جسد شوهته الدمامل. تركت صبيان المدرسة بلا معلم لغة عربية، ضاقت بي سلة الحياة، وتجاهلتني أمنا الدولة! ومن يأبه لقواعد الإملاء، واللغة بعدما صار للجميع صفحاتهم، يكتبون عليها ما غث، وفسد؟ من يأبه لجوع ابنتي،...
بين البؤبؤ والقلب تاريخ مشروخ ونصال ورماح ، وسندباد بحري يغازل جواري بغداد, وجزيرة نائية يبتلعها غول . يرفع البؤبؤ بصره إلى السماء , وفي المصعد يقابله منقار بجعة . قال المنقار للبؤبؤ : ـ أترغب في صداقتي ، فأنا أرعى حرمة الصداقة وأسافر كثيراً، وأشتري هدايا, وأعرف النساء والخمارات , ولي فيلا على...
أرجلهم طويلة .. تضرب الأرض بقوة.. لا يسافرون .. يحبّون النوم كثيرا .. عيونهم زرقاء فارغة .. جباههم مفلطحة عريضة .. يتاجرون بالسكر والويسكي المغشوش .. قلّما يبتسمون .. يمارسون الحبّ مع البحر والإسفلت والقار والصحراء . لهم نساء يبتسمن من مؤخراتهنّ وأكفالهنّ .. قلّما يجتمعون مع بعضهم إلاّ عندما...
رفع حاجبيه عالياً.. سماء من السحب والضياء تسافر بعيداً .. المساء رطب.. المدينة هادئة تستمتع بالموسيقى، ونسمات سيدي بوسعيد ولا كانيا والبلفيدير، عينان باهتتان صغيرتان مليئتان بالقذى يتوسدان هذا الوجه الأصفر. ووجه منمش بحبيبات قديمة ورثها عن الأجداد الذين يكرهون السفر ويحكون لنسائهم حكايات ألف...
أحس عبد الله بكآبة خانقة داهمته فجأة .. فلاذ بالوحشة والفراغ، وأخذ يتأمل السماء العريضة .. فتش عن نجمة المساء .. وأخذ يدقق جيداً عله يرى نجمة واحدة .. عاين السماء من أطرافها .. يا لله متى تظهر النجمة.. لكن النجمة ظلت آفلة .. لو أن نجمة واحدة أضاءت بؤر قلبه الحالكة ، لاستحضر جواداً وشراعاً وسفينة...
كانت حقاً امرأة الوقوف ليلاً بين أزقةٍ تسرحُ فيها خيالات لصبحٍ ما إن يأتي حتى تكون هي قد عادت لتجلسَ القرفصاء داخل غرفةٍ نسج العنكبوت على سقفها خيوطا ًتتدلى كتعويذة لأيام نحسات تُقرع أجراسها بلا توقف . بالرغم مِنْ سحب الأسى التي تظلل مقلتيها فقد كانتْ امرأة بطعم الجحيم , يكفي أنْ تصافحك فقط...
لانجي سليلة الكاكاو الطازج، ذات العشرين ربيعاً. رقيقةٌ وقاسيةٌ كالأحجار الطينيةِ المنثورةِ على سفوحِ جبلِ يايي - 1 - . ما زالت خطوط الاستواء مرسومة على جبينها الذي زخرفته لها أمها - المقعدة الآن - بخطوطِ اليارُومبا - 2 - ، بإبرة التايونج - 3 - ، مذ كان عمرها ستة أشهر. كانت في حقول المانجو، والبن...
أعلى