قصة قصيرة

أرجلهم طويلة .. تضرب الأرض بقوة.. لا يسافرون .. يحبّون النوم كثيرا .. عيونهم زرقاء فارغة .. جباههم مفلطحة عريضة .. يتاجرون بالسكر والويسكي المغشوش .. قلّما يبتسمون .. يمارسون الحبّ مع البحر والإسفلت والقار والصحراء . لهم نساء يبتسمن من مؤخراتهنّ وأكفالهنّ .. قلّما يجتمعون مع بعضهم إلاّ عندما...
رفع حاجبيه عالياً.. سماء من السحب والضياء تسافر بعيداً .. المساء رطب.. المدينة هادئة تستمتع بالموسيقى، ونسمات سيدي بوسعيد ولا كانيا والبلفيدير، عينان باهتتان صغيرتان مليئتان بالقذى يتوسدان هذا الوجه الأصفر. ووجه منمش بحبيبات قديمة ورثها عن الأجداد الذين يكرهون السفر ويحكون لنسائهم حكايات ألف...
أحس عبد الله بكآبة خانقة داهمته فجأة .. فلاذ بالوحشة والفراغ، وأخذ يتأمل السماء العريضة .. فتش عن نجمة المساء .. وأخذ يدقق جيداً عله يرى نجمة واحدة .. عاين السماء من أطرافها .. يا لله متى تظهر النجمة.. لكن النجمة ظلت آفلة .. لو أن نجمة واحدة أضاءت بؤر قلبه الحالكة ، لاستحضر جواداً وشراعاً وسفينة...
كانت حقاً امرأة الوقوف ليلاً بين أزقةٍ تسرحُ فيها خيالات لصبحٍ ما إن يأتي حتى تكون هي قد عادت لتجلسَ القرفصاء داخل غرفةٍ نسج العنكبوت على سقفها خيوطا ًتتدلى كتعويذة لأيام نحسات تُقرع أجراسها بلا توقف . بالرغم مِنْ سحب الأسى التي تظلل مقلتيها فقد كانتْ امرأة بطعم الجحيم , يكفي أنْ تصافحك فقط...
لانجي سليلة الكاكاو الطازج، ذات العشرين ربيعاً. رقيقةٌ وقاسيةٌ كالأحجار الطينيةِ المنثورةِ على سفوحِ جبلِ يايي - 1 - . ما زالت خطوط الاستواء مرسومة على جبينها الذي زخرفته لها أمها - المقعدة الآن - بخطوطِ اليارُومبا - 2 - ، بإبرة التايونج - 3 - ، مذ كان عمرها ستة أشهر. كانت في حقول المانجو، والبن...
• شهادة التدوين كنت اقف شاخصة ببصري يملؤني الاندهاش, استجلي توهان البنايات السامقة مناطحة السحاب في تغولها وانسرابها كالمسلات تخترق الفضاء, وبقلبي وجفة وارتعاشة مصادمة اكتشاف الأمكنة والوجوه الغريبة لاول وهلة, وأنا القادمة من مدينة خفيضة المباني أليفة الوجوه ، يداي تقبضان حقيبة ملابسي أحاول أن...
كانت مريس إبزيماً حصيناً تتمدد وادعة، يوشمها النهر بوشم الخلود، عند منتصفها تماماً شيئاً خلاسياً على جسد خداري, يمتد من سرتها حتى ما بين فخذيها، يجري بالحياة وتجري الحياة على ضفتيه, فيجُرى الحياة على مريس وهي {امرأة عارية تنام على سرير البرق في انتظار بعلها الإلهي الذي يزور في الظلام }1, وتبحث...
كان الوجوم يخيم على الجميع، لعله الاستيقاظ المبكر على غير العادة .. ثمة تثاؤبات تتسع لها الأفواه ، وأفراد من هنا وهناك لا يزالون ( يعركون ) أعينهم وهم يسترقون النظرات المتفحصة لنوعية المرافقين والمرافقات … اقترب منظم الرحلة من صديقي نادر – وكان صلة الوصل بيننا – وهمس في أذنه وهو يرمقنا بنظرات...
· حزينتان إذن؟!... الأسود يخيم بجناحين على ملابسهما، تحلَّق الطيور من فوقهما، تتحدث كل منهما إلى الأخرى بكلمات كالشفرات .. بكلمات مقتضبة. تنظران من نافذة المترو فى ضجر .. وتختلسان النظر إلىّ .. يتدلى قرطى الأحمر على كتفى فترمق فصه النارى إحداهما. - تتأمل الأخرى حبات عقدى .. حبات...
البرد كان قارسا وموجعا. على الرصيف ظل قابعا طيلة ذاك اليوم. ملابس ممزقه تكسو جسده النحيل. ومن بين الثقوب في الثوب الداكن يطل لون بشرته القمحي الأفتح نسبيا. تتسلل من خلالها أنياب البرد الثلجيه تتغلغل حتى عظامه ظل يفرك ركبتيه راعه منظر جلد فخذيه مطلا بين الفتحات في بنطاله الممزق كأنها بشرة طائر...
اجعلني كخاتم على قلبك كخاتم على ساعدك، لأن المحبة قوية كالموت الغيرة قاسية كالهاوية، لهيبها لهيب نار لظى الرب (الإصحاح الثامن : نشيد الإنشاد) لما استيقظت من نومها مبكرا جالت بعينيها في أرجاء الغرفة، الرؤية مازالت مضببة .. فركتهما بضعف .. تبحث عن وجوده ..مازال الفراش دافئا والمكان تلفه الرائحة...
لضحكتها لون الشفق ، ولعينيها رائحة الغروب . عندما يلتقى هذا الأفق بالبحر عند آخر نقطة للمدى ، كنتُ هناك ، حيث الأسماك التى تتهيأ للمبيت ، والطحالب التى تتثاءب ، والموج الأزرق يحط رحاله على الشاطئ البعيد .. لماذا عندما أقابلها يتهيأ الوجود للمغيب ، ولماذا يحملنى الموج إلى الشاطئ البعيد ؟! كانت ها...
أحد المساءات الربيعية .. في تلك اللحظة التي يكون فيها قرص الشمس في متناول كفَّيك ..! اللحظة التي تتوهَّج فيها التنانير .. وتنعقد حُزَم الدخان فوق الوادي .. كانت القِطَّة تتمدَّد في تجويفٍ تحت الصخرة .. غائبة عن الوعي .. بلغ الألم مُنتهاه .. حتى تلاشى الإحساس بالألم ..! أفاقت .. استدارت .. غمرها...
رحلت الغابات بعيدًا عن النمر السجين في قفص، ولكنه لم يستطع نسيانها، وحدق غاضبًا إلى رجال يتحلقون حول قفصه وأعينهم تتأمله بفضول ودونما خوف. وكان أحدهم يتكلم بصوت هادئ ذي نبرة آمرة: (إذا أردتم حقّا أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألاّ تنسوا في أي لحظة أن معدة خصمكم هدفكم الأول، وسترون أنها...
ما بوسعِ المعلّم " عدنان" أن يفعلَ، إذا كان بيته يبعد كثيراً عن المدرسة التي يعلّمُ فيها ؟!.. وعليه أن يستقلَّ حافلتينِ للنقلِ الدّاخلي ! .. ثمَّ يتابع طريقه سيراً على الأقدام مدَّة دقائق ! . وماذا يفعل إذا عَلِمنا بأنّ الحافلة الأولى ، التي سينحشر بداخلها ، لا تأتي قبل السّادسة والنّصف ؟! ،...
أعلى