قصة قصيرة

تناهى إلى مسامعه وقع خطواتها البطيئة المترددة، فالتفت إلى الخلف بحركة هادئة، ووقع بصره عليها بجسدها الضئيل وعينيها البريئتين المتواريتين خلف سحابة حمراء وشلال من المطر الدافئ. ارتسمت على شفتيه ابتسامة حانية وهو يقول: "هل من خطب؟" ارتجفت شفتاها وهي تقول بألم: "لم أنت أيضًا؟" رد بنفس النبرة...
خمس ساعات بشوارع وسط البلد ثمة فرصة لاقتناص الحكايات، فلم أملك واحدة بعد .. حسنا، أملك بعض الحكايات، لكن إحداهن لم تكن يومًا حافلة بما يكفى من الإثارة، كي تسترعى انتباه أحفادى بعد خمسين عامًا من الآن، حينما أجلس كجدة عجوز تسرد الحكايات على مسامع الصغار، فى غياب آبائهم، تاركة لهم بعد موتى إرثا...
-1- يومٌ ساخن، فأرجو ألا تشتكي ضيفتي العزيزة من شدة حرارته، بل لعلّها ستحب الشمس مثل أغلب أهل البلاد المحرومة من الشمس. تُرى هل ستنزل من غرفتها وفي يدها مظلة؟ وكيف سيكون شكل مظلتها تلك؟ أنتظرها، حسب الموعد المحدد بيننا، في بهو الفندق الأنيق، متوتراً مثل عاشقٍ صغير في موعده الأول، رغم شهور من...
تقول الأسطورة إن "ميكانوتا" هو الأب الروحي لبلاد أجابودو وإن تمثاله الضخم في وسط العاصمة، والذي يمثل شخصا إفريقيا ضخمًا طويلًا ينظر للأمام وخلف كتفيه جناحان ضخمان ليس مجرد تمثال لتخليد زعيم ’ فقط بل إن ميكانوتا يحلق بجناحيه في الليالي الصعبة وفي الظرف الطارئة ووقت الأزمات ليطمئن بنفسه على وحدة...
أريكة متهالكة عفا عليها الزمن ، تداعت أركانها ولم تفلح بقايا مسامير صدئة تناثرت هنا وهناك من إصلاح ماأفسده الدهر ، لم تعد تقوى على حمل أصحابها وكأنها في النزع الأخير ، تصارع من أجل البقاء . تتوسط الغرفة طاولة خشبية يعلوها الغبار ويحيط بها ثلاثة كراسي بالكاد تتماسك، تصدر صريرا عميقا يشبه...
أعلنت وزارة الترببة مسابقة لتعيين مدرسين للّغة العربية ، فسارع " تحسين " وقدّم أوراقه .. لقد مضى على تخرّجه سنتان وهو دون عمل . كان عليه أن يخضع لفحص المقابلة في العاصمة ، وحينما عاد كان متفائلاً ، لأنّ اللجنة الفاحصة سرّت من أجوبته ، ومما ضاعف من سروره ، إعجابها بقصيدته التي ألقاها على...
وهي تقرا احد كتب الكاتب الأمريكي المخضرم وليام فولكنر "حين احتضر" خطر ببالها كتاب كانت قد بدأت في قراءته ولم تكمله لأنها أعارته لإحدى زميلتها في الجامعة, وهو كتاب "البحث عن الزمن الضائع" للكاتب الفرنسي مرسيل بروست, فقررت أن تذهب لتشتريه وتكمله بمجرد ما تنتهي من رواية "حين احتضر". في اليوم...
ذكريات مليئة بالشجن مع الحمام مازالت تخالط ذهني كلما لفح وجهي هواء ما بعد الاستحمام. كانت الأيام شبيهة بزوارق ورقية تتناوب على بركة صغيرة في غابة، هذا ما تخيلته عن الزمن في طفولتي. لم أكن كسولا لكني لم أحب المدرسة يوما، ولا أغلب المعلمين، ولم أحب يوما العمل والواجب والانضباط والامنتحانات والحفظ...
المدينة أمن المعقول أن أكون قد تراجعت ؟! ، منذ سنوات وأنا أتأنّى وأدرس هذه القصة بنت الخمس سنوات . منذ ذلك الحين ، كنت في نظر الكثيرين أفضل قاص في البلد ، وكان الجميع يتوقّع لي مستقبلاً عظيماً ، وكان يرحّب بي أينما حللت ، ويتهافت عليّ المهتمّون بالأدب. ويوم منحت الجائزة الأولى في مسابقة القصة ،...
جلست القرفصاء, وقد وضعت أمامها كوما من الكارطون والأعواد اليابسة .. سرعان ما صبت عليها قليلا من كحول الحريق ثم أشعلت النار..وتعالت ألسنة اللهب أمامها, مدت يديها المعروقتين تتدفأ من صقيع البرد الذي كان يخيم على المدينة المستسلمة لجيوش الظلام، القادمة في أثر الليل . كانت الأيام الأولى لفصل الشتاء...
ميااااو‮!!‬ طااق‮ (‬صوت‮ ‬غلق الباب‮)‬ لقد طردني هذا الأحمق‮ ! ‬لقد قام بتسريبي وأغلق الباب في وجهي‮ !!‬ وكل هذا بسبب زوجته الحمقاء التي تخاف القطط‮ !!‬ ويقولون القطط‮ ‬غدارة‮ !!‬ أنتم الغدارون معشر البشر‮ !‬ بهذه السهولة تركني عرضة لقطط الشوارع المتوحشة المسعورة التي تأكل من القمامة‮ !!‬ أنا‮...
النجمة العالمية داليدا وضعت هذه الرسالة في بريد قلبي وهي تريد أن تنتصر لخيباتها الكثيرة داليدا صديقتي بالفيس بوك، أحدهم سألني بوقاحة، هل الموتى عندهم هذه التكنولوجيا لتتواصل معهم؟؟ إن النجمة المقتولة ما هي الآن إلا رميم قالت في آخر مكالمة لي معها، انهم انفصاميون يكرهونني، دعك منهم وتذكر...
- وها هو قد رحل، فماذا أنتِ فاعلة بحياتك؟ - لا شيء يا أمي، فقط اكرميني بسكوتك. - بيعيه مثلما باعك. - إنه ليس سلعة يا أمي. - أنتِ السلعة من وجهة نظره، وقد أصبحتِ من الماضي. ** الماضي يعذبني، وأمي التي شبعت موتاً ماتزال تصرخ بي: - ستعيشين وحيدة ومعزولة. لم أنتبه الى العمر الذي راح يركض بعيداً،...
"كم مرة رأيت الأفق دون الانتباه إلى جماله؟ كم مرة نظرت إلى السماء دون الانتباه إلى عمقها؟ كم مرة سمعت الأصوات من حولي دون أن أدرك أنها جزء من حياتي؟" - باولو كويلو بعد الظهيرة، وبالجهة الخلفية من البيت، تجلس السيدة غالية كما العادة، على كرسي خشبي، تحت المظلة التي تتوسط جنينتها...
جلست والدتي على الأريكة وهي في حالة صدمة وذهول ، غير مصدقة أنني سوف أهاجر، لقد أزفت ساعة الرحيل ، هي تعرف أن كل من يهاجر لن يعود ويصبح في طي النسيان ، مجرد ذكرى وصور تعلق على الحائط أو داخل ألبوم صور ثم ماتلبث أن تذوي رويداً رويداً وتنوب عنها المكالمات والرسائل ، ألم يمزق أحشاءها ومشاعر يتم بدأت...
أعلى