الثامنة صباحاً ومازال إياد مرابطاً أمام هذا المكتب بمصنع السلماني للغزل والنسيج، هذه هي المرة الثانية التي يجلس فيها في هذا الموضع الذي جلس فيه قبل عام من الآن، عام تغيَّرت فيه أشياء كثيرة في حياته ولم يتغيَّر فيه شيء يذكر في هذا المكتب، مازالت الطاولة المستطيلة تربض في ذات موضعها في وسطه،...
سفر: قبور الأحياء
انحشرنا في الميكروباص كنت معتادًا على هذه الركوبة شبه المهينة أثناء الدراسة وقبل التحاقي بوظيفتي المرموقة ، ربما وأن تجلس تجد سيدة بجوارك تحمل غلقًا من الخوص أو مشنة فجل فتقول لك خليه على حجرك يا بني لغاية ما أطلع الفلوس وتدس يدها في صدرها لتخرج سرة بها لفافات متعددة كل فئة...
الرحلة
يجتمع أهل تاجوت ككل عشية إربعاء في المقام ليَتلقوا تعاليم بيبو. يتمتعون بجمال الطبيعة والسير بين الأشجار للوصول إلى المقام الذي يعتلي الهضبة فيُخيَّل لهم وهم في الطريق إليه أنهم صاعدون إلى السماء. كما يتمتعون عند الوصول بحسن الضيافة حيث تقدم لهم ساليزوجة بيبو أطيب وألذّ الطعام. تُعينُها...
سفر: العاشقين
رأيت في القطار الفاخر أيضًا فتاة تتحدث في المحمول بينما عيناها تلمع وابتسامة على شفتيها، أدرك أنها تكلم حبيب القلب، لم تتوقف منذ أن انطلق القطار حتى اقتربنا من محطة الوصول (قاهرة المعز)، هل كل ذلك حديث الحب، من أين يأتون بالكلام، من أين يأتي الحب أصلاً؟.. الحب الآن يحتاج إلى كثير...
السقوط
انتصف الليل أو كاد وظلامه يجثم على صدر القطاع فيستسلم له بخضوع، ولا شيء يتحرك أو يصدر صوتاً باستثناء كلاب تتغزل على طريقتها الخاصة، وقطتان تتشاجران على قطعة لحم مجهولة المصدر، وحمار ينهق وقد أبصر سرباً من الجنون يمرُّ على مقربة منه، وديك انتفض مذعوراً وقد حسب أنَّ الفجر قد...
سفر: المجاعة
لا مفر.. عُدتُ إلى القطار الفاخر بمشاعري، بحسي وأحاسيسي، رغم أني لم أبرحه بجسدي. كيف أبرحه وهو لا يتوقف، إنه قطار سريع لا يعرف إلا محطة البداية ومحطة النهاية؟ ربما يرفض أهل الوسط يقول لهم وهو يمر عليهم مسرعًا أنتم لستم من وسطي، أنتم دوني.. لا أدري هل كان ذلك شططًا مني... وفي القطار...
سفر: الحيرة
يثور في ذهني سؤال كتمته في نفسي ، هل كنت أمسك العصا من النصف؟! .. حتى هذه اللحظة ، الحيرة تتملكني.. أتعاطف مع مبارك.. رغم يقيني بفساد عصره.. أحزن لإهانته رغم أني شاهد على الظلم والتزوير.. هل هي فعلاً ثورة أم هي أكذوبة.. أقسم بالله إنني رغم ما يتصوره البعض من علمي وحصافتي وفهمي...
الحلقة الخامسة
سفر: أنين الحجر
لم أكن أدرك أن الإنسان أسير الصراع بين الزمان والمكان وأنه كثيرًا ما يكون ضحية لهذا الصراع، أما إذا كان الزمان والمكان معًا صعدا بالإنسان إلى القمة، أما إذا نجح الإنسان في تطويعهما فإنه يكون سيد عصره. الحقيقة إني أشعر أني مقصي عن المكان منفي من الزمان، طوال عمري...
سفر: الثورات
الأوضاع غير مستغربة.. كنت أشعر بالغربة تتعمق فيّ، وكنت أرى الشخص الذي يظهر لمخيلتي من حين لآخر يجمع كل هذه الوجوه القبيحة التي حولي وكنت أيضًا غير مدرك هل هو واقع أم وهم، جسد أم خيال، يظهر لي كضباب قاتم، وأنا أتبين ملامحه، أحاول أن أقبض عليه بيدي فلا أجد سوى سراب.. عاودتني فكرة...
سفر: الفاسدين
في القطار الفاخر ورحلتى نحو القاهرة لاحضر مولد الترابى أشعر بأنفاسه معي وأنه ذاهب خلفي كعادته، يتتبعني، إلى أيّ مكان، لا أدري ماذا يريد مني، أنا لا أريد شيئًا من أحد، فقط أريد أن يتركني، الحقيقة أنني مللت، منذ شهور قررت أن أذهب إلى طبيب نفسي لكني خشيت من أدويتهم، خشيت أن يقول لي...
الوحيد الذي كنت أشعر أنه ينتمي لمسجد القرية عمي محمود رغم أن له لحية لكنها لا تخيفني بل أرى منها نورًا تمامًا كالذي يشع من عينيه وحديثه المملوء برفق وحنان يكفي لتطييب خواطر الدنيا كلها، عمي محمود محطة من محطات الصمود، عمي محمود بائع الفول الذي استوطن أمام شركة الغاز بجوار المسجد يحضر صلاة الفجر...
يقولون «قطار الحياة»، لكن الحقيقة التي أدركتها أن القطار نفسه حياة، أيًّا كان القطار سواء أكان قطار الدرجة الأولى الفاخرة أو قطار الفقراء قطار الدرجة الثالثة الذي هو في حقيقته قطار ما دون الدرجة العشرين
القطار حياة كاملة بتفاصيلها الدقيقة وعناوينها العريضة، وتقاطعاتها الحادة، وتناقضاتها الغريبة،...
قبْل السَّفر بأيّام أثقل في بُطْئها من أضغاث الأحلام، قرّر مْسَلّكْ لِيّام، أنْ يحْتفلَ بسفره وحيدا، أنْ يدْفن دون أن تُشاركه يدٌ في قبْضة الفأس، ما قد يقْترفُه من فضائح في مقْبرة اللَّيل السّحيقة، فهو يُؤمن حدَّ الكفر بكلِّ الأصْنام، أنَّ حتّى أقرب الأسْتار في كواليس المُجتمع، لا تُؤْتمَن...
سفر: حيلة السلطان
قطار الدرجة الثانية العادية، بل في الحقيقة ممّا دون دونها حتى الدرجة العشرين إن وُجدت، كان ينطلق فيه الباعة الجائلون من كل لون وطائفة، كما أنّ القطار كان ممتلئًا عن آخره أكوامًا من اللحم ملتصقة، أكثر من ذلك كان هناك الراكبون في أعلى حيث أرفف الحقائب.. بعضهم مجند عائد من بعيد...