سرد

ج(7) أغلق شاهين باب المربط، وغادر *شبه* متسلّل تاركا وراءه بقية الغلمان نياما، سار بخفّة نحو دار سيّده المرحوم أحمد، فقد كان يحبّه ويراه بمثابة والده الذي لم يعرفه يوما، ويجد في حنو السيّدة زينب عوضا عن أمّه التي بالكاد يتذكّر ملامحها. وجدها بانتظاره فحيّاها تحية اِبن لأمّه، أشفق لتدهور...
عندما مات (الأغا)، وجد جدّي (سامي) نفسه، فقيراً وبلا صنعة تستره، وتمكّنه من العيش، فصار دائم الحزن، وعابس الوجه، لا يقدر أن يشكو أمره لأحد. لم يكن (جدّي) متزوّجاً بعد، ولا دار ملك عنده، وليس بيده صنعة، وأخوته الكثر، عندهم ما يشغلهم عنه، ومنهم من كان متزوّجاً، ومنهم من كان مثله عاذباً، يبحث...
ج(6) كان صباحا أبيض الملمح، أبكر الشيخ خليفة بالاستيقاظ، وأزاح الثلوج التي تراكمت حول باب مدخل داره، تفقّد الزريبة ومربط الخيل، وأوصى غلمانه بعلف المواشي، فلا مجال ليسرحوا بها والثلوج تعاند وتتساقط بكثافة فتشكّل هضابا بيضاء لمّاعة ترصّعها طبقة الصقيع التي ترافق صباحاتهم الباردة. رأى خليفة...
ج (5) حلّ اللّيل الدّامس، وقطعت الثلوج المتساقطة الممرّ المؤدّي إلى بيت الحكّاءة "عنق حمام" ولم يعد بإمكان الشيخ خليفة التنقّل، إلاّ لتفقّد المواشي في الزريبة والخيل التي يبيت غلمانه قريبا منها لتفقّدها، وتلبية طلباته. ألحّت عليه لهفته لاستكمال الحكاية، فأرسل غلامه في طلبها... حمل الغلام مشعلا...
أنا لم أعرف جدّي، والد أبي، فقد مات قبل أن تنجبني أمّي، بحدود السّنتين، ولكنّني عرفت عنه الكثير، من مصادر، ورواة عديدين، وخاصة عن مدى قسوته، وبطشه، وظلمه لأبي، وإلى بقيّة أسرته.. بداية من جدّتي، صاحبة الكرامة، التي تعتزّ وتفتخر بها، إلى ابنها عمّي (سعيد)، ولدها البكر، الذي خلّفته من زوجها...
(4) دقّت "عنق حمام" باب غرفته، ودخلت وبيدها طبق سعف به تمر "القرباعي"، تبسّم الشيخ خليفة لمّا رآها مقبلة، مدّ يده لطبق التمر، وأخذ يأكل منه ثم قال بنبرة ملهوفة: ـــ وماذا عن الشيخ أحمد وأولاده؟ اعتدلت في جلستها أمام كانون الجمر، ثمّ قالت: تزوّد الشيخ أحمد، وشدّ الرحال ـــ حيث لا...
استقدم الشيخ أحمد جميع غلمانه، وسألهم عن موضوع هجرة أبنائه لكنّهم أنكروا علمهم للموضوع، ولمّا رأته الخادمة شامة محتارا مشوّشا تقدّمت منه وقالت بنبرة وجلة: ــــ سيّدي أحمد لدي ما أقوله حول هجرة الأولاد. انفرجت عيناه، وتجهّم وجهه وقال بصوت هو أقرب للصراخ والتأنيب: ــــ ويحك. ألك...
ج2 انقضت أشهر الحمل وجاءها المخاض، اجتمعت النسوة ـــ من المقربات في القرية ـــ في سقيفة الدار يترقّبن وكنّ قد سمعن خبر هجرة أولادها إذا ما كان المولود ذكرا. كانت إلى جوارها في مخدعها خادمتها الخالة "شامة" والقابلة العجوز " كنانة"،توجّعت السيّدة "زينب" واستطاعت بفضل قوّة جسدها أن تتجاوز...
1- حبحب رمّان ج1 نوبة شتاء قاسية، حلّ اللّيل وعاند الثلج المندوف واستمرّ يتساقط، وما فتىء إلاّ أن عاند الربيع بدوره وأرسل بطيف من أطيافه، فتسلّل وبان في حزّة البرد فكان ثلجا وبقايا ربيع تجلّى في الحكّاءة الهلايلية "عنق حمام"...
التفت أسرة رابين حول مائدة العشاء، وبريق السعادة يتألق في عيني رابين وزوجته كيفيرا حاييم، وهو يقول: - نسور الجو نفذوا اليوم أكثر من مائتي طلعة. أتمنى أن يأتي يوم نتخلص فيه من هؤلاء الأغيار. فترد زوجته في ملل: - لا أظن أن ذلك اليوم سيأتي.. ستكمل ذخائركم قبل أن تقضوا عليهم. يومئ رابين برأسه...
(الخطبة الاولى لحي سليطة حذار :اصغوا اليّ جيدا انا حي سليطة الاقرب لمركز اللواء وانا المتارجح بين المدينة والريف والمحتفظ ببقايا الثورات والشاهد على خرائط التعذيب والامال الكاذبة وزرق ابر التخدير...طلابي في المتوسطة تتفوق علما على الشهادات الجامعية القادمة انا لا اصدق ان يسيل دم على ترابي لاجل...
لقد أقبل الشتاء إلينا باكرًا، وكان الجو باردًا، حتى إن النَفَسَ التي خرجت من أفواهنا، كانت مجرد مليمترات قبل أن تتجمد. مشينا في مساحة بيضاء ناصعة، وغطى الثلج أجسادنا، حتى لم يعد من الممكن تمييزنا، بَدَونا كأشباح تتحرك في وحشة الأرض وصمتها. قوة مسلحة تخترق طرقًا صخرية، لا حياة فيها، عالَمًا...
أقبل الليل ملتحفاً عباءته السوداء، طامساً لوحة القطاع بفرشاته السوداء، يتخلَّله وميض القنابل التي تنهمر على دفعات متقاربة، فيتداخل دوي القنابل بسارينات سيارات الإسعاف وأصوات انهيارات المنازل. ثمَّة بيت في أطراف القطاع ينبعث منه بصيص ضوء، بالداخل امرأة في العقد الثاني من عمرها ذات وجه طفولي وجسد...
شرع الجنود في التفتيش العاري للأسرى، هذه أول مرة يتعرض فيها لتفتيش كهذا، وهاهو الجندي ديفيد يعبث به، ويطلق قفشاته الماجنة، والتي يصف فيها جسده النحيل، هذا الجندي قد تجاوز حدود الوقاحة وهو الآن على مشارف حدود المجون والخلاعة، إذ يصف أعضاء حساسة لنبيل الدباغ حتى نبيل نفسه لم يلاحظ ذلك فيها، وكان...
- 1- ( معسكر اللاجئين ذو العين المغقوءة!) قال عاشق شديد الوله للاجئة كثيفة الحزن : -كم احب معسكرات اللجوء لاجل عينيك.! ومضي عام بعد اخر فاشتعلت الحرب في كل مكان وكانت حدقتا الفتاة تتسعان كلما اتسع معسكر اللاجئين وكلما اذداد الشقاء والألم وهكذا صارت عيناها اكثر جمالا وروعة، بينما صار العاشق...
أعلى