سرد

لم يتوانى أبدا عن قضم أظافره أو لِنَقُل بقايا شحفورات لحمية... لقد قُلعت في تلك الأقبية المُغلُقة والزنازين المظلمة.. لم يتسنى له معرفة سبب غزو حياته التي كان يعيش شأنه شأن بقية الخلق لا يهش ولا ينش.. حول عالم السياسة المحاط بأسلاك شائكة فطالما طن وأز الذباب حول رأسه بتغيير نمط فِكر يهمش نفسه او...
الفصل الثامن - تردّد وضَياع.. قلنا إنَّ جرس الباب كان يُقرَع ..ومنظرها راعه لمّا انفتح مصراعه.. رآها خائفة تتلفّت خلفَها كأنها مُطارَدَةٌ من جهةٍ ما ..بعيدةً عن الباب وقريبة .. متردّدة في الولوج كأنَّ عتباته خطٌّ أحمر ..لذا خطَتْ خطوةً إلى الأمام وأخرى إلى الخلف . -ادخلي بقدمكِ...
أحكم قبضة يده على عنقه حتى جحظت عيناه . أزاح كفه مدة، ثم عاود الضغط . دمعت عيناه وصار وجهه قانيا . ارخى القبضة من جديد . وضع رأسه على المنضدة و سكن مبحرا بين لجات دواخله الدفينة . في استرجاعه للمنعطفات الكثيرة داخل رحلة عمره ، يجد أنه كان دوما يركب تحديات خاسرة انتهت به الى الانحصار في زوايا...
الفصل السابع - مقاربة واقتراب.. كان موعداً مُتّفَقاً عليه في شقته .. وهيَ من طلب ذلك .. وهي تعرف موقِعَها لكنّها ما دخَلَتْها يوماً ..بالرّغم من أنّه كم حاول أن يُجرْجرَها إليها بسبَب وبلا سبب .. لكنَّها اليوم هي من طلبَتْ ذلك .. وبإصرار إصرارُها الغريب جعلَه مترقّباً لأمرٍ ما جلل ...
أواخر النهار. السماء ثوب صفيق من الصوف الداكنة. النسيم البارد يصفّر مخترقاً أوراق الشجر. السماء تزمجر بهزيم رعد كأصوات البراميل المتدحرجة إلى أسفل تل. الغيوم الداكنة تنشق فجأة عن فرقعة برق أرهب الأبصار. إنه الرعد. ازدادت الغيمة قتامة، تنذر وتتوعد، لتبدأ الرياح الشديدة عصفها دافعة بعنف أغصان...
فقيرة، معدمة من أي مؤهل من تعليم، حرفة أو دِرْبَة تمكنها من كسب العيش. وجدت نفسها بلا مأوي عندما أغلق قرار محافظ المدينة الزقاق الذي وُلِدَت فيه. إعتبر القرار الصادر عن محافظ المدينة إتجار البنات بأجسادهن جريمة يعاقب عليها القانون بالجلد، الغرامة و السجن.نسي القرار فيما يبدو أن حواء ليس عندها...
تساوت الأيام والليالي، والشهور والسنوات في نظرك يا عاصي، لم يبق للحياة لون ولا طعم ولا رائحة، أضعت نفسك وحياتك وحياة من تحب. ما زلت اذكر حينما كنت ادرس بالثانوية العامة اواصل الليل مع النهار للحصول على نسبة عالية تؤهلني لدخول الجامعة، كنت مثالاً للاجتهاد والاستقامة. وفي ليلة من الليالي شعرت...
تمر برأسه ذكرى وفاة أمه، ولحظات الاحتضار المرة، يغمض عينيه، تصطك أسنانه، يغطي وجهه بيديه، يسند رأسه على الحائط، في البدء كانا حبيبين، وفي أول منعطف حرج في طريق الحياة، ألقت معطفها على رجليه، ومضت دون أن تتحدث، وفي المساء نظر إلى المرآة، وحدها تطفو على سطح المرآة، تخرج إليه، ارتعد، حاول الفرار من...
كدأبه منذ بدء الخليقة ، لملم الليل أطرافه المبعثرة بخطىً حثيثة وانصرف . طاردته طلائع النهار بشغفها المعهود حتى غيّبه الأفق . كعادته ، إستفاق " محمدو" على طنين ذبابة لئيمة وهي تغزو حدقات عينيه بعنادٍ حميس . أزاحها عن وجهه بكف يده اليمني ، فبقيت تحوم في حماه .. تتربصه كما يتربص الصياد احدى فرائسه...
الفصل السادس - جدران زجاجية.. في غرفتها صارتِ السّاعة الرملية صديقتَها وجليستها ونديمتها وكليمتها .. فلا تملّ مراقبة حبيباتها المُنسابة .. وصار تقليبُها ديدَنها وصمْتُ الليل وانتفاءُ الضّجيج يجعل لكلّ شيء أصواتاً مسموعة .. ولا يسمع الإنسان خفقانَ قلبه عادةً .. لكنّ الخائفَ قد يسمعه...
لم يظن أن تثار كل تلك الغوغاء في رأسه الصغير المحايد. ولا هذا الوجيب الطاريء، الذي غزى قلبه واهتز له صدره ..فمنذ أيام كان يستلقي على فراشه مطمئنا ،يحرك جسده برخاوة تامة ، يخرج إلى حديقته الصغيرة ، يرش الماء على شجيراته.،ثم يغسل قدميه، ويعود ليلقي جسده في اي مكان..ليس هناك ثمة شيء يسترعي انتباهه...
في كل مرّة أزورها، أجد ملامح الخيانة بادية على وجهها، أُهمِلها، أبتعد عنها، لكن كيف أعود، في أي ظرف أعود، لماذا أعود….حتّى الآن، لم أستطع سبر هذه العلاقة المزعجة بيني وبينها ولا كُنْه الاشتياق إليها. لزيارتي طقوس لا أستغني عنها، لها صلة في توطيد أواصر الودّ أو عكسه: أصفّف شعري، أضيف بعض المساحيق...
تجاوزت الأمن والسكرتارية في هدوء وإصرار، قوة جسدها النحيل أزالت كل العقبات أمامها، ظهرت على باب مكتبه كطيف يُغشي الضوءُ ملامحه. تجمد في كرسيه كأنه يحاول تذكرها، لم ينسها، لكن حضورها إليه لم يخطر بباله ولو كحلم، اعتقد لثوانٍ أنها ليست حقيقية. اعتلت وجهه ابتسامة متلونة، فرحة، انتصار، شوق ولهفة،...
كانت الشمس تنحدر على جدار الأفق الغربي بسرعة لتعلن انتهاء يوماً شتوي قصير النهار.. في نفس اللحظة مال فيها قطار الدلتا بشدة وكأنه على وشك الانقلاب بسبب منحنى شديد.. تهاوى الرجل الخمسيني النحيف فارع الطول وتبعثر ماتحمله سلته من قراطيس اللب والفول وأصابع العسلية.. هرع إليه الركاب وعلى وجوههم حالة...
للعصافير الآتية مع ندى الفجر، كان ينثر حبَّات الأرز بقبضة يده الكهلة أمام الدكَّان، ينثرها في المساء، فكنت أشم لها رائحة اليوم الساري في طين الليل المتراكم في الزقاق، المؤدي إلى البيوت الجاثمة على ضيق نهايته، تحولُ دون تمدده، وتجبره على الانكماش، وما بين مقعد الإسكافي ودكان الترزي البلدي، كان...
أعلى