سرد

هذه المدينة المتعجرفة، تمضي في تسارع لا يهدأ، ما زالت تتسع وتكبر فتشيخ، وتتكدس في أمعائها أكداس من البشر والحديد والحجارة وأكوام ضخمة من الأشياء المستهلكة. في المساء تدب في أحشائها حيوات مختلفة ومتنوعة، تتوهج في جسدها المنهك، ألف ليلة وليلة، تتنازع الحدث في نفس اللحظة، وعلى هوامشها تشتعل ألف...
"سأطفو فوق بحر اليأس.. رغم تكسر المجاديف.. وضياع ذاك الشيء الذي يشبه البالون والذي كنت أتشبث به خوف الغرق.. أنظر إلى مفاصل أصابعي لا زالت تمتلئ روحاً وحركة لتملئ الكون كلمات بألوان قزح.. عضلات الأرجل لم يصيبها العطب بعد.. ستتحرك في بلاد الله الواسعة.. ستعبر المحيطات والقارات بحثاً عن الجديد...
كان يذرع الممر جيئة وذهاباً كالمجنون، وقد أرجع شماغه للخلف قليلا ، وعينه ترقب الباب الموجود في نهاية الممر. لطالما حلم بلحظة كهذه. إنه ينتظرها منذ عشر سنوات، حتى خيل إليه أنها لن تأتي أبدا. تعب من المشي والوقوف، فقرر الجلوس ليلتقط أنفاسه ويرتاح. أخرج قنينة ماء بارد من الكيس الموضوع بجانبه،...
حجارة ألقيتها بالتتابع .. ثم ألقيت بعدها حجر يتيم .. استقرت جميعها بأعمق درك من هذه البركة . البركة التي يلهو على سطحها البط البري بوسط الحديقة العامة هنا في "ايبسويتش" . أبي أوصاني بأن أفعل ذلك حين أبلغ العاشرة . ألححت عليه بالأسئلة حين كنت في الخامسة : متي أصبح رجلاً بشارب و لحية مثلك ؟ قالها...
" اذا سالنى احد لماذا او كيف كتبتها ؟ سأجيبه دون تردد :لا أدرى . الحقيقة القاطعة لا أدرى، لكننى على يقين سنكون آلهة عندما يصير نثرنا شعراً " الجزء الأول اساطير النشأة 1- سحيق الأساطير غابت شمسُ ذلك اليوم العنيد بانسيابٍ...
عندما فرغت من قراءة معظم التراث القصصى الشعبى منذ بدايته وحتى الآن ، ربما أكون قد تركت نصا مفتوحا هنا أو هناك لم أكمل قراءته ، ليس هذا تقصيرا منى ، ولكنه ربما لم يكن فى متناول يدى ، أنهيت حياتى ودفنتها عنوة بين الأوراق البيضاء والصفراء ، وحشرات الكتب ، ولكننى لم أندم يوما على ترك ساقى للريح كلما...
لأنه أسدل ستارة سميكة من القطيفة الداكنة على اللوحة التى تم الأنتهاء منها منذ وقت قليل ، وأصبح صاحبها فى زمن ماضى ، لحظتها سكنت العواصف ، وتأمل اللوحة ، أقصد تأمل حياة الفنان المبدع بشكل أكثر حيادية . يبدو لى الآن أنه يوجد نوع من أنواع الجنون الرائع الذى بدأ يتبدد شيئا فشيئا مع مرور السنين ،...
الأبواب تغلق بتبريرات شنى.. تارة بلطف مع ابتسا مة تختفي الفظاعة تحت رقتها . و أخرى مصحوبة بزمجرة و دوي كقصف الرعد . يستدير. يهيم على أرصفة الأمنيات الجميلة المصادرة و الأحلام الطفولية البعيدة . يمد خطى مثقلة بالياس قافلا في اتجاه الشارع .حفرة عميقة لم يتبين وجودها الا حين صار داخلها. بدأ يتسلق...
الفصل الخامس - تريّث.. بالنسبة له .. يعود أدراجَه إلى بيته أو إلى ثلّة من صِحاب يجتمعون ليلعبون الورق .. ويكمل سهرته حتى ليشرف على النوم وتتهالك أجفانه .. يحسده صديقه المتزوّج لأنّ زواجَه قد تأخّر .. يناوله سيجارة أخرى بلا مبالاة ويشعلها له .. ويقول له : - تريّث يا أخي كما قال طبيبك...
أخيرا.... وصل ماسين حسب الموعد المحدد الذي تعودنا أن نلتقي فيه لملمت شجوني كلها في مصافحة يده الدافئة. دائما كنت أسبقه إلى الموعد دون أن أحس بأي إحراج. لم يكن يشعرني بأنني عليّ أن أخفي مشاعري نحوه أو أندم عليها أو أتصنع الدلال والمكر... كان أيضا يعبر عن مشاعره بصدق وطلاقة نفسية سليمة، كان لا...
B]عقرب الثواني على عجل يتسلق جدران عقارب الساعات، هكذا هو الوقت عندما تسلقوه من أمسكوا بي وأنا مستلقي على أريكتي البالية التي بالكاد تحملني، لم أشعر إلا وضجة، بلبة وصياح... جُرجِرت عنوة وبعنف أدخلوني الى حيث لا أدري غير أني سمعت صوتا يصيح... أمسِكوا به قبل أن يفر إنه هو.. هو المجنون الذي لا زالت...
كانوا يعطون كلا منا علبة سجائر أسبوعيا، تنتهي خلال يومين أو ثلاثة ونحن آنذاك في معسكر، ربما شغله حراس الحدود سابقا، في مكان منقطع عن كل شيء على الحدود البلغارية مع صربيا. يجهزوننا ببعض الطعام ومستلزمات النظافة، ولدينا من الوقت أكثر من اللازم، نحن القادمون من بلدان عربية وأفريقية شتى، لنقضي الوقت...
الفصل الرابع - استعطاف وانعطاف في مشوار المساء الذي صار اعتيادياً كنوعٍ من العلاج الفيزيائي لقلبه المُجهَد يسيران معاً على غير هدى وبغيرِ هدفٍ مُعلَن .. كأنّها ممرّضة طُلِبَ إليها تحريك المريض في حديقة المشفى بعد الجراحة ! ..وقد تساير الممرّضة مريضاً لا تعرف منه إلا اسمه ، لذا ينتفي...
بداخلي كلام أكبر من الكلام. هدير لا تمتصه المسافات ولا تستوقفه حدود. هفو لا يسعه وعاء و لا تختزله العبر و العبرات. كلام كروح متمردة في اول ثورة لها انتفضت ضد ذاتها و رفضت أن تنعت باسم أو تتخذ شكلا او تستظل تحت عنوان او إشارة. فتكاثفت لتتجمع في حجم ومضة نور بعد أن سحبت من الأشياء كل المعالم و...
ما اعتقد أحد قبل تلك اللحظة أن بركات "مولاي أحمد السيد" و من سار على نهجهم ستصبح في مهب الريح بتلك السرعة. و أن الناس سيكتشفون أن ما اعتقدوه مركزا للوجود، لم يكن سوى نقطة ضائعة منه. قبو كان يبدو أن فيه ابتدأ و فيه سينتهي كل شئ. ربوعه بدت لساكنيه أنها شهدت إشراقة و تسللات خيوط الشمس في أول طلعة...
أعلى