سرد

خرجت إلى الطريق وفي رأسي معركة، ومشيت ومشيت، ولكنني كنت أمشي داخل نفسي، وطالت الطريق. . ترامت أمامي وامتدت. . ترامت كما يترامى الزمن ويمتد، وصعدت فيها وهبطت. وحين تطلعت بعيني لأرى ما بقى، رأيت أنه على مسافات. ومشيت ومشيت. وكان يخيل إلي أحيانا أنني لا أمشي، بل أسبح. وصلت، وقدامي تتخاذلان...
كان (رأفت بك) يغادر المحطة واضعا يديه في جيوب معطفه الصوفي الثمين وقد رفع ياقته حتى تلتف حول عنقه، فقد كان الجو شديد البرودةوالريح سريعة الهبوب. . وكان بين آن يلتفت خلفه يستعجل الحمال الذي يحمل حقيبته بكلمات مقتضبة. وكان الحمال أو بعبارة أدق الصبي الذي يحمل الحقيبة في الثامنة من عمره؛ وكان يعدو...
إنَّ نافذة في جلدي قد أشرعت. ظلت تبرق أملاً، وتتزود بشيء من ذلك الحب النابع من كون البؤس في ظروف واحدة واحداً رغم تغير المكان. نافذتي شفافة كالزجاج سرعان ما تتهشم بحجارة يطلقها طفل ما لأنه قد رام التخلص من سقمه بقذفه حجارة، ولا يعلم مكانها أحد حتى أنا، قد تكون المجهول! ذلك المجهول الذي يطل على...
حَسَـا شابٌ جميل، والجمال الذي في وجههِ جمالُ أنثى، والجمال الذي في جسده جمال ذكر، يعشق السباحة في نبع الخدود لحدّ الهَوَس، تراه في الصباح يسبح على ظهره وفي المساء يسبح على بطنه، وفي الليل يتقلب في السباحة من على جنبه الأيمن إلى جنبه الأيسر، وأحياناً يغفو نائماً على سطح الماء وسط إطار من المطاط...
لا أجدُ صعوبةَ في التَّعاطفِ مع المرضى و لكنَّ الجلوسَ في غرف الانتظار في المستشفيات ليس من أحبِّ هواياتي. و لهذا فأنا لم أجد صعوبةً في تركِ والدتي وحدها لمدةِ يومين في غرفة الإنعاش. و على عكسي تماماً فإنَّ أمي تعشق المستشفيات و تزورها أكثر من زيارتها قبر والدتها. و لم تكن في الحقيقةِ ممتنةً...
أكان ذلك بسمة ساخرة من تلك البسمات التي ترتسم على شفتي القدر حين ينظر إلى أحلام الناس!؟ أم كان ذلك لفتة بارعة من تلك اللفتات التي يهديها الزمن إلى أولئك الذين يأملون تحقيق السعادة في أرض لم يكن نصيبها سوى الشقاء! لست أدري يا صديقي. . . وسواء أكان هذا أم ذاك. . . فإن ذلك لن يغير من حوادث تلك...
- انظري إلى ذلك الحمال يا سعاد. . . أنه يتعقبنا على دراجته شأنه كل يوم قالت رفيقتي إحسان هذا وهي تشير إلى الحمال الذي اعتاد أن يستقبل أفواجنا كلما غادرنا المدرسة. فقلت في عدم اكتراث دون أن أحول إليه أنظاري: ما لنا وله؟! فنظرت إلى زاوية عينيها وانفرجت شفتاها عن ابتسامة ماكرة. فجأة اشتد ضجيج جرس...
خمسة عشرة سنة مرت وهو بعيد عن وطنه؛ يعاني آلام الغربة، ويكافح أعياء الحياة، ويتلمس الطريق إلىمستقبل جميل. خمسة عشرة سنة لقي فيها أشد العناء، وقاسا ضروباً من الفاقة والعسر وثقلت على عاتقه تكاليف العيش. . . واليوم يرجع إلىوطنه بعد الكفاح المضني، والفراق الطويل، وقد أمحى من عينيه إئتلاق الشباب،...
يهرب الزمن، كأنه الذئب يمرح في الفلوات، أو كأنه نعامة تغمس رأسها في الرمال، لا خوفا من خطر محدق، بل رغبة في مواراة الحقائق إلى الأبد، إنه يفعل هذا ليقول« إنني لم أكن». رأيت الزمن هاربا هذا الصباح في إهاب رجل مغبر، تتغضن التجاعيد في وجهه، ويغطي بياض الثلج هامته، كأنه صلف. «- ما الذي تريده مني ؟»...
✒ تبكي وهي اثناء بكائها المرير تمرر احمر الشفاه على شفتيها بدقة ... تراقب جمالها عن كثب دون ان تتوقف عن البكاء... تمسح الزوائد اللونية فوق شفتيها دون ان تتوقف عن البكاء...تقيم مدى تجانس لون أحمر الشفاه مع لون شعرها والآي شادو ... ايضا دون ان تتوقف عن البكاء... تفكر في شاب وسيم لاحظته في الحفل...
أعتاد نزلاء جهنم من الأبالسة أن يسمعوا من نزلائها من الرجال أن سبب شقائهم وتعاستهم معصيتهم التي جلبت عليهم غضب الله، فسلكهم في سقر، يرجع إلى غلطة كبرى ارتكبوها في حياتهم الدنيا، وهي أنهم تزوجوا وأحسنوا الظن بالنساء. فاجتمع الأبالسة يوما بملكهم (بلتو) وتشاوروا في مصدر هذه الشكوى وهل الرجال...
أعمل مصلّحاً للأجهزة الكهربائية الدقيقة في مدينة أور ، تعلمت من زوربا حب الحياة ، وكنت كجيفارا متمرداً ، كنت معوزاً للفرح ، لابتسامات الناس ، للربيع يلامس قلبي ، للبياض ، لرؤية الألوان الفاتنة تطرز حياة الناس ، لأجواء السعادة تشرق على الناس مثلما أشرقت شمس تموز صباح اليوم الجمعة ، أشرقت فوق...
كان السائر في طرقات القرية يسترعي انتباهه ذلك الحديث الهامس بين الجالسين على المصاطب وبين السائرين في الطريق!! ذلك الحديث الذي يدور حول طاهر أفندي. وما كان من عادة أهل القرية أن يتحدثوا عنه بذلك الاهتمام لولا ما حدث اليوم في منزله؛ ففي الصباح الباكر حضر لديه طباخ من المدينة القريبة وما زال...
وأخيراً تحققت أُمنيتي بالسكنى في ضاحية (مصر الجديدة). كنت قد زرتها مرة وأُعجبت بأبنيتها المتشابهة الطراز والألوان، وسحرت بشوارعها النظيفة الهادئة. وتلك صفات لا تتوفر في (باب اللوق) الذي أقطن فيه. قصدت إلى (مكتب السماسرة) وعرضت على الموظف المختص شروطي. نقر الموظف على المنضدة متأملاً، ودس قلم...
(إلى صاحب القلب الكبير الذي كتب (من وراء الأبد). . . إلى صديقي الأستاذ أنور المعداوي أهدي هذه القصة). عزيزي. . . حين تصلك رسالتي أكون قد غادرت أرض الكنانة ميمماً شطر وطني. . . وبين جوانحي قلب مضطرب، ونفس مغممة بشتى الأحاسيس. . . قلب جريح تجرع كؤوس الأسى مترعة، ونفس عصفت بها رياح صارمة فخلفت...
أعلى