سرد

أسعدني كثيراً وزاد في كبر رأسي اعترافها بالرضوان معي .. وكأنه نوعٌ من العرفان بالجميل .. وأيُّ جميل أقدّمه لها .. كانت صديقة قديمة وتزوّجت لرجلٍ آخر منذ سنين .. وعادت مياهنا إلى مجاريها منذ سنة تقريباً .. إثر مطالبتها ببعض المال يفكُّ ضائقتها .. مع بعض الحب من خلف حدود الزوجية كأي عاشقة تمارس...
المواكب تمتد. الجماعات تتشابك. الطبول تدق. الغناء يعلو وأنا وحيد. . تتراقص في ذهنه أخيلة قاتمة، ورأيت أن أمضي إلى الجموع الحافلة أتصيد اللهو والمتعة. . . وفي مدى دقيقتين توسطت حقل السلوى. وسافرت بين جوانحي تنهدة طويلة. وسال في وجداني شعور بالرضى. . وسارت بي الخطا في زقاق غير بعيد، شاهدت كومة...
- تاكسي !! توقفت سيارة الأجرة بصرير عالٍ صدر عن إطاراتها و هي تحتك بقوة بالطريق الممهدة بالمواد الرملية الخشنة. أسرع نحوها ممسكاً بحقيبة يد صغيرة، ككنز ثمين. - على وين يا أستاذ ؟ تساءل سائق سيارة الأجرة و هو يتفحصه من خلف زجاج نظارته الداكن. -المغتربين يا أسطى. تهللت أسارير سائق سيارة الأجرة، و...
دخلَ متلصِصا تحملُه رؤوسُ أصـابعِ قدميه داخلَ المنزل ، جــال فيه متفحِصــا الأشياءَ الغارقةَ في الظلامِ والصمت ، وكــأنه طائرٌ خُلِقَ ليعيش في ظــلام الكهوف ، دفعَ احــدَ الأبوابِ ثم ولجَ داخلَ الغرفةِ التي ينـــام فيها زوجــان فـــوق سريرٍ حديدي عــالٍ عن الأرض ، طفــلٌ رضيعٌ ينامُ فــي مهده...
التقيت به في السوق العربي ، وجلسنا الى بائعة شاي ، كان قد تخلص من ادمانه على لبس البدلة ورابطة العنق ؛ أخبرته قبلها بأن هذا سيحدث ان عاجلا او آجلا ان استمر بتفكيره المثالي تجاه الحياة في السودان. أخبرته بأنه سيبيع بدله ورابطات عنقه واحدة تلو الأخرى ليعيش ؛ وأن العشرة جنيهات التي يمنحها للمتسولين...
(1) جلست في التراس الخارجي للفندق الجميل المطل على البحر في شرم الشيخ، أخذت تدخن سيجارتها الرفيعة في هدوء يخفي توترها، فات أوان التراجع، عليها أن تواجه تجربتها وتتعامل معها، وتستمتع بها كيف كانت، كانت ترتدي فستانًا إغريقيًا ساحرًا أبيض اللون له فتحة صدر بحرف (V) يظهر مفرق النهدين وبحمالات...
جاء بغداد يبحث عن المتعة لنفس حرمت المتع منذ عهد بعيد، جاء بغداد ينشد فيها حياة جديدة، حياة ممتعة، بعد أن مل الحياة على وتيرة واحدة، كأنها اسطوانة واحدة، تتكرر كلما أشرقت الشمس وغابت! وكانت ليلته تلك في الفندق، أول ليله له ينام فيها وحيدا، غريبا، فما سبق أن ألف حياة الوحدة والغربة. ودقت الساعة...
سارا معا يقصدان المقهى المعتاد لقضاء السهرة حيث يرتشفان أقداح الشاي الدافئة، ويتناقلان أحاديث الكادر المعادة، ويوزعان الوقت الممل الطويل بين تبادل النكات المرحة والتعليقات الساخرة، وبين لعبة النرد والشطرنج والبوكر!! وكان الصمت يسير بينهما وهو ينقل خطواته الثقيلة فوق الأرض وكأنه يطأ بقدميه...
تقاسيم العود الهادئة، ترافق القصيدة، وهو جالس هناك، يصوب نظراته إلى الشاعر الواقف خلف الميكروفون، يستمع إلى بيت أو بيتين، ثم يغمغم قائلا: – القصيدة تحتضر… لم يجد آذانا صاغية، وهذا ما يحدث في الغالب، فاسترسل في سرد العيوب واللاعيوب. الحسناء وراءه، تتبرم في صمت، ترتجف من انتقاداته القاسية، تتقدم...
لعلها المرة الأولى التي يستشعر فيها " الكبير " اضطراباً حقيقياً في " البيت " اللحمي شبه المطاطي " الذي يدنوه، حيث يتساكن عاملاه الأبديان " خصيتاه ". سأسميهما تالياً :" كائن اليمين وكائن اليسار من الآن فصاعداً لضرورة المعنى ". ماذا جرى، ليحدث كل هذا الارتباك الصادم في ذات " الكبير "؟ لم يكن في...
كان اسمه (محمود) ولكن الناس ينادونه (أبو شوارب)! ولعل الناس على حق؛ فهم لا يدعونه بمحمود لأنه في الحقيقة لم يكن محمود الصفات. وكانوا ينادونه (أبو شوارب) لأن خمسة عشر سنتمتراً من الشعر الأسود الكثيف كانت تغطي أعلى شفتيه! ولو أردت نموذجاً، صادق التعبير، لصورة مجرم خطر، لما ترددت في أن أقدم إليك...
كانت (صفية هانم) تنتقل نشوى بين المرآة وصوان الملابس وهي تستعرض الفساتين الحريرية الناعمة على جسدها العاجي البديع لتختار الفستان الذي يبرز مفاتن ذلك الجسد ويشي بأسراره إلى العيون. ثم تنتقل وهي تدندن بإحدى الأغنيات أمام معرض العطور والأدهان في ناحية أخرى من الحجرة لتستعيد لقسماتها الغضة جمال...
وضعنا جثته في القبر..رمينا التراب فوقها باكين، وعدنا.. زاروه..ألقوا على يمينه بدفتر سيئاته..دفتر حسناته كان على اليسار.. سنة واحدة بالتمام والكمال تبقاها هنا، ثم تعود إلى دنياك، قالوا له.. نظر إلى دفتر سيئاته..كان صغيرا جدا..دفتر حسناته كان ضخما.. قال لنفسه: سيئاتي سأمحوها في دنياي الجديدة..ماذا...
البنت تنظر حولها بفرح طفولي ، خيوط المخاط تنساح من أنفها ،ملامسة شاربيها ، تمسحها بين الحين والحين بظهر كفها ، تمسك بتلابيب أمها ، الأم متأففة تسير ، تلعن البشر والحيوان ،وتشتم الجدران والشوارع ، وكل ما ترى أمامها ،سرا وعلانية ،عيناها تشيان بحقد دفين ، وقلبها يفيض بِغل لا حدود له ، تمرق فجأة...
بعد ثلاثين عاما من الزواج.. نظر لزوجته واخذ يتأملها.. وجهها اصبح شبيها بوجهه.. مترهلا ومليئا بالتجاعيد.. رموشها سقطت واهملت حف شاربها ... وجسدها تحول لكتلة دهون..حركتها صارت بطيئة... صارت لحما متخثرا... قالت له: لماذا تنظر لي هكذا؟ من الصعب ان نشرح ما يدور في خلدنا حين نتأمل شخصا ما ، ومن الصعب...
أعلى