سرد

ها أنا في منتصف العمر في وسط الدنيا. من عمق الشكوى اطل وكأني احملها على كتفي، ومعها احمل جثتي وجدتي، ساعياً بين فجاجها، باحثاً عمن يبيع لي صمت لحظتين اثنين وليأخذ مني ما تبقى، ليأخذ مني كل شيء. تجيش اعماقنا، كل اعماقنا واعماق البحر هما وغما، فقد ذهب لب البحر من بعدك. ذهب حتى البحر ولاذ يسابق...
(1) كل من في الحي الصغير ،بقشلاق السجون في مدينة القضارف ، تلك الأيام، يتحدث فقط عن السكان الجدد،الذين استغلوا البيت الفارغ، المجاور لبيتنا مباشرة،بيننا باب جيران صغير فتحه الساكنون القدامى، أولاد المرحوم جمال عباس الشايقي. أسرة صغيرة، تتكون من زوج فقط، تعمل الزوجة جاويشا بالسجن،يقال أن الزوج...
نشر في الصحافة يوم 22 - 05 - 2012 وأنا عائد من الجامعة إلى منزلنا في ذلك الطريق الليلي المعتاد كان يحتم علي أن أدخل إلى شارع ضيق طويل كممر مظلم أعبر في نهايته من فوق (خور) كبير إلى ميدان واسع يطل عليه المنزل .. كنت كعادتي حين أمشي في ظلام وصمت ذلك الشارع أشغل نفسي بسماع الأغاني من الموبايل بوضع...
\"موتوا قبل أن تموتوا \" هكذا ارتفعت الصيحة التي يطلقها من حين إلى حين عبد الغفار ساكن المقابر . صيحته كانت تعلو وتصبح أكثر حدّة في الليالي التي لا يمكنك أن ترى فيها شيئا سوى النجوم البعيدة .محمود عبد الكريم جارنا من ناحية الشرق ظل يحكي على الدوام أن بركات عبد الغفار الذي يقول أهل الحي إنه سكير...
عمري أربعون عاماً إلا عامين، نضارة الشباب بدأت تخبو في عيني الجميلتين، وجهي بدأت تظهر عليه تجاعيد السن وخطوط الزمن القاسية، شعري المجعد المميز بالضفيرة الطويلة بدأ يتساقط رويداً رويداً.. الغمازتان الجميلتان على وجهي أصبحتا كحفرة في الأرض جدباء. ماذا فعل بي الزمن؟ المعجبون تفرقوا من حولي.. كنت...
هو في العشرينات، جلس أمامها وقال: ـ اقرئي لي من صفحات عِشقي، وارشديني ما المصير. دفع هو (بالبياض)، وجلس قُبالتها. أمسكت بصغار قواقع (المريق) بين أصابعها، واختلطت الأقدار وقذفت بهن على الطاولة، ثم تفرست بعيني صقرٍ وقالت له: ـ أنت صغير يا بُنيَّ في مُقتبل العُمر، من القى بِك في لُجَّة العِشق؟...
في يوم من أيام الربيع الريان، فصل الهواء العليل و الخضرة و النسيم البليل و النضرة ، جلس مصطفى السعداوي وحيدا في الحديقة العمومية يطالع الجريدة بنهم و شره كعادته اليومية ترى لماذا يداوم على قراءة الجريدة ؟ لطالما ظل صدى هذا السؤال يتردد في نفسه فلم يستطع جوابا، ربما ليطرد شبح البطالة الجاثم على...
رن جرس الهاتف في مكتب صلاح السملالي فتناول السماعة في تبرم و تضجر، فلقد ضاق ذرعا بهذه الآلة اللعينة التي لا تكف عن الثرثرة منذ ابتياعه لكرسي مريح تحت قبة البرلمان، لكن سخطه هذا ما لبث أن توارى خلف صوت جدي حازم: -أهلا و سهلا يا سعادة الباشا…ماذا؟…المنصب الجديد ؟…هذا بفضل كرمكم و عطفكم علي يا...
قبل البدء : كلمات على أهذاب الذاكرة ألملم شهقات الموج و بسمات القمر لأخط على جبين الذاكرة نقوشا تنبض حبا و تقديرا لذلك الإنسان الذي أفنى زهرة شبابه في إنارة سبيلي و غرس في روعي عشق القرطاس و القلم..أبي الحنون و تحية خاصة مني إلى الأيادي المغروسة قي الطين و إلى كل المعتقلين و العمال و الفلاحين...
-1 – أنا ابن أنيسة , اسمي المدون في بطاقتي الشخصية الآن ، وفى شهادة ميلادي هو محمود صبري الشيال , غير أنني لا أذكر أن أحدا دعاني بهذا الاسم , في اليوم الأول لدخولي المدرسة بعد سبع سنوات في شوارع القرية ، نادى المعلم على أسماء الطلاب في الصف وقال محمود صبري الشيال , لم أرد ولم ينبهني أحد من...
* .............. البلاغ رقم 40 بتاريخ 22/4/1990 بالقسم الجنوبي يفيد بأن على فضل أحمد توفى وفاة طبيعية بحمي الملاريا. كجيش من النمل، صدرها، كان يتلف الناظرين وزواياهم. والحانة المسنودة بنادل وطرف من شارع لا يتعبه الذبول تلملم أطراف هويتها من نثرٍ يتناثر من أزيز طائرات بسائقين يجهلون إصطفاف...
"Nothing is poorer as a thought expressed as it was thought" W. Benjamin هل تحتاج الشعوب إلى حكومات؟ ألقت بالسؤال، كفضيحة، إلى الحاضرين المشدودين بخيوط خفية نحوها، لكل خيط لون وجغرافيا. بالخيط الأحمر، مدلوق هكذا على ربلة ساقها، انتعل خياله صعداً نحو أسفل جسدهـا وبقى، لحين، هناك فقد ولد في...
في حديقة القصر و الوقت مساء ، كان شهريار يسير بخطى وئيدة إلى جانب شهرزاد .ريح دافئة تهب على الأشجار فتتمايل الأغصان و كأن يدا حنونا تداعب و تلاعب جسديها فتزيدهما انتعاشا بعد يوم قائظ من أيام فصل الصيف في بغداد العامرة ..كانت شهرزاد في كامل أناقتها ، كاشفة عن صدر مرمري ، و عينين زادهما الكحل...
...وقد تبيّن لي، بعد تأمّل وتفكير، أنّ للسُّحُب هيئةَ الحلوى الهلاميّة. بيْد أنّني رسمتُ لها في عقلي صورًا أخرى أكثرَ غرابة: كإوزّةٍ حلوةِ المذاق، أو كوساداتٍ بيضاءَ تطير وتنثر السكَّرَ على البسيطة. كنتُ أقتفي أثرَ السُّحب كلّما وجدتُني بين سماءٍ وأرض، لا سقفَ يحجب عنّي رؤيتَها ولا استكناهَ...
خرجتُ من شرنقتي، ملأتُ رئتي بالأكسجين، تلفتُ يمنى ويسرى فردتُ يديَّ ورجليَّ، تمطيتُ بعد أن كنتُ متكورة على نفسي في ذلك الغشاء. ما أحلى العيش في الهواء، بل ما أعذب الحياة ، أقول هذا أنا الوالجة للتو إليها. نظرت حولي مستكشفة البيئة التي أجدني فيها، بيئة رطبة .. مخضرة.. هادئة.. تفوح منها رائحة...
أعلى