سرد

أزعجتني جداً وأنا أحاول إبعادها عن وجهي ولا تريد أن تبتعد. داخلني شك في أن يكون بوجهي شيء مما يجذبها إليه، جزيئات سكر أو بقايا وسخ، ورغم علمي أن وجهي نظيف على الأقل نظافة لا تجذب الذباب، إلا أني مسحته بالمنديل الذي كان بيدي، وزيادة على التأكد أخرجتُ محفظتي المثبتة عليها مرآة صغيرة لأتحقق من...
اليوم الأول: التقيته لقاءً عادياً لم يخلِّف أثراً فيَّ .. اليوم الثاني: جلسنا سوياً .. اقترب مني. شعرتُ بأنه يحيطني بنظراته.. ابتسمت في داخلي .. كانت عيناه جميلتان .. اليوم الثالث: سألني إن كنت مخطوبة ..؟ أجابه صمتي .. ربما كان الصمتُ خبثاً مني .. اليوم الرابع: قال لي: أحبك .. ولم أشعر...
سطا التعب عليها ونال الإجهاد بعضاً من حيويتها. تباطأت خطواتها، وتخلفت عن أخواتها ومع كل ثانية تمر تتسع المسافة بينهن أكثر ويزيد البعد. في هجير لا يتحمله حيّ كانت ماضية وأكثر انشغالاً بحالها من أن ترى أمامها، لكن ليس للحد الذي يجمِّد إحساسها، شعرت فجأة بأن الأرض أصبحت أقل قسوة وأن الغيوم انتصرت...
استيقظ باكراً على غير عادته. منشرحاً ونشطاً غادر فراشه. توجَّه إلى الحنفية ليغسل وجهه ويغِّير ريقه بمعجون أسنان بروح النعناع، وجد الماء مقطوعاً .. يا إلهي.. متى حضر هؤلاء ..؟ ألا ينامون أبداً ..؟ تذّكر أنه لم يدفع مستحقات هيئة المياه بداية الشهر، وكيف له أن يفعل وهو إذا دفعها لا بُدَّ أن...
عارية تأكلها عيونٌ نهمة. ألسنةٌ طويلةٌ لزجةٌ تمتدُّ تلعقُ جلدَها في نشوةٍ مهتاجة. يتحلقون حولها في رقصة وحشية. تتعالى أصواتهم ويزداد هياجهم. تضيق حولها الدوائر وتستدق حتى تصير كثقب إبرة. وحيدة– كما قُدِّر لها منذ زمنٍ بعيد– تتقاذفها ريحٌ جموح. ترى نفسها وقد استطالت أظافرها، نبتت لها مخالب تخمش...
كان يجهد في أمساك أصابعي بيده الصغيرة الغضة .. متجاهلاً حمالة البنطال التي تهدلت علي كتفه النحيلة، وموسعاً خطواته قد ما أسعفته قدماه. لم أحاول النظر إليه، لكني كنت أستشعر لهاثه، وسمات الجدية التي أخذ يعتاد رسمها علي وجهه الصبوح. أنبأته أن لدينا " مشوراً " مهماً. لم أفصح له عن تفاصيل، ومن...
كان يجهد في أمساك أصابعي بيده الصغيرة الغضة .. متجاهلاً حمالة البنطال التي تهدلت علي كتفه النحيلة، وموسعاً خطواته قد ما أسعفته قدماه. لم أحاول النظر إليه، لكني كنت أستشعر لهاثه، وسمات الجدية التي أخذ يعتاد رسمها علي وجهه الصبوح. أنبأته أن لدينا " مشوراً " مهماً. لم أفصح له عن تفاصيل، ومن...
هيف ونورية ربتا قطعان الأبقار معتمدتين على الخدع السحرية التي جلبها رعاة الإمبررو. هؤلاء كانوا قد غيروا مسار هجراتهم عقب إنشاء المشروع الزراعي فتوافدوا علينا أيام "الطلق" التي تعقب مواسم حصاد محصول القطن. تفوقت الحيل الواردة من السودان الغربي على معارفي التي لقنتها في قسم البيطرة بكلية غردون...
من بين رأسي المثقل بالتعب والوسادة المشبعة برائحة أنفاسها، أحسست بغتة أن ذراعها قد اٍنسحب رويداً .. سبائك شعرها الطويلة قد اٍنسدلت من على صدري. بعد نحو من ربع الساعة رفعت رأسي المثقل بالتعب وبقايا الزمان وسهرة الأمس معها، وبأعين مرهقة عاينت المكان، كانت بقايا السهرة مازالت مطروحة على المنضدة...
تمددت على ظهري بالشط محدقا في السماء. وماخوذا بالسكون القادم من ضوء القمر و النجوم دون أن أفكر بأي شيء. كنت وحيدا بين النيل والليل. وكان القمر يسبح في الفضاء بلا هدف. فراحت عيناي المأخوذتين تراقبانه. يشدهما اليه بخيط رفيع من النور. أذناي ترهفان السمع لضرباته علي سطح السماء. فلا تبصر عيناي سوى...
أوقف عبد الرحيم سيارة اجرة وطلب من السائق الاتجاه الي منطقة الصحافة، كان يبدو متعجلا فاليوم يوم زفافه، قبل قليل تمت مراسيم اجراءات عقد الزواج، وانفض الحضور علي امل العودة لحضور الحفل مساء، عبد الرحيم كان مرتبكا قليلا لكنه كان واعيا لاهمية الزيارة التي عليه القيام بها الان، رغم شعوره بالارهاق من...
رأيته فجأة يوم السوق، بين أكوام النسوة اللائي يعرضن للبيع ديوكاً هرمة خالية من الريش، وبيض الدجاج الذي يفقس الكتاكيت أثناء عرضه بسبب شدة القيظ، وبين الباعة الجوالة الذين جفت أصواتهم بسبب الصراخ على بضائعهم الرخيصة من عقود الخرز الملون وأواني البلاستيك، ورغم أن مظهره كان لافتاً للنظر بسبب ملابسه...
في الغرفة العلوية، الغرفة الواسعة ذات الأثاث الفخم، أجلس أمام زجاج نافذتها الممتدة على طول الجدار، تنزل من أعلاها ستائر من الدانتيلا العسلية المخرمة، مُزاحة نحو الجانبين بشريط أبيض لمّاع.. أمامي شارع طويل عريض، تصطف على جانبيه أشجار نخيل تتدلى من قلوبها عذوق الرطب المضيئة بفعل انعكاس آخر خيوط...
إدعى نعيم الحيّاك أنه كان نائماً عندما رأى أنّه قد دخل الجنة آمناً مطمئناً، وتجوّل في أرجائها متفحصاً مدهوشاً، ثم هرع إلى حارس أبوابها، وقال له بنزق : ما هذا؟ لقد وعدنا بأجمل النساء، ولا أرى هنا إلاّ أقبح النساء. فقال له الحارس : لم أسمع عن جائع يتدلل على الخبز اليابس ولا يأكله حامداً شاكراً ...
أعلى