قصة قصيرة

فتح عينيه مندهشاً لوجوده في هذا المكان... بذل جهداً كبيراً ليتذكر ما الذي جاء به إلى مكان لا يعرفه... اكتشف أن ساعديه وكاحليه مقيدان بالفراش حين حاول النهوض... تململ صارخاً... جاءته أجنبية تركض مرتدية ثياباً زُرقاً مما زاد استغرابه... جاهد ليستجمع وعيه... أحس بغثيان... دار رأسه، وراح في غيبوبة،...
كانت لا تزال فتاة صغيرة ، و الجميع كان يشيد بسحرها وبراءتها ، حلقتاها الكبيرتان على أكتافها ، في فترة بعد الظهر، كانت تغني أمام البيانو الذي كانت والدتها تعزف عليه و هي متحمسة لسماع صوتها. مرت الحياة هكذا هادئة في ذلك البيت ولكن في يوم من الأيام ظهر غريب وبقي ليعيش هناك. كان طويلا وجميلا،...
في ذلك الزمن البعيد ، الموغل في القدم ، إصطحب درويش إبنه معه خارج المدينة . كان الأب يلبس جلباباً عتيقا لكنه نظيف وتفوح من نسيجه رائحة الخزامى، و يرتدي قميصاً تقليديا برزت ياقته البيضاء من عنق الجلباب ، أما الإبن فكان يلبس جلباباً على اللحم يصل حتى منتصفي ساقيه النحيلتين كساقي لقلاق لم ير النعمة...
الحانة تعجُّ بالزبائن , ودخان السجائر, ورائحة اليانسون . و زرزور – صاحبُها العجوزُ, الصامت دائـماً – يجلس خلف الدفّة، يسند رأسَه إلى كفّيه, ويراقب بشبه إغماض. دُون أن يُلقيَ السلامَ, توجّه يوسف الجمل إلى طاولته المعتادة قرب النافذةِ الصغيرةِ المطلة على بيوت الحارة القديمة . استغرب زرزور...
منذ أن رآها عشقها… دون أن يعرفها، أو يعلم ماذا تدرس. فهو لم يجلسْ معها قطُّ، ولم يتحدّثْ إليها قطُّ؛ لكنّه حيثما كانت يكون: يجلس في مكانٍ قريب، يلتفت إليها، في الكافتيريا، في حديقة الكليّة، يتابع حركاتِها وسكناتِها، ضحكاتِها وكلامَها، ونكاتِها التي تتبادلها مع الشباب الذين يحيطون بها. هو في...
نحلم بالسفر ونام في قبضة أيدينا جورج شحادة تحضن جذع النخلة ناضرا للأسفل حيث تتقزم القرية في عينيك مع كل صعود للأعلى ، تستوي على عرش من زور النخلة وتنظر لأهل القرية وهم ينمسخون إلى أقزام صغيرة ، تنفرج شفتاك كجرح صغير شارعا في الضحك على الأقزام ، تمسك بشماريخ فحل النخلة متشمما الدخ الذي تعشق...
كان القطار متجها إلي الجنوب ، الجنوب الذي لا يمثل إلا وصايا بحار عجوز لحفيده المشلول ، عن الكنوز المدفونة في الجزر النائية ناحية الهند والشرق الآسيوي ، جنوب تضربه الأشعة الشمسية بسياطها الوهاجة ، لترسم منه رملا بامتداده وتلاطمه ونفطه الآيل إلى التحول ، التحول إلى وهج آخر يضرب أرداف هذه الأرض...
قابع في سديمية الموت ، يطلق أنفاسه الوحيدة في محيط المكان ،موحشة وخانقة هذه البقعة ،تطلق عفاريت الخوف من قمقمها المجنون والوحشي ،يطوف أرجاء الغرف ، متحفزا لخطر ما ،صمت قاس ومريب ،والساعات تتحول إلى قلادات إفعوانية تحيط معصمه الذي تكاد شرايينه أن تنفجر . جلس على الكرسي الوحيد ،يحلم أن يتكلم ،أن...
لا أدري. هكذا هبط النصيب فجأة من السماء في شكل رجل طويل ونحيل وقد جاء خاطبا يدها. أسبلت عينيها بحركة لا إرادية; حين سألها أبوها عن رأيها في العريس. - لقطة. أجابت أمها نيابة عنها. أما هي; فلم تتب عيناها من هذا الفعل المنكر أو أنها أدمنت الانكسار في مواجهة سطوة الجسد ومتطلباته البيلوجية. كررت...
- هالو بروفسور "ياكوف".. كيف حالك؟ -حالتي سيئة جدا.. إنني أحتضر، تفشى السرطان في أحشائي الداخلية وتدهورت حالتي الصحية، وأرقد في المستشفى منذ ثلاثة أسابيع. - أوه.. سلامتك وألف سلامة، سأحضر لزيارتك في المساء.. ماذا تحب أن احضر لك؟ - احضري صبايا حسناوات.. - ألا أكفيك أنا؟ ضحكا معا، ثم أقفلت "سلام"...
خرج هيلان لرعي الغنم في الوادي وهو يتواثب فرحاً، لقد أُزيلتْ كافة العقبات، وموعد عرسه على ابنة عمه قد تحدد.. اتفق الكبار على تزويجه ببنت عمه بلا مهر، في مقابل تزويج ابن عمه قاسم بأخته، وبهذه المبادلة يوفر كل طرف أمواله. وهو يسقي القطيع عند الغيل، ظهر فجأة شيخ وقور، يرتدي معطفاً طويلاً يصل إلى...
كبرا كجارين على حدود أحد المدن وبالقرب من الحقول والغابات والبساتين, وتحت عيون أجراس جميلة اعتلت برجاً لمدرسة للمكفوفين. هم الآن في العشرين من عمرهما ولم يريا بعضهما الآخر منذ عام تقريباً. كان دفء مريح لطيف يسود علاقتهما, لكن لم يكن بينهما كلام المحبين. كان اسمه نيوت.. وكان اسمها كاثرين. مع...
عندما حل الليل… ألفت نفسها تذوب في فراغ المنزل الذي امتصها بظمأ… (لا أدري لماذا كل الأشياء مجبولة بهذا الجوع الأزلي ..)… كان شعور الوحدة القاتل… يمزق أكثر الكائنات توافقا وانسجاما مع الكون… يشكل المنزل بغرفه الثلاث مصدرا للخوف والرعب… تقابلها في غرفة الاستقبال التي تفوح منها رائحة بخور منعشة…...
نزلت، (هي) من على نقالتها ذات القماش السميك قبل وقت غير محدد، كانت يدها مسدلة بأصابعها المفتوحة مثل مروحة صينية بلا نقوش تهتز باندفاع بندولي، وكان الرأس ينوء مثقلا الحادة، ماسحة مع اندفاعة النقالة دفء الوجوه المنطبعة على نثار الوسائد، وآخر العلامات،، بملامحها المتصلبة كذراع نقالة بارد. حركة...
أعلى