قصة قصيرة

لم يكن أبي آخر " الحروب" التي نحتت جسدي بأزميل الفقر والصفعات والشتائم، فمسني الضر، من أول يوم رأيته فيه، بيد أني لا أتذكر، متى رأيته أول مرة؟ فقد كان بيني وبين ذاك اليوم الموغل في البعد مديات غامضة من ضباب كثيف! ولكني كنت أتذكر، الأماسي كلها التي اعقبت ذلك النهار الموحش.. فكان يجب عليً أن أمد...
(1) ليلة أمس.. حدثتني النفسُ أنْ أعاودَ ممارسة جنونٍ قديم كنتُ ألوذ بهِ كلما أحسستُ بظلمٍ ما (هذا يعني أنني فعلتُ ذلك طوالَ عمري) .. قبل النوم..أجلسُ على سريري وألقّنُ نفسي ما أتمنى من حُلُمٍ أحاولُ استدراجهُ إلى سماءِ نومي حتى يغلبني النعاسُ فأحلم بذاتِ ما لقّنتُ نفسي به..هو حُلمٌ وفقَ الهوى...
بعد ان حل الليل وغفا صاحبي الحارس معي كعادته وحطت الظلمة على المكان عادت بي الايام الى ذلك اليوم, حينها أدهشوني عندما طلبوا مني العمل فأنا على يقين من انهم يعلموا ما يقول الناس عني, يصفوني بالمجنون, ألا أني على عكس ما يروني اعرف قدرتي على تمحيص وضعي وهذا ما دفعني في البدء على عدم تقبل الامر...
فى هذا العصر ... فى غروب ديسمبر قبالة النهر، حيث السكون والصقيع والغسق ، والموج القادم برائحة الموت، والطير الحزين الراحل فى السماء، يجلس وحيدًا حزينًا كعادته كل مساء، مرتديًا بالطو أسود وقبعة ويدخن بشراهة، كذلك الخارج لتوه من السجن. تعتريه رعشة عصفور تحت الشتاء، غارقًا بعينيه السوداوين فى الغسق...
فيما كانت الالوان والاصوات تتصاعد من شاشة التلفزيون، لم يكن يحدق في شيء محدد، جلس في زاوية الغرفة والدخان يتصاعد من خصلات شعره الرصاصية التي طالت قمة رأسة بتكورات غطت جزءا من جبهته العريضة، ربما رأيت دخانا يخرج من عينيه وهو يبكي، لم يجرؤ احد على مقاطعة بكائه، كان جسده يهتز وهو يطلق اشياء تتكوم...
لم يصدقني أحد حين قلت ما أعرفه، وأنا لا أعرف الكثير عن السيدة، بعد خمسة عشر يوماً قضيتها في مركز الشرطة أخذتُ الى المحكمة، ومن هناك تقرر مصيري فجيء بي الى سجن النساء، دفعتني السجانة بعنف الى إحدى القاعات فهرعت السجينات مثل الجراد والتصقن بي، وجوههن بلا لون وعيونهن من دون بريق، إحداهن زغردت، لا...
(حالما تحضر الممرضة آن الأوراق; سأضع توقيعي عليها; وينتهي كل شيء). قال وهو يتهاوى على المقعد ونظر بأسى لوجه زوجته الشاحب المغطى بأجهزة التنفس الاصطناعي. ( لا. لن أتركها تتعذب أكثر من ذلك. الموت راحة لها). وربما فكر في أن التشبث بجدار الأمل الزلق هو العذاب بعينه لكليهما و لن يصمدا طويلا. أو ربما...
بادرني لحظة أن دخل مكتبي وهو يحمل باهتمام وحرص شديد دفترا تحت ابطه، وكأنه يتم حديثا كنا بدأناه من قبل . - على أي طاولة ينبغي لي أن أمسك بالمصيبة وان اشرّحها لأفهم المغزى . حاولت ان افهم جاهدا ولمرات عديدة . لماذا هو يمنح نفسه هذا الحق في أن يقتحم مكتب المحاماة الذي اديره او أي مكان آخر اتواجد...
نهار مطير من تلك الأيام المطيرة البائسة في نيروبي. ومنذ أن تخطيت القدّاس الصباحي في كلية هيكما كوليدج، وهي مدرسة لاهوتية يسوعية كنت أدرس فيها، كان عليّ أن أحمل مظلتي المطرية وأتمشى في ضاحيتنا، ضاحية الليدي غوادلوبّي، بالقرب من سوق آدمز ذات القناطر، التي تقوم عند حافة حي كيبيرا الفقير. تدور في...
في صباح كل يوم كانت أم احمد تستيقظ من نومها وتنفض عن وجهها النعاس وكأنه ريش يتطاير في أرجاء غرفتها الصغيرة، وبخطوات متمايلة تضع جسدها النحيل على الأرض لتذهب وتبدأ يومها وعملها منذ طلوع الشمس حتى غروبها، كانت كل ما تريد أن تحمل شيء تنظر إليه بنظرات كئيبة نظرات يملأها الحزن والأسى على ما فاتها من...
حين أكملت دراستي الإعدادية كان في ذهني الكثير من الرؤى او المشروعات التي يمكن للإنسان ان يغتذي منها، او تثير الطموح لديه وليس للطموح حدود كما يقال وكنت مثل الاخرين أحلم بتغيير العالم او الثورة عليه حتى وان كانت ثورة حمراء وان كان الوسط الذي اعيش فيه ريفياً تحيط به غابات النخيل وكل شيء فيه اخضر،...
كالمعتاد خرجت اليوم في الساعة السادسة صباحا الى عملي، ما زالت الشمس نائمة والليل في نوبة حراسته مازال مستيقظا، خرجت جارا وراءي ذيول ليلة مرهقة ، قضيتها ساهدا على وسادتي، وما زال وجه حبيبتي في أعماق عيوني، خرجت الى الشارع وحدي ليس هنالك احد فيه سوى برك مياه الأمطار الراكدة التي لم يكن احد قد عكر...
منذُ أن كُنَّا صغاراً ،والعواءُ لا ينقطعُ ،متحرِّشاً بطمأنينةِ المساءات والدروب والآذان .منذ أن كُنَّا صغاراً وصورةُ ذلك الجرو ملتصقةٌ بصمغ الماضي،حين كَبُرَ وكبرنا مَعهُ ،وظلّت تُخايلنا صورتُهُ وهو يركضُ وراءنا، لمّا أرضيـنا غريزته باللعب والقفز والنباح غبطة و إعلاناً منه في كلِّ مرة عن فوز...
حدّق في عينَيْ زوجته وقال لها بنبرة هادئة لم تخلُ من الانفعال: (لا تكترثي لما يقوله الناس، رضا الناس غاية لا تُدرك!).. لم تعر أي اهتمام لكلماته ولم تطل النقاش لأنها تُدرك من خلال تجاربها ان مناقشة زوجها في هذا الأمر تؤدّي إلى المِرآء ثم الشّجار ثم مقاطعة تطول لأكثر من يوم، ففضّلت السكوت...
دائما يحن سامر إلى الماضي فيجلس لوحده ويغط في إغفاءة تفكير طويلة يستعيد خلالها أيام كان طالبا في الإعدادية في الستينات.. فيتذكر كيف كان يستيقظ من نومه مبكرا وهو يسكن في غرفة أستأجرها مع زملائه الطلبة من أبناء مدينة المجر الكبير في فندق يطل على شارع دجلة في العمارة. فيبدأ بتهيئة وجبة الفطور...
أعلى