قصة قصيرة

دخل الشاب الاربعيني** الوسيم إلى *استقبال أحد بنوك العاصمة* بكامل وقاره وهندامه الأنيق جلس في كراسي الاستقبال وأخذ يتجاذب أطراف الحديث مع أحد* الجالسين* بجواره ،قطع حديثهم العابر هذا صوت* جرس الجهاز الذي ينبه الجالسين بالاستقبال باظهار رقم على الشاشة يطابق الرقم الذي عادة ما تأخذه من الماكينة...
حين كانت كافتريا هافانا بالخرطوم تقدم عصير جوز الهند بنفس طعم رقصة السالسا في شوارع هافانا. ويقدم مطعم بابا كوستا النبيذ اليوناني الفاخر بنفس نكهته المعتقة في حانات أثينا. وتعزف فرقة جاز الديم معزوفة (جيني كي) أقبل الليل من ردهة مطعم الهابي لاند العائم على سطح النيل الأزرق فيطرب سكان مدينتى كوبر...
في المدرسة ذات السور؛ والزليج البلدي الأزرق؛ والنافورة والصفصافة العملاقة؛ ومطعم التلاميذ الفقراء، علمنا في الصف الرابع معلما العربية والفرنسية كيف نلاحظ ونصف تحولات الفصول؛ وأشجار الساحة؛ وبعض المهن من الصور المعلقة في جدار الفصل، وأن نتقن ذكر الحفلات. وحتى نفعل كل ذلك لا بد من أن نتقن الإنشاء...
لم يرض بوشعيب بواقعه كأستاذ للتعليم الابتدائي. كان يعي جيدا أنه ولج مهنة التدريس رغما عن إرادته، وبدافع مساعدة عائلته الفقيرة، التي تقطن بأحد الدواوير التابعة لمنطقة دكالة، سيما وأنه الولد البكر لوالده الفلاح الصغير الذي يكتفي بحرث أرض مساحتها صغيرة، والذي يجد صعوبة كبيرة في إعالة أبنائه الثلاثة...
بَّالعربي، أو عروب، لحية وشيب، دراجة هوائية (650) وساعة « Quartz » قديمة. بيني وبينك الملقب ب”القبعة”، بيني وبينك، المهم، معطف رمادي طويل وقبعة تفنن في وضعها هامشا على جنب صلعته، يتوارى إلى الخلف كما هو معروف عليه داخل مقهى “الشعبي”، ثم رائحة الإسفنج والشاي والسجائر، بعيدا عن آمال أصحاب الرهان...
فجأة وجد نفسه في الخمسين وحيداً . يعاني من أرق كاد يوصله للجنون... وبعد صراع مرير مع كل ما يحيط به . توجه لعيادة نفسية خاصة بعيدة عن أعين الناس . شعر ببعض الراحة حين علم أن الطبيب المعالج بالعيادة التي قصدها هي امرأة... فدفع رسوم فتح الملف الصحي... ولم ينتظر طويلا لإجراء الكشف . بدت له الطبيبة...
كل مرة تعاتب عليه وصوله المتأخر إلى الفصل ، يتضرج وجهه خجلا ، و تشع من عينيه الصافيتين المتلألئتين نظرات خاطفة مغشاة بالأسى و الالتباس ، كمن تتعاقب عليه بلا انقطاع ومضات النشوة و الألم ، يفرج عن ابتسامة ، و يتعلل بمساعدة والده المريض في أعمال الحقل.. تسعى جاهدة أن تفحمه بأن الحياة زاهية و زاخرة...
دخل بيته محملا بثقل صور اليوم، أعد قهوته بردائها الأسود المقدس، وقبتها البنية السندسية، خلع عنه ملابسه واستلقى في حضن حوض الاستحمام، يسترجع شريط اليوم الدرامي.. كأنه سيخرج إلى الوجود من جديد.. كان شريط الشارع طويلا يمتد وراءه كلما تخلص منه بخطوة وهو يعبره ببطء، إلا ورأى مقصده يسابقه، وكلما انتهى...
يطأطئ الوقت نبضاته, الهواء يثقل, يندفع الباب .. يغلق ويفتح امام اصوات الخطوات .. الدالفة والمغادرة .. (هل انا ابكي ؟) نم الان.. يقول الطبيب.. لا تتحدث تبدو لي وجه امي وهي تمسح لي راسي وتقبلني .. (كم كان عمرك ايها الشقي) (هل لك عمر؟) خارجا من بخار شتوي ساخن... دالفا في (دشداشة) من (البازة)...
لقد استيقَظَت الشّمس للتو، وأطلّت من مخبئها، لا يزال الضّوء مشرّباً بالغبش، والحصّادون ماضون في مهمتهم، يعرّون مفاتن الأرض، يرفعون ثوبها الوثير شيئاً فشيئا، حاسرين طيّاتهِ عن جسدها الحي! بعد قليل سيشتدّ القيظ ، وتُجلّي الزرقة وجه السّماء، باسطة لهم حضن الأفق وكأنّهُ وعدٌ بالوصول، إلى نهايةٍ لهذا...
تسلل الفجر رويدا وتنفس الصبح متنهدا. وارتفعت الشمس متثاقلة تخلع عن الدنيا ثوب ليل ممزق شوقا وهما ودمعا وأملا. موج الحياة في المدينة انطلق. بشر وطير وحجر. اقتحمت الشمس قلب السماء. والتفت أحدهم يخلع الرداء. وتسمر بصراخ يتعالى: "أين ظلي؟" تفقد الجميع ظلالهم، فما وجدوا لها أي أثر. وقفوا تحت الشمس...
لم أكن أعرف وقتها ما معنى أن تفقد أحدا أو أن تشعر بغياب أحد حدّ الفراغ القاتل. كان النبض ينخفض قليلا فيعود طبيعيا، ذلك الخيط الرفيع الذي يسري متعرجا ومتموجا، كنت أصلي لله ألاّ يستقيم أبدا. إلهي، ماذا لو استقام الآن؟ أسميتها "رفال"؛ أول اسم خطر ببالي حين سألتني الممرضة ماذا ستطلقين كاسم على...
ما أن ضغطت على جرس الباب الخشبي الضخم العتيق حتى هرول لفتحه واستقبالي ثلاثة صبية بكل ما يحملون من براءة الطفولة ومن كنوزها المخبوءة فيهم. فتحت ذراعي على مصراعيهما، انحنيت قليلا وأخذتهم ثلاثتهم في حضن واحد وأمعنت فيهم تقبيلا بكل ما يكنه لهم قلبي من حب وشغف. إنهم أبناء أخي أحمد. دون شعور مني ولا...
حين أتت السيدة المحسنة التي تنتمي لجمعية رعاية الأطفال لزيارتنا سألتنا، كما يفعل الجميع، لماذا ننجب كل هذا العدد من الأطفال، فانبرت زوجتي التي كانت تشعر بانقباض في ذلك اليوم لتعلن صراحة ودونما مواربة: "لو كانت لدينا الإمكانيات لذهبنا إلى السينما في المساء. وبما أننا لا نملك النقود، فإننا نأوي...
ظهراً كان الوقت ، ومن الباحة الخارجية لمقهى " ديلا بايكس " كنتٌ أتخذٌ مجلساً ، أتابع حركة الحياة الباريسية بأبهتها ، ورثاثتها ، مندهشاً بتأثير ما تناولت من شراب لرؤية المشاهد الغريبة للكبرياء ، والفقر علىَ السواء يمرّان من أمامي عندما سمعت من يناديني باسمي .. استدرت ! فإذا بي أشاهد السيد " ما...
أعلى