قصة قصيرة

كنت أرقب العجوز يقف محني الظهر ، مستندا إلى القائم الحديدي جوار مقاعد الانتظار في محطة الأتوبيس .. نحيلا .. يخفض رأسه بنظرة منطفئة ، خلا مقعد بجواري فناديته ليجلس .. وكان يرفع رأسه متجها بنظرته القاصرة ، نحو أتوبيس قادم ويسأل : ـ كم الرقم ؟ أجبته فقال : ـ هذا هو نهض متهافت الجسد .. قلت : ـ...
كانا حصانين هذه المرة .. تلتصقُ بجَبْههَ أحَدِهما غرَّة كالحة، وتكسو بياضَ الآخر بُقَعٌ مُسوَدَّة، .. خلف رباطين من قماش، اختفت عيونُهما ـ منذ القدوم ـ، لمدة طالت. هل تظل ( الفتوحات ـ في الأرض ـ مكتوبة بدماء الخيول؟!)(1) ...تأتي العرباتُ بالطمي، تنتظم أكوامُه، في بُقع متقاربة، ينساب عليـها...
زكريا تامر كان أحد الملوك مطيعاً لأبيه الذي ورث عنه المُلْك، وعمل بنصائحه التي تحضه على ألا يكتفي بقتل خصومه بل يقتل أيضاً أسرهم وأقاربهم وجيرانهم وأصدقاءهم ومعارفهم، فتكاثرت القبور في البلاد، ولكنها ظلت أقل عدداً من جثث المطرودين من الحياة تنفيذاً لأوامر ملكية صارمة. وكان الملك ذا قلب رقيق،...
إذا نطقت صبا عقلي إليها... وإن بسمت إليَّ صبا جناني أحمد شوقي في حق مي كان اليوم يوم جمعة، في مثل هذا النهار أحب سماع آذان المصريين، وأتساءل دوما لماذا ينسى الناس علاقة الدين بالغناء والموسيقى والترتيل؟ ما زلت أذكر ذلك كأنه الأمس، انتهيت من حصة البلاغة المتعبة بشد الانتباه وسرد القواعد...
أسيا علي موسى ما هو الجحيم؟ إنه فقدان القدرة على الحب" أظنني أعيش الجحيم.. أظن الجميع يعيش ذلك.. إذن كيف نهرب من الجحيم؟ وأين الرحيل؟ كل الكائنات ترحل.. الأحاسيس الحلوة و المرة.. البريئة و اللئيمة أيضا ترحل.. تتناوب علينا، كما الأفكار.. كما المبادئ والقناعات، كما الحياة والموت.. لكن وحده.. ذلك...
نصرت مردان 3 آب 1965 كان حصان البهجة ،والذي أسميه أحيانا ( حصان العشب الأخضر ) يقف بصلابة كرجل مبهج .وكنت على مقعدي ككل مرة .هذا هو اليوم الثالث الذي أرى الحصان فيه ويبهرني . كان هو أيضا يحدق في عينيّ وكأنه يريد أن يشمني وكأنني زهرته البرية . قالت أُمي : الطعام يحترق . وهرعت إلى المطبخ...
تذكرتْ زهرةَ الجاردينيا... سمعتْ بأنها زهرة جذرها ضعيف و عنيد مثل دمعة الكبرياء، زهرة تقاتل من أجل نثر عبيرها على السطح، و كذلك "هي" ساقاها صغيران و ناعمان لكنها كانت عنيدة بغرسهما في رمال البحر برغم اختلاطها بالصخور القاسية المدببة بالملح الذي لم يكفه تراكماته على قلبها!! وعدته الارتماء في...
في الغد، ربما لم يكن بالضرورة ما يلي يومي هذا، رأيتني أقف هنا على الرصيف المبلّط، بكل تأكيد كنت أنا، وإلا فاللوم على بديهة من يرتاب في ذلك، كنت بالفعل هناك، كل المؤشرات الخفية والظاهرة تقول بأنني كنت قد استخلصت تذكرة السفر، ومررت بالباب المفضي إلى الرصيف لأقف فوق أرضيته المبلطة بزليج لا هو...
الكوابيس‏..‏ هذا هو افظع ثمن دفعته بعد عملية زراعة القلب‏..‏ فرغم اني بلا شك محظوظ في الحصول علي قلب شاب في العشرين إلا أنني أصبحت لا أنام‏..‏ نوع غريب و مبهم من الأحلام و الكوابيس المخيفة يزورني كلما نمت‏.‏ وان كان الأطباء قد اكدوا بأنها من الاعراض الطبيعية لعملية كبيرة مثل التي أجريتها و خضعت...
تخبرنى، بنوع من القلق، عن اشياء غريبة، تقول وهى تدارى حرجا بالغا. _ لا أخاف دخول المطبخ! رنت ضحكتى قى الفضاء. قلت مندهشا _ ماذا؟!! لكنى تذكرت، من الفور، هذه الأفكار السوداء، التي تخايل النساء عند وقوفهن أمام احواض غسل الصحون، والحوارات الداخلية المتشائمة، وتوترهن هناك بدون اسباب مفهومة. انكمشت...
السيد زرد تتقطع أنفاسى وأنا أصعد السلم الحلزونى الحديدية، والتى لم أستطيع – يوما – أن أحصيها رغم رغبتى فى ذلك ، فقد كان مجرد بدئى فى ارتقائها كفيلا يجعل ضربات قلبى تصم أذنى ولا يثبت ذهنى عند أية فكرة. مدينة معلقة بين السماء والآرض…. مائة حجرة صغيرة منتثرة فوق السطح، سكانها جميعا سمر الوجوه…...
رآها ورأته لأول مرة في متجر السوق الحرة في المطار‏,‏ حيث كان كل منهما ينتقي لعبه من قسم لعبه الاطفال في المتجر‏.‏ وقف مصعوقا ينظر إليها‏,‏ غير مصدق أن هناك امرأة في العالم تحمل ملامح أنثوية علي مقاس الملامح التي عاش يحلم بها مدي العمر‏.‏ وقفت هي مصعوقة تنظر إليه وهي تجد أمامها لأول مرة الرجل...
انجيلا النويرية تطرق أزقة الفريق، زقاقاً إثر زقاقاً. حافية القدمين – لقد اعتادت ذلك، تحمل حزمة الحطب فوق كاهلها التعس، تلقى تحيتها هنا وهناك، على من تعرف من أهل الحي، تضحك من أعماقها، تبكي من أعمق أعماقها، تغني برطانة حلوة حزينة النبرات تتعثر انجيلا، يلفحها تيار الهواء الحار تري أديم الأرض يدنو...
لحظة خروجي من القطار.. توقعت أن أجد ضباط الشرطة بنجومهم الذهبية في انتظاري.. أخذت أحدِّق في الملابس والوجوه والأكتاف الواقفة. لمحتُ ضابط شرطة بثلاثة نجوم على بعد ثلاثة أمتار.. قلتُ لنفسي: هذا هو النقيب الذي سيقبضُ عليَّ. نظرتُ إلى السماء فارتطمت نظراتي بسقف المحطة الحديدي، فتصنعت التماسك...
في حانة مكتظة بالسياسيين، انزوى مجموعة من الأدباء في ركن منعزل يتهامسون. وبعد دقائق معدودة دخل فيودر ميخائيلوفيتش دستويفسكي. نظر في الأرجاء، ثم اختار مائدة تنتصب وسط موائد السياسيين. جلس إليها، ثم أخرج من حقيبته شطيرة منزلية، قضمها ببطء ريثما انتبه إليه النادل، وجاء ليقف جوار كتفه الأيسر. طلب...
أعلى