قصة قصيرة

كان غريبا أن تسأل طفلة صغيرة مثلها إنسانا كبيرا مثلي لا تعرفه، في بساطة وبراءة أن يعدل من وضع ما تحمله، وكان ما تحمله معقدا حقا ففوق رأسها تستقر صينية بطاطس بالفرن. وفوق هذه الصينية الصغيرة يستوي حوض، قد انزلق رغم قبضتها الدقيقة التي استماتت عليه حتى أصبح ما تحمله كله مهددا بالسقوط . ولم تطل...
لم يعد يهزها صرير باب الشقة في الثالثة والنصف فجراً.. يحاول أن يريح أنفاسه المتقطعة.. يمد رأسه إلي الكرسي الخشبي ويشعل سيجارة.. عائد بيدين فارغتين وذهن شارد.. ترتسم فيه علامات استفهام كثيرة.. تري لِم لم أحصل عليه؟؟؟؟؟ في سكون بزوغ أول الفجر تتسلل أنفاسه المتقطعة إلي أذني نور.. تشتم رائحة عرقه...
كانت يدي صغيرة عندما التقطت ذاك الحجر الصغير من الطريق لم تدرك يدي الصغيرة آنذاك لماذا اختارته. لونه بنّي سكنته الشمس حيث انصهر بلون شفقها، وركنَ عميقًا في الأرض فامتصّ لون تراب معتّق. دحرجته السنون… احتكّت به الحكايات حتّى املسَّ وجهه. كانت يدي صغيرة. كبرت اليد، تعمّقت الأحزان في داخلي، نتف...
" لمَ أشعر بالضيق وعدم السعادة"؟! كان هذا السؤال يؤرقه على الدوام، منذ اغترابه عن وطنه، ومنذ وطأ أرضاً جديدة، باتت تتعثر به السبل والطرقات، وجوه جديدة يصادفها كل يوم، بعضها يمر بسرعة، والبعض الآخر يترك أثراً بسيطاً، سرعان ما يتلاشى. قام بمحاولات عديدة لجذب الآخرين بطِيبته ولطفه، تعامل مع...
حاولتُ قدر الإمكان أن أبدو منبهراً مُعجَباً بما تعرضهُ عليّ من رسومات و "لوحات"، كانت تصفها بأنها "تجريدية"، حيث لم أفهم منها شيئاً!، حماسها لرسوماتها وتباهيها بما نثرته أو لفظته من ألوان على قطعة من القماش، أربكني وأحرجني، لا يكفي أن أقول لها إن لوحاتها جميلة وحلوة ومُعبّرة، تلك توصيفات...
بعد أن اختطفتني عنقاء الغربة وحملني جناحاها الأسطوريان وحلقا بي في سموات بعيدة. شرقية وغربية. لعقت شفتيها وقد امتصت رحيق عمري ومن ثم فتحت نافذة زمن الضياع ورمتني منتوف الأعضاء مثلما تسقط الحديا ريش العصفور الصغير. وجدت نفسي أقف أمام باب الدار التي نشأت وترعرعت فيها. دار جدي لأمي محمد ود عوض...
حين أبلغنى باكيًا بأنهم قطعوا الجميزة وبنوا مكانها بيتًا عاليًا من حجر وأسمنت، استيقظت أحزانى، ووجدت نفسى أتضاءل فى مقعدى اللين، حتى عدت الطفل الذى كنت، أقف تحت ظلالها الوارفة، تملؤنى الهيبة والامتنان، لأصطاد وجوه أجدادى التى تتساقط من فوق فروعها العفية إلى حجرى، ثم أمد كفيَّ فى الفراغ لتتلقى...
هي مشكلة المشاكل في حياتي كلها .. فهي صديقتها .. صديقة زوجتي .. وهذه المشكلة لم تبدأ بعد زواجنا ؛ وإنما قبل هـــــذا بكثير ، فهي صديقة زوجتي منذ طفولتهما وصبــــــاهما .. وهى ـ كالمعتاد ـ نديمة أحلامها وكاتمة أسرارها.. وهذا هو المزعج في الأمر.. فمنذ خطبتنا لاحظت أن زوجتي ( خطيبتي آنذاك ) شديدة...
(1) مَدْخل هل أقفُ الآن أمام بنايةٍ صغيرة أم كتابٍ كبير؟ يبدو أنني كنتُ تائهاً أو ثملاً فلم أتبيّن العنوان، لكنّ الغلاف الأمامي للكتاب كان على هيئة بابٍ ضخم، فتحتُه ودخلت، من غير شجاعةٍ ولا تَردّد. انغلقَ البابُ من ورائي بصوت ضحكةٍ مكبوتة، فقلتُ إنه لن يُفتَح بعد ذلك أبداً، وإنني لستُ سجيناً رغم...
قادتني قدماي إلى أسواق بغداد و دكاكينها ، كنت في حاجة إلى الترويح عن النفس بعد يوم طويل من العمل في حدائق القصر . في شارع المتنبي حيث مقر البعثات الدبلوماسية لبلاد الهند و السند وفارس غيرها من الأجناس ... دلفت لحانة – حانة طرفة كما هو مكتوب على اللافتة و بخط مغربي جميل - باحثا عن أبي نواس ،...
عند قدم إحدى تلال الريف ، أين يركع التاريخ إجلالا لأقوام قالوا للطغيان في عنفوانه يوما، كلمة الرفض " لا " ، يبدأ سهل فقير ، ينتهي بخانق ضيّق لأحد الأودية السحيقة . هناك في مزرعة بدائية محاطة بسياج شوكي، بُني بيت ريفي معزول من الطوب و الحصى و التبن المسحوق ، صبغ بالجير الأبيض ،فبدا من بعيد كضريح...
تواصلت الكائنات عبر الأثير بصمت دفين ، و تغازلت بالإشارات و الحركات وسط هذه " الجنة الأرضية ".هكذا ورثنا التسمية الجميلة. تنتصب الأشجار الوارفة العملاقة، كحرس دائم ، تراقب القريب و البعيد متحفزة للدفاع عن نظام بيئي متوازن . بجذورها تسرح في أعماق الأرض ،تمتص عذوبة المياه ، قبل أن تخرج من ينابيع...
ظننته مصريًّا من لهجته طول المدّة التي قضّيناها سويًّا كمدرسين بثانويّة تأهيلية بمدينة جنوبيّة من بلادي حتّى قال لي يومًا: “أنا لست مصريًّا كما ظننتني يا صديقي، أنا من أب فلسطيني من “كفر الزّيّات” ومن أمّ مصريّة من “دمنهور”. عمل أبي في شبابه صائغًا بورشة أمين الصّاغة. أحبّ ابنته الكبرى. خطبها...
قصّ عليّ صديقٌ وفيٌّ قصة "زفاف" كلب مدلل يملكه ثري في إحدى المدن السياحية الساحرة من وطني.. وسقطت من كلامه سهوا، هويةُ ذلك الثري.. كان يملك كلبا من فصيلة نادرة.. ومن حبّه له أقسم بأغلظ الأيمان أن "يُزوّجه" من كلبة جميلة من فصيلته، فجنّد خدّامه للبحث عن هذه "العروس" السعيدة، مستعملا تكنولوجيا...
في أول لقاء به، أدركت أنها فازت بأجود ما يمكن أن تجود به هذه الأرض الخصبة المعطاء. منّ الله عليها بفحل من فحول القبيلة، يفيض نضجا ورجولة وتنين لا ينفث النار من خياشمه فحسب، بل كله نار على نار.في حين أدرك هو، أن الترقية التي طالما انتظرها بسلك الجندية ها قد عوضتها ترقية أمه”هذه الجنرال “التي...
أعلى