قصة قصيرة

حين أبلغنى باكيًا بأنهم قطعوا الجميزة وبنوا مكانها بيتًا عاليًا من حجر وأسمنت، استيقظت أحزانى، ووجدت نفسى أتضاءل فى مقعدى اللين، حتى عدت الطفل الذى كنت، أقف تحت ظلالها الوارفة، تملؤنى الهيبة والامتنان، لأصطاد وجوه أجدادى التى تتساقط من فوق فروعها العفية إلى حجرى، ثم أمد كفيَّ فى الفراغ لتتلقى...
هي مشكلة المشاكل في حياتي كلها .. فهي صديقتها .. صديقة زوجتي .. وهذه المشكلة لم تبدأ بعد زواجنا ؛ وإنما قبل هـــــذا بكثير ، فهي صديقة زوجتي منذ طفولتهما وصبــــــاهما .. وهى ـ كالمعتاد ـ نديمة أحلامها وكاتمة أسرارها.. وهذا هو المزعج في الأمر.. فمنذ خطبتنا لاحظت أن زوجتي ( خطيبتي آنذاك ) شديدة...
(1) مَدْخل هل أقفُ الآن أمام بنايةٍ صغيرة أم كتابٍ كبير؟ يبدو أنني كنتُ تائهاً أو ثملاً فلم أتبيّن العنوان، لكنّ الغلاف الأمامي للكتاب كان على هيئة بابٍ ضخم، فتحتُه ودخلت، من غير شجاعةٍ ولا تَردّد. انغلقَ البابُ من ورائي بصوت ضحكةٍ مكبوتة، فقلتُ إنه لن يُفتَح بعد ذلك أبداً، وإنني لستُ سجيناً رغم...
قادتني قدماي إلى أسواق بغداد و دكاكينها ، كنت في حاجة إلى الترويح عن النفس بعد يوم طويل من العمل في حدائق القصر . في شارع المتنبي حيث مقر البعثات الدبلوماسية لبلاد الهند و السند وفارس غيرها من الأجناس ... دلفت لحانة – حانة طرفة كما هو مكتوب على اللافتة و بخط مغربي جميل - باحثا عن أبي نواس ،...
عند قدم إحدى تلال الريف ، أين يركع التاريخ إجلالا لأقوام قالوا للطغيان في عنفوانه يوما، كلمة الرفض " لا " ، يبدأ سهل فقير ، ينتهي بخانق ضيّق لأحد الأودية السحيقة . هناك في مزرعة بدائية محاطة بسياج شوكي، بُني بيت ريفي معزول من الطوب و الحصى و التبن المسحوق ، صبغ بالجير الأبيض ،فبدا من بعيد كضريح...
تواصلت الكائنات عبر الأثير بصمت دفين ، و تغازلت بالإشارات و الحركات وسط هذه " الجنة الأرضية ".هكذا ورثنا التسمية الجميلة. تنتصب الأشجار الوارفة العملاقة، كحرس دائم ، تراقب القريب و البعيد متحفزة للدفاع عن نظام بيئي متوازن . بجذورها تسرح في أعماق الأرض ،تمتص عذوبة المياه ، قبل أن تخرج من ينابيع...
ظننته مصريًّا من لهجته طول المدّة التي قضّيناها سويًّا كمدرسين بثانويّة تأهيلية بمدينة جنوبيّة من بلادي حتّى قال لي يومًا: “أنا لست مصريًّا كما ظننتني يا صديقي، أنا من أب فلسطيني من “كفر الزّيّات” ومن أمّ مصريّة من “دمنهور”. عمل أبي في شبابه صائغًا بورشة أمين الصّاغة. أحبّ ابنته الكبرى. خطبها...
قصّ عليّ صديقٌ وفيٌّ قصة "زفاف" كلب مدلل يملكه ثري في إحدى المدن السياحية الساحرة من وطني.. وسقطت من كلامه سهوا، هويةُ ذلك الثري.. كان يملك كلبا من فصيلة نادرة.. ومن حبّه له أقسم بأغلظ الأيمان أن "يُزوّجه" من كلبة جميلة من فصيلته، فجنّد خدّامه للبحث عن هذه "العروس" السعيدة، مستعملا تكنولوجيا...
في أول لقاء به، أدركت أنها فازت بأجود ما يمكن أن تجود به هذه الأرض الخصبة المعطاء. منّ الله عليها بفحل من فحول القبيلة، يفيض نضجا ورجولة وتنين لا ينفث النار من خياشمه فحسب، بل كله نار على نار.في حين أدرك هو، أن الترقية التي طالما انتظرها بسلك الجندية ها قد عوضتها ترقية أمه”هذه الجنرال “التي...
شعرت بالملل ! و الملل وباء منتشر هذه الأيام كالأنفلونزا . و لا علاج لهذا الوباء حسب العارفين . و لكنّ علاماته معروفة ، يمكن أن يشخصها النطاسيّ الحاذق بمجرّد طرح عدد من الأسئلة على الشخص الذي تظهر عليه الأعراض و الاستماع إلى أجوبته . قيل إنّ هذه الأسئلة موجودة منذ سالف العصور في كتب الطبّ ، و...
قال لي المتشرِّد »المتشرِّدون يعرفون شوارع سرِيَّة ينتقلون خلالها من الليل إلي النهار»‬. قلت »‬أعتقد أنكم تُفضِّلون البقاء داخل الليل». »‬هذا صحيح، ويستطيع أيّ متشرِّد أن يختبئ داخل الليل لعدَّة أيام، لكننا نحب النهار أيضًا، ونخرج إليه من وقت لآخر، أو نتركه يصل إلينا». تطلَّعَ حوله إلي نهايات...
دخل إلى غرفة الطبيب ثلاثة رجال وممرضة، فرحبّ الطبيب بالرجال، ورجاهم الجلوس مشيراً إلى المقاعد القريبة من الطاولة التي كان يجلس وراءها، وطلب إلى الممرضة أن تحضر لهم القهوة، فبادرت إلى الخروج من الغرفة بخطى مسرعة . قال الطبيب للرجال الثلاثة : أرجو ألاّ تعتبروا هذه الجلسة جلسة طبيب مع مرضاه بل...
كانت الجدران قديمة.. أتعبها الزمن ووزع تشققاته عليها، لتبدو كأنها تجاعيد ارتسمت على وجه عجوز.. وأرضية مَكسوة بالاسفلت المُحفر.. ومكتب خشبي فقير وكرسيان الأول حديدي متحرك لكن تلفه جعله يبدو مشلولاً، عاجزاً عن الحركة، والثاني خشبي قديم مهمل.. بهذه الأجواء أمضى (ربيع ناصر) أيام عمره في الخدمة...
القرنفلة الذهبيّة ضحكت، وهي تنزل حقيبة يدها على القاعدة البيضاء للمظلة الحمراء المقفلة. خلعت نظّارتها، وقالت إن عليه ألا يجهد نفسه مع كل الأشياء، فمقهى الفوكيت لا يمكن التعامل معه بحساسية عاطفية، لأنه، في النهاية، مكان لا خيار لنا سواه في باريس. تهرّب من عينيها قائلاً بأنه لا بد من وضع اعتبار...
(1) كان غريبا أن يسأل فلاح مثله إنساناً مثلي لا تربطه به صداقة ويحدثه عن ما رآه في نقل جسد شهيد من قبر الى آخر، وكان يظهر على وجهه الذي يتلألآ كالشمس وعينيه النجلاء الواسعة أثر سؤال يحمل بين ثناياه تساؤلات تحمل ندوب الشهقات، فاستمات لمعرفة الجواب، وكأنه يقول ذاك انا . وطالت دهشتي وأنا أحدق في...
أعلى