قصة قصيرة

دبق مزعج، كنت اشبه بسحابة ساخنة يلفها قميص في داخل غرفة طين مستعرة بلا تهوية . قبر غاية في الضيق. هممت بالخروج للبحث عن نسمة هواء باردة تخيلتها، جهازالراديو في البيت بث لحن اغنية قديمة تماهت مع رائحة التراب المرطب بالماء بفعل طريقة والدتي في تبريد الاجواء فغيرت ما انتويته، لم انهض، لكني ذهبت...
دق جرس المدرسة إيذاناً ببدء الدرس، خرج الاستاذ شاكر، من غرفة المعلمين وسط الضجة المعتادة للطلبة وهم يتوجهون الى الصفوف عبر ممرات المدرسة، كان شاكرمتعجباً من عدم وجود معلم معه في الغرفة اثناء الاستراحة بين درسين. استعرض شاكر في ذهنه سريعاً النقاط التي ينبغي التأكيد عليها في الدرس حول غزو...
ما إن دخل الرئيس الأميركي الجديد البيت الأبيض بواشنطن وتسلم منصبه الخطير حتى طلب الإطلاع على التقارير الدقيقة التي أعدها مستشاروه وخبراؤه حول حكام العالم وأحوالهم، وتعجب عندما اكتشف أن أبرع الحكام في الحفاظ على مناصبهم هم حكام من البلدان العربية، فرأى أنه من الحكمة والتعقل طلب النصح منهم لتثبيت...
هي قوارب الموت التي مات على متنها الكثير من أصدقائي غرقا في البحر ،بحر لا يرحم، بحر متجبر و قاس يغرق الفقراءالذين يركبونه بحثا عن فرص أخرى في الحياة، بحر لا يقدر على إغراق الأغنياء الذين يركبونه باليخت و الباخرة ،بحر يثور و يغضب في وجه المهاجرين السريين الذين لا يريدون من اجتيازه سوى الوصول الى...
[ كانت مسرورة من البحيرة ، ماؤها الهادىء ساعد على تلطيف الجو وتهدئة نفسها ، لقد أخذتها البحيرة بعيدا عن الضوضاء وعالم عروض الأزياء الصاخب، فاستطاعت أن تنام بلا اضطرابات ، كانت تنصت فقط لصوت ارتطام الموجات الرقيق . شعرت بالسلام والوحدة والانعتاق والحرية، ليس الحرية فى ألا تفعل شيئا،...
تدفق ماء النهرتحت ضياء شمس الصيف قويّاً صاخباً، وبدا كمن يوشك أن يهدم من دون شفقة البيوت القليلة التي شيّدها الناس على ضفتيه، فتعجّب الناس لأنّ نهرهم تبدّل فجأة ومن غير سبب، وقال بعضهم متسـائلاً بحيرةٍ : ما الذي جرى للنهر؟ كان صديقنا باستمرار، ولكنّه بات الآن شبيهاً بعدوّ قاسّ يرغب في مشاهدة...
كان جنكيز خان رجلاً من دم ونار، حين يشعر يوماً بالملل يتذكر ما أحرق من مدن وما أهلك من رجال ونساء وأطفال وكتب وعصافير وقطط وأشجار، فيختفي ملله، وتسود محله غبطة أكثر روعة من نجمة وحيدة تتلألأ في ليالي صحارى الأرض، ولكن جنكيز خان ملّ في يوم من الأيام مللاً لم يجد سبيلاً للخلاص منه، فاستاء،...
يوم الخميس ..... الأول من شهر نيسان ... شارع الجامعة في حي الكرادة يعيش كرنفال مهيب..... خمسة عشرة عربة تجرها الخيول البيضاء في زفاف مهيب وبتنسيق مسبق .... الواحدة تلو الأخرى .... عربة العروسة في المقدمة تلك ستة عشرة عربة بالتمام والكمال ..... تميزت عربة العروسة في كل شيء .... تناثرت عليها...
مالت الشمس قليلا ... نسمة الصيف تهب هادئة ... تموز في بداية ايامه ..محطة قطار الكرخ في بغداد مزدحمة بالمسافرين ... في الركن الشمالي من ساحة الانتظار توجد مصطبة خشبية خضراء جلس عليها شاب ابيض الوجه ..جميل الطلعة تجاوز عمرة الرابعة والعشرون تقريبا .التف حوله أمه وأخواته الذين جاءوا لتوديعه ...
الحارة الضيقة الرطبة بعيالها الفقارى الممصوصين، تضرب الصفرةُ أجسادَهم. ثيابهم قديمةٌ ورثَّةٌ، وجوههم تعلوها مسحةٌ رماديةٌ كأنها طبقةٌ من غبار. أشم الآن رائحة الأزقَّة الضيقة، رائحة الماء بالصابون المدلوق في الطرقات. أنصت لتمتمات العابرين في الطرقات الساعين إلى رزقهم، يدعون إلى الله طالبين العون...
كنت على وشك أن أقذف إحدى القنابل إلى الجهة المقابلة.. عندما علا صوت الرقيب طالباً مني أن أنقل الجثث من نقطة الاشتباكات إلى منطقة أكثر هدوءاً، وكانت مبرراته: أن هذا أفضل. فالجثث تعيق الرفاق أثناء التنقل، وإننا عندما نقرّر الدفن، سنجد كل الجثث في منطقة واحدة.. وتركت كل شيء من يدي، ولم أهتم...
لا أعرف كيف ـ بهذه السهولة ـ وصلت المرآة إلى يدي. كنت أحملق في وجهي وكأني أراه للمرة الأولى، وجه غريب لا يخصني، أو إنني لم أكن أراه وجها على التحديد، بل مجموعة أشياء غريبة مثيرة للدهشة، أشياء كلما أمعنت النظر فيها، كلما زادت غرابتها، زاد تجردها، وأشعر بأنها لا تخصني. وكانت الحملقة والدهشة تنعكس...
ولو! مهما يكن سفرك أمراً حتمياً وضرورياً، يحسن بك أن تتروى قليلاً. إذ كيف تسلم روحك إلى قطعة حديد لا يحفظها في السماء إلا العناية الإلهية وحسن الحظ، ويظل احتمال السقوط والتهشم معقولاً أكثر من احتمال الوصول بأي قدر من السلامة. أيمكنك تخيل ذلك؟ كتلة متفجرة من النيران تتشظى مليون قطعة بحجم كسرات...
للّهو صوت مميز، وضوضاء مختلفة. خليط من ضحك وصراخ، لأطفال وكبار. عندما يعلو بحدّ معين، يتحول، في أذن الجالس هادئاً بالناحية القريبة، إلى صوت آتٍ من بعيد. أو بوصف أدق، يأتي عبر حاجز ما، لكنه حاجز غير صلب. تماماً مثل الأصوات التي تصلك، عندما تغطّس رأسك في مياه البحر، أو تلك التي تصدر عن اليقظين...
الحلاق الذي يتابعني بنظره كلما كنت ذاهباً أو عائداً من عملي، ينظر إلي بطرف عينه من خلف نظارته التي تسندها عظمة أنفه البارزة، يتابع نمو شعري بهدوء صياد ماهر. عندما أذهب إليه أجده يضحك ضحكة واثقة، كأنه يراهن نفسه على أني سآتي إليه في هذا اليوم بالتحديد، يُرجع النظارة بإصبعه الأوسط ويضغط على مؤخرة...
أعلى