قصة قصيرة

تذكرت ذلك الولد الذي حملته معي مرّة كأرنب وديع لنمتطي الشاحنة معاً في توصيلة بين بريزينة وزاوية سيد الحاج الدّين بولاية البيّض،حين وجدته حافيا على قارعة الطريق ،بين صقيع الأرض الصلبة صلابة أهلها ورمال متليلي الزاحفة نحو الغرب، كنت حينها أتساءل في قرارة نفسي : هل يعلم هذا الطفل بشواطئ سيدي فرج...
1 هذا الليل ليس ماكينة أحلام كبيرة تطيِّر العقل. فقط لو أن له أذنين ليسمع كائناته، هذه العربة الحمراء الطائشة تحت شِباكي، أزيز الرياح الباردة التي تحرك الستائر ودرفة الشيش، هذا الصوت الموحِش للأشياء، يجلها في مرتبة واحدة معي. في الأسفل نباح الكلاب يمتزج بصخب الضحكات لبعض الشباب الصغار، هؤلاء...
قررت أن أورث ابني مهنتي . كان القرار مدروسا ولم أتعجل في اتخاذه فالأسطى بومة العجلاتي هو أول من أشار عليّ بذلك حتى لا يضيع المحل بين الورثة وكلهم طامعون ، وجاء الريس بيومي الحنش فهمس في أذني أن هذا خير يعم على الجميع فبذلك لن يدخل غريب الزقاق أما صديقي الصدوق سدرة الخياط الذي أكرهه ، وأتبادل معه...
نظر الممثل إلى الكاميرا وهو يمسك المسدس بيده ، وضعه داخل فمه مستعدا متوثبا ، ينتفض خوفا ويتداعى رعبا ، الجميع ينتظر إطلاق الرصاصة الوهمية داخل فمه .. يزحف الإبهام على جلد الزناد المبطن ببطئ ، ينظر إلى الكاميرا من جديد ، يضغطه بقوة وشراسة .. ما حدث لم يكن متوقعا ؛ إذ انفجرت جمجمته إلى أشلاء...
لقد حلم بهذا منذ زمن طويل ، ولكنه كان خائفا من ركوب الطائرة ، خائفا من كل شيء . تشبث بالكرسي بكلتا يديه ، ارتعاشة طفيفة تسري في جسده ، نظرته البلهاء البريئة تبدلت بأخرى يملؤها القلق . فجأة تذكر والديه ، الشامة السوداء في صدغ والده والخصلة الشقراء في شعر والدته ، تذكر بيته الكبير الذي ورثه منهما...
ارتقى الديكُ صخرةً صغيرةً و أطلقَ صيحةً قصيرةً كـأنـه يؤدِّي واجبا ثقيلا ثـمّ همس لنـفسه قــائـلا : مــنذ أن نَقُصَت دجاجاتُ القريةِ أصبح العملُ مُـمِلا .. يـخرجُ شـيخٌ ببطءٍ من داره و يتخذُ سبيلا يـعرفُها جيدًا نـحو الجامعِ و الظلمةُ لا تزال تُلَملمُ بقايـاها بتثاقلٍ عائدةً إلـى خدرِها .. يقترب...
استيقظت على ركلة قوية ، وقبل أن أفتح عينيّ الناعستين ، انهمرت دموع الوجع منهما ، أحسست أنّ خاصرتي قد انشقت ، وقد هالني أن أبصر أبي ، فوق رأسي وعيناه تقدحان شررا ، نهضت مسرعا ، يسبقني صراخي وعويلي ، فأنا لم أدّر بعد ، لماذا يوقظني بهذه الطريقة ؟!. ـ ساعة .. وأنا أناديك .. فلا ترد ياابن...
حين صحوت من النوم ذات صباح وجدتني يابس بلا ماء. مثل جلد أضحية مكرمش ومقدود زهد فيه الذباح فتركه معلق بإهمال على الجدار. جلدي جاف ومشقق و مشدود من أطرافه بعظامي ومقعر بالوسط كبحيرة كانت نادية بالحياة فجففتها أشعة الشمس في موسم الجفاف. فتحت عيوني على حجم الكارثة. ترى ماذا حصل لي؟. أاندلق مائي...
(( لا تنهكي )) .. وانحدرت دمعة إشفاق تبلل بها وجهها الذابل كرغيف محترق .. نكست رأسها بانكسار وخجل .. بظاهر كفها مسحت دمعتها ومخاطا لزجا ينساب أسفل أنفها .. العجوز التي تقتعد الطرف المقابل من السرير الخشبي عند أقدام الرضيعة ترمقها بنظرات ازدراء ممعنة في القسوة .. تشيح بوجهها المجعد بأخاديد...
هل تذكر بيتنا في حارة اليرموك ، يكويه حر الصيف ، ويذوب في برد الشتاء ؟! كم كان يضج بأحلام الطفولة .. أتذكر الحارة ، ورفاق الأمس ، وربيع الأنس .. ورحيق الليل في رواحات المساء ؟! ما الذي حدث لنا يا صالح .. أخبرني ما الذي حدث ؟! إنني أفتقد لذة النعيم منذ زمن ، أحلم بكثير من الأشياء ، وأفيق على أخرى...
اكتب الآن وأنا ابحث عن طرف الخيط ، خيط قصتي التي سأرويها لكم ، وأفكر في أن أشرككم في روايتها . ذلك لأن أطرافا من قصص ، بلا شك ، قد مرت بكم ذات نهار أو ذات ليلة ... فكرت في ديدرو ، حين يحدثنا عن جاك المؤمن بالقدر ، ويشركنا مسرح القصة ، فنصير جزءا من زمانها ومكانها ، يأخذنا في مسارب حكايات جانبية...
صباح يومٍ خريفي ودعنا إنديانابوليس متجهاتٍ لناشفيل. خمس سيدات في سيارة، أنا على الباب الأيمن خلف ريتشل. باتريشيا تقود السيارة. أشجار الطريق تتخاطف الألوان الدافئة، تضخها بإصرار في تيجاتها، تدّعي صحةًسيعصف بها الشتاء القادم. حاولت أخذ صورٍ للمزارع الفارة من الدرب، من أشباحه تقنص عدستي جداول...
أدرك كم هو صعب أن تصدقوني لكني سأحاول، أنا المواطن ع. ف. م، وثمة مشكلة لازمت سنوات عمري الثلاثين. اليوم فقط وصلت لجذرها؛ لساني تمَّ قطعه في حياة سابقة. قناعة بلا براهين؟! حقاً ؟! فأنتم مثل أهلي وزملائي ستسخرون دون أن تسمعوا الحكاية؟! يا سميع يا عليم لماذا خلقتهم من عجل؟! إنني أكتب إفادتي الآن،...
"لك الله يا رأسي المسكين قضيت في الخدمة ثلاثة وثلاثين تماماً لم تفز فيها بمغنم، لم تقفز فيها بفرحة لا ولا قول جميل لا ولا وصف رفيع" - أغنية شعبية ‘ 1 - في المرة الأولى لم أرى وجهه بسبب وقوفه في الصفوف المتقدمة وكنت خلفه بعدة صفوف، ولكن سمعت صوته ورأيت رأسه وكتفيه يتحركان وهو يتحدث في معسكر...
– مات هدبان من عشرين سنة على الأقل، وإذا ما تأملنا بشكل جاد التفاصيل التي تذكرها جدتي مرة وتنساها أخرى عنه يمكن أن نقول أن عشرين سنة مجرد مزحة أو استهتار علني بتاريخ كلب لمجرد أنه كلب وهذه عنصرية فجة من الإنسان الذي يعتقد أن من حقه أن يتسلط على كل شيء حتى الكلاب الطيبة. تتذكر جدتي أنه توفي...
أعلى