قصة قصيرة

(7) أتحسس مسدسي حين أسمع كلمة « ثقافة ». بهذه الصيغة، أو بصيغة قريبة منها، خرجت الكلمات من فم رجل أتعبه الحال مع ناس الثقافة، فهم مزعجون، درجة الوعي لديهم، لا تستكين إلى « فضيلة » مطلقة، لهم حاسة سابعة ترى الصورة و ما خلفها، و لا يستنيمون إلى التبرير الجاهز و السائد. كلمات الرجل الذي يتحسس...
.....أ.م.أ...... شاهدها وهي تمسح أثر الشوكولاته عن فمها بكف يدها الأيمن، فقفز بذاكرته عبر الزمن إلى بدايات مرحلة مراهقته؛ ابتسم لحظة تفتحت أمام ناظريه صورة "بطة" وهو يغريها بقطع الشوكولاته ليحصل منها على قبلته الأولى، وبطة هي فاطمة زميلته الشرهة على مقاعد الدراسة، هكذا كان يناديها، مرر لسانه فوق...
أثناء الرحلة إلي الإسكندرية كنت شديد الانتباه إلي ماحولي، مستبشرا بليونة الموج وانتفاخ الأشرعة بالريح المحركة المواتية لفرسي تفقدات حتي يتعرف علي أكثر. أجريت مع بعض الركاب محادثات ودية أطلعتني علي أن معظمهم آتون من الأندلس وبلاد المغرب، إما للحج أوالتجارة، وإما بحثا عن مورد عيش ومستقر. في...
انطلقت العبارة في رحلتها، فيممت مكانا منعزلا جلست فيه أقدر النوء تارة، وأخرى استرق النظر إلى وجوه الناس من حولي. كانت أمارات التعب والكدر تطبع معظمها، وقلة قليلة من الركاب يتضاحكون، إما من شدة الهم أو تزجية للوقت. بين الفينة والأخرى، وأنا على مقعد خلفي، كان يمر بي متسول بمبخرته وأدعيته وآخر...
مالت شمس النهار القصير إلى مغيبها اليومى، فاكتست الأنحاء الجرداء المحيطة بقلعة «فردجان» البائسة، بالوحشة الشتوية المعتادة فى الليلات الطويلات، وابتدأ البرد فى الاشتداد.. انعدمت بعد هنيهة رؤية المدى، وصفر الهواء من فتحات رمى النبال، معلناً عن عصفٍ آتٍ. ومع ذلك، ظل منصور «المزدوج» آمر عسكر القلعة...
لم يمنح المشايخ أحداً حرية التفكير، بادراك العوالم والأشياء الأخرى التي تفيض بها الفضاءات العليا، ولا كذلك عوالم الباطن الأرضي، باعتبار أن الأرض كوكبٌ، هو بالأساس من بنى السموات التحتية. اذكر أن أحدهم سألني في دار الملا أبو قعبرة قائلاً: كم حصة المؤمن من الحَريم في الجنة وكم له من النساء في...
وقفت أمام مرآتها ، أخذت تصفّف شعرها الخرنوبي بعناية . فجأة توقّفت يدها البضّة عن الحركة ، تسمّر المشط السّابح في نعومة الشّعر ، حدّقت ملياً ، قرّبت خصلة الشّعر من عينيها ، أمعنت أكثر ، تفرّست ، حتى تأكّدت من بدءِ غزو المشيب لشعرها ، صُعقت ، تراجعت ، وندّت عنها صرخة ذعرٍ حادّة : - (( لا .. لا ...
كان بورخيس الأعمى يمشي وحيدا في زقاق موحش من أزقة بوينس أيرس، في الهزيع الأخير من الليل، وكان ارتطام عكازته بالإسفلت يُسمع من بعيد. ثم حدث ما كان متوقعا. إذ اعترض طريقَه شاب يحمل سكينا، وهدده بها قائلا: - ها قد حانت ساعتُك أيها الأعمى! لقد قادتك قدماك إلي لأطعنك بسكيني هذه! بقي بورخيس رابط الجأش...
مشروع مستقبلي في ألف ليلة وليلة … رمى القدر بالخيانة في حجر شهريار؛ فقرر الانتقام من كل الخائنات في كل كتب الحواديت حتى من كانت منهن ما تزال مشروعًا لم يتحقق بعد بصيرة لمحت في حلمي ليلى تراود قيسًا عن قصيدته، يلقيها في هواء الصحراء لتتلقفها أذن ابن ورد؛ فأخفيت قصيدتي في قلبي. قصة الخلق عندما...
بسم الله الرحمن الرحيم .. إلى حضرة ابن العم الغالي ، " أبو سليم " ، تحيّة عربيّة صادقة ، أبعثها إليكَ من صميمِ القلب ، وأتمنّى أن تصلكَ وأنتَ بألفِ خيرٍ وعافيةٍ ، كما أرجو من الله عزّ وجلّ ، أن يديمكَ على رؤوسنا سنداً لكلّ العشيرة ، فنحن بفضلكَ صرنا من أقوى العشائر في المنطقة . وبعد يا...
سأريكم ما أنا فاعل ياأولاد الكلب ، وقسماً بالله لسوف أدفنكم أحياء .. منذ اليوم ستعرفون من أنا ، وعندها ستندمون على أفعالكم السّيئة معي . أنا خيرو الأشرم .. الذي كنتم تعاملونه بتكبر واحتقار ، وتمنعون أولادكم عن مصاحبته ، فإن كنتم تتعوذون من الشّيطان إن رأيتم خلقتي ، فسأجعلكم تتلون آية...
كان عائداً من عمله ، منهكاً لا يقوى على جرّ نفسه ، فتحت له "مريم " الباب ، وهتفت بفرح واضح : - " رضوان " .. أنا أعرف كتابة اسمي . ظنّها تهلوس، فهي أمّيّة مثله ، فسألها ساخراً - وكيف تعلّمتِ الكتابة ياعبقريّة ؟. - من " سميرة " ، هي التي علّمتني . خفق قلبه ، أمعقول هذا ؟! .. هل يمكن له أن...
تتبلّد عيناي الآن، كما تتلبّد سماء نفسي، تناغما مع هذا الجو الغائم الذي يَشي بمطر وشيك. وقفت أنتظر هنا قرب جدار المقبرة. بمحاذاة مكان تهدّمَ جزؤه العلوي، والباقي تتوزعه شقوق واسعة تسكنها مختلف الهوام والزواحف. أسراب نمل في كل الاتجاهات تشكل مجموعة خرائط، وكأنها تهيئ خططا لحرب مقبلة؛ فيما كائنات...
فتحت كفيك المضمومتين فجأة..فطارت يمامة وحطت على غصن شجرة جميز..نظرت الى اليمامة بإندهاش وتأملت كفيك بإستغراب..لا شيء يوحي بأنهما كانا عشا لليمامة فليس هناك طوب ولا قش , بل فقط خطوط شاردة.. ابتسمت لليمامة ..لكنها ظلت تحملق فيك بتوجس..قلت لنفسك إنها يمامتي وكفاي كانا لها بيتا من حرير , ولن أتركها...
منذ أن تمّ افتتاح هذا الفرع الجديد "للشركة المغربية لنقل الأموات"، في البناية المقابلة للعمارة التي أسكنها، تغيّرتْ حياتي تمامًا.. تغيّرتْ نحو الأسوأ. ففضلًا عن هوسي المزمن وغير المفهوم بتتبّع مواقيت دخول الموظفين وخروجهم؛ ترصّد نوعية الزهور والتوابيت المقترحة على الزبائن؛ وإحصاء عدد السيارات...
أعلى