سرد

بعد تسرب خبر الرحيل , غصت الدار . بأناس لم نراهم منذ سنين ,جاءوا ليلقوا نظرة الوادع . الجميع تناسى خُبث الأقارب, تدبير المكائد، وحدنا المُصاب منهم من أخرج المال، من تطوع بالمكوث معي بلحظاتي الأخيرة، رأيت الدموع. بأعين أخواتي , والدي أسند ظهره على الحائط القديم، ولدى لم يدرى ما يحدث حوله ,أصابته...
مع أشعة الشمس التي كانت تأكل رأسه وهو وحيدا في صحراء النقب، كان يسمع صخب أفكاره في رأسه كأنها مجموعة مسامير تدق.. ولا تنغرس. ان انفه يعمل الآن تماما كما تعمل البوصلة، وهو يشعر أنه يقترب من هدفه، أنه يعجب لنفسه كيف لم ينقطع عن التفكير العنيف طوال هذه الساعات الممضة، لقد فكر في هذه الساعات كما لم...
الليلة يطوف بنا الملك طوافه الأكبر.. فدعونا نعرف يا أحباب يظهر قادما في ضوء العواميد الاصفر المتعكر، يمشي متطوحا في عباءته الصيفية الكاشفة لمفرق صدره المشعر، والاكمام المحسورة عن عضلات بعروق منفوخة، تلمع صلعته لمعة زيتية محببة، نقوم كلنا من علي الحصيرة الكبيرة المفروشة جنب جدار الجامع، يرمي...
كُنْتُ في طريقي عائدًا من زيارتي الشهرية لطبيبِ أسناني. لطالما مثَّلت تلك الزيارةُ عبْئًا على نَفسي؛ فأنا حقًّا أبغضُ هؤلاء القومَ الذين يفعلون ما يحلو لهم بأفواهِنا، مُتكئين على عدمِ فهمِنا لتفاصيلِ فكِّنا، يؤلموننا بأدواتِهم القاتلة، ثُمَّ يطلبون منا العناية بأسنانِنا. أُراهنُ أنهم يُصرِّون...
- إلى : خالد خشّان وأمير ناصر، صاحبي التيه في ظهيرة التاسع من آذار من العام 1993 حدث هذا ... حريق هائل في المخيم .. كان مشهد ما حدث لا يتلاءم مع بدائية الحياة هناك ، كما لا يتلاءم بحال من الأحوال مع مخيلتي- آنذاك- لشكل ما يمكن أن يصله الإنسان ــ كفرد أو جماعة ــ في لحظة انفلات الوتر من كل...
عندما ماتت الاغنية تفتقت عيون الرمل ( مقولة ليست لغرامشي) ياأخ، الان اشنق اغنيتك فوق صليب النسيان. فالشومان ،شوماني المصابة بالصداع ورجفة القلب لاتحبذ الاغاني، حتى انها ، يارفيق ، لاتحبذ ترنيمة معقولة لتوديع موتاها، الذين اختاروا لفرط العمر والرمل والنكبات ، العبور طواعية الى الجانب الاخر من...
إنه صباح الثلاثاء، الـتاسع من شهر "تير" سنة ١٣٨٨، أما في أغلب بقاع العالم فانه الثلاثون من شهر يونيو سنة ٢٠٠٩. استيقظتُ مرهقاً بعد ليلة كتلك، حتى أنني كدت أنسى التفاصيل الأخيرة للأحداث التي سبقت سقوطي في نوم عميق حاولتُ انتشال نفسي منه بصعوبة بالغة. كنتُ عارياً ومتعرقاً وقد فاحت مني ومن الفُرش...
مَنْ سيضبط حركة الزمن في الشلامجة؟ هذا السؤال أقلقني كثيرا، ربما كان من الصعب عليَّ إطلاق سؤال كهذا أو حتى تصور قبوله. أنا "شمروخ" وحسب. "خوشكه" أدركَ دنو ذاته، فأهاب بالظنون التي أتاحت له نفسها بالتدريج. لكن الحرب جعلتني أتعقب مرغما قهقهة الدقائق، وهي تقنص تَشوش ادراكي المستبد. لم أتحرر من أسار...
1. حين تلقى الخبر.. انطلق يعدو في الشارع، فرح غريب يقتحم صدره، كيف يا ترى يكون ابنه.. هل يشبهه؟ 2. منذ أشهر طويلة وهو يذرع الطرقات والشوارع الواسعة بحثاً عن قاتل ابيه.. لقد أضناه البحث ولكنه لا يستطيع ان يرجئ هذا الأمر وقد علم الجميع بقرار ثأره الحاسم. 1. هل سيكون جميلاً! حتماً ستكون له عينان...
- إنه هناك في الزاوية المقابلة .. خلف حقيبة السوداء .. إنه يسخر مني بوجهه القبيح ..أمسكوه ..أمسكوه ليذهب إلى الجحيم .. لا أريد أن أراه .. المفتاح ..المفتاح معلق في رقبة ! يقذفه في الهواء ثم يلتقطه بحركاته البهلوانية ، مفتاح الكون .. المصير ، والصراع الدائم ، المهزلة ، التحدي الصارم الموت والحياة...
في السماء السابعة، كانت تردد الآلهة ( إنانا * : مَن خان روحه ولم يحقق حلمه تحل عليه اللعنة . هكذا منذ آلاف السنين ، تناثرت الزقورات ، التي شيدت بالعرق والدم ، في تلك الأزمنة العامرة بالشهوة والقسوة ، كان كل البشر يتوقون الصعود الى السماء . في تلك السماوات النقية التي تخلو من الأمراض والشرور...
حتى الآن هو تحت البطانية يتقلب .. ساعة .. ساعتان مرتا وهو يمارس تلك الحركات اللاشعورية أو الشعورية .. هكذا هو دائما قبل أن ينام .. لا بد أن تمرّ مثل تلك الساعتين أو أكثر منهما لكي يكتشفَ أنّ الصباحَ يطرق على شباك تلك الغرفة القصية .. يوقظه لممارسة مهام روتينية ، صارت محببة إليه بالإجبار لكنه...
إلى وجدي الأهدل وحسن بلاسم ما من شك أني شاركت الشيطان حساءه هذا الصباح : لا للوقوف المقيت على الرصيف ، بانتظار الحافلة المعطوبة ،رقم "7"، التي ستقلني إلى قعر المدينة حيث أضحك على نفسي، فيما يشبه ،وظيفة لاتليق إلا بخنفس . أقول . فأركض من لقاء لحظة عابثة ، وراء عجيزة أنثى ورافة الجهتين . أخطط...
على بعد عشر خطوات سوف يلتقى بصديق الفكره "عمر شهاب" منذ عشر سنوات لم يلتقيا وأخيرا سمع صوته الحاد الجاد فى الهاتف سائلا عنه. توفيق ابراهيم نعم أريد أن أقابلك من أنت؟ عمر شهاب لم يصدق أذنيه للوهلة الأولى.. انغمست عيناه فى دائرة الصوت فى الساحة العامة بدأ يسير.. حتى دخل من منعطف ضيق فى شوارع حى...
حين لم يرها، كعادته كل صباح، تغزل سمرته بعينيها اللوزيتين العذبتين، حدث ما لم يكن يتوقعه أبدا. تدلى من جبينه طفل يضحك، طفل يجلس على حافة نهر، يلاعب السلاحف الصغيرة، ويُنِيمُها على يديه المملوءتين بالحصى والعشب الطري. كم كان يشبهه ذلك الطفل السُلْحُفي الضاحك.. لم تقل له إن أرجوحة النوم لا تتسع...
أعلى