سرد

كانت تجلس في زاوية على درجات جسر لمحطة القطار المحلي و على جانبيها ولدان صغيران كانا يتراوحان بين الغفو و الصحو. ربما كان عمرها يناهز العشرين. وعلى الرغم من آثار التعب والمشقة الظاهرة على محياها، كانت ملامح وجهها و منظر جسدها الخارجي تشي بأن كانت لها أيام النعمة ورفاهة البال قبل أيام الشقاء و...
الشتاء بأظافره -التي كمخالب الدببة الأسترالية- يكشط جثث البراغيث عن جلده الأسمر، ظنّها جلداً ميتاً، وقدّر أنه تحوّل بطريقةٍ ما إلى زاحفٍ قرر تبديل جلده في الموسم المناسب. الفانوس العتيق على كوة جدار غرفته الطينية رسم من الظل كائنات ناهضة على أحد الجدران العارية من الطلاء، كانوا يرقصون في الخارج...
سألتها... والبوابة الحديدية تئزأنينا مع دفع يدي: - لم تحول السور صخرا وإسمنتا يقصف الخضرة اللينة الماضية؟ لم رحل القصب المصطف بأخوة على امتداد أرضنا ينسج سورنا الشفاف؟ ...وهذه البوابة الحديدية متى علاها كل هذا الصدأ؟ ولكنها لم تكن أمام البوابة لتجيبني. على الممشى الترابي الطويل مشيت. باب الدار...
لم يسرق صابر الشمس وا نما هي مجرد تُهمة لفّقها المحقّق وأقرّتها محكمة الجنايات... أخبرني صاحب الكلام أنّ صابر لم يكن في يوم من الأيام من عُشاق الشمس ولا من أصحابها ولا من هُواة أشعتها... كان يعشقُ الظل ويمشي حذو الجدران حتّى لا تراه الأعين الضّارة،كان منكفئًا على نفسه لا يهتمّ بأحد... كانت صلعته...
وجهي احترق جسدي مثخن بالجراح... وروحي متهالكة! أقف أمام مرآتي وذلك الصوت العابر للسنوات الست يصم أذني، ألمح في المرآة رفات امرأة تتنفس! هذا ما بقي مني، مرآتي يا مرآتي! من هذه الغريبة التي أراها في قلبك؟ فتجيب بوقاحتها المعهودة! أرى الانعكاس بركانا يتهيأ للإنفجار وتدمير كل شىء في دربه...غير...
اندفع الغضب والتملك إلى عينيها دفعة واحده ، تشنجت عروق رقبتها المصفرة البارزة ، واجهتني مثل قطة جائعة تنقض على دوري يتدرب على الطيران ، قالت من بين أسنانها المنخورة : - وأين بقيه الراتب..؟ هذه المرأة لا تعرف غير الحاجة والفقر والمطاردة ، أراقبها كل شهر ، تصر النقود القليلة التي احضرها في حقيبتي...
1- ذات صباح مضطرب في منتصف كانون الثاني يستيقظ شاب عشريني رُغمًا عنه بضعف جسديّ وعقل مشوش، ليجد بردًا قارصًا وشمسًا متوهجة تشعل ضوضاء السكون التي تلازمه. “إنّ هذا البرد لن يفارقني ما دمت حيًا” ـ لفظ بها ببرود قبل تحرّكه من فراشه، ثمّ قام بإشباع رغبته الحيوانية بوضع قطة خبز في فمه وارتدى ملابسه...
صدْر الولد كان شهيّا، كان شهيّا صدر الولد.. مستـفزّا كان، تحت مريوله المخطّط المتواضع، اللعنة!.. ما الذي جعلني أنظر إلى صدره؟ منذ الأمس جاءت التعليمات.. سنضرب .. نظرت إلى سلاحي على جنبي، أحسست أنّني أقـف على رأس الهاوية.. القانون هو القانون، امتدّت يدي إلى السّلاح، لمسته، ملأت به كـفّي، سنضرب...
" وليس في جزيرة لنبذوشة شيء من الثمار أو الحيوان" الإدريسي ( قبل عشرة قرون) طلَبتِ منّي أن أقصّ عليكِ ما حصل. لن أبدأ من البداية، فأنتِ تعرفينها بجلّ تفاصيلها وسأكتفي بذكر ما حدث في الأيام الأخيرة: صحوتُ فوجدت نفسي في إحدى غرف ذلك المستشفى لعلّها غرفة إنعاش وكان منصور ابن عمتي في الركن الآخر...
انكشاط الأرجل على حجارة المقابر، جعل حارس المقبرة ينتفض ويقشعر بدنه، لمن هذه الخطوات الثقيلة؟ تمتم فى سره.. انتظر تأقلم عينيه مع العتمة،الأموات الجدد لايندمجون مع الأموات القدامى، مازالوا متعلقين بدنياهم، كذلك كان يعتقد عبد الصمد حارس المقابر، المهنة التي ورثها عن أب وجد، يجيدها يستقبل...
رغم اتساع الطريق، وقلة الازدحام فيها، كانت سيارة "KIA" الكُحليّة تسير على مهل، كأن سائقَها لا يستعجل الوصول إلى مكانٍ محدد، أو كأن لديه ما يشغل باله ويجب أن يقلّبه في خلوةٍ مع نفسه. تَشي "الذبلةُ" في بنصُرِهِ الأيسر بأنه متزوج، ليس هذا فحسب، فالمقعد الخلفي تتوزّع فوقه أكياس مشتريات، من بينها مما...
اِستفاق على صياح الحيّ مذعورا ماذا هناك؟ و ما الّذي يحدث، في مثل هذه الساعة، في مثل هذا اليوم خصوصا؟ ومَنْ محرّك كلّ ذلك؟..."اِنهاروا من صباحوا كيما ايقولوا"...استغفر الله العظيم... استغفر الله العظيم... استغفر الله العظيم... فتح النافذة المطلّة على الخارج. ماذا أرى؟ يا إلهي... متجمهرون في...
" أبي أخاطبك فلما لا تجيبني؟ أبي أنت لا تسمعني، أبي أنت دائم الشرود و الوجوم. أبي لما لا تلعب معي؟ أبي لما أنت متعب دائما؟ أبي لما تعمل كامل أيَام الأسبوع و كامل ساعات اليوم؟ أبي لما تجيب بتركيز مطلق و يقظة تامَة على معظم مكالماتك الهاتفيَة في حين تجيب باقتضاب أو لا تجيب مطلقا على أسئلتي؟ أبي هل...
رنّ جرس الهاتف في غير وقته الاعتيادي تقريباً ! كانت المتصلة أم أيمن، الجارة التي أدمنت قرع الأبواب ودق الهاتف لإزعاج جيرانها وأقاربها بالأخبار والوشايات والغيبة والنميمة. ردت جارتها أم حسن، وبعد التحيات وكيف الحال وكيف أصبحتم؛ بادرتها بوشاية طازجة، ــ ألم تعلمي بقصة ابن جارتنا ذلك الشاب الطائش...
دخل رجلان أجنبيان إلى المقهى، وفي اللّحظة التي قال فيها أحدهما: بوينس ديّاس أدرك هو أنهما سائحان إسبانيان، لم يكن عارفا بالّلّغات و لكن هناك كلمات، وهي في الأغلب التحايا ،ظلّت بفعل تعاودها معلّقة أمام عينيه في تلك الدائرة الوهميّة التي لا يراها غيره. اقتربا منه،قال الأوّل: كابوتشينو... بينما قال...
أعلى